فلاسفة في الرياض يؤكدون أن الأطفال فلاسفة أيضا

الرياض– تختتم الجمعة العاشر من ديسمبر فعاليات مؤتمر الرياض الدولي الفلسفي الذي افتتح الأربعاء بجلستين شارك فيهما فلاسفة ومفكرون من مختلف جنسيات العالم.
وبمناسبة هذا المؤتمر الأول من نوعه في السعودية أكد رئيس المؤتمر العالمي للفلسفة لوكا ماريا سكارانتينو خلال مشاركته في المؤتمر، أن دعوة الفلاسفة إلى المملكة لها أثر كبير يتجاوز حدودها إلى بقية دول العالم، مشيداً بدور الجزيرة العربية منذ الأزل في نقل الثقافات والعلوم الفلسفية، حيث كانت جسراً ثقافياً لربط العالم العربي ببقية دول العالم.
وفي جلسة بعنوان “نقل الفلسفة وابتكار نماذج تعليمية جديدة لعالم متغيّر”، ركز المشاركون على الأطر التعليمية المعاصرة للفلسفة في التعليم الثانوي والعالي، بالإضافة إلى مقترحات مناهج جديدة لتعليم الفلسفة، والإمكانيات المقارنة لتعليم الفلسفة في مختلف السياقات الجغرافية والمجتمعية.
وتحدث الفيلسوف الأميركي كريستوفر فيلبس عن أهمية إتاحة الفرصة للأطفال، والتأكيد على وجوب قيادتهم في الكثير من المجالات، لأنه من الممكن أن يكوّنوا كلمات معبرة يتعلم منها الكبار، داعياً إلى التقليل من فكرة أن الأطفال ليسوا فلاسفة، بينما تحدثت المستشارة التربوية ومؤسسة ومديرة “بصيرة” للاستشارات التعليمية داليا تونسي، عن التعليم الفلسفي للأطفال وما يسمى بفلسفة الطفل التي بدأت في سبعينيات القرن الماضي لمحاولة فهم من هو الطفل.

ماريا سكارانتينو: دعوة الفلاسفة إلى السعودية لها أثر كبير على بقية دول العالم
وتخللت الجلسة كلمة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بعنوان “أعمال اليونسكو في تعزيز الفلسفة” استعرض فيها اختصاصي البرامج لدى المنظمة بيدرو مونريال غونزاليس جهود المنظمة في تعزيز الفلسفة التي تُجسد بالنسبة إليها عملية تفكير شاملة، وتوفر تحليلاً يغطي جميع التخصصات من أجل تحسين فهم العالم وتحديد الاستجابات المناسبة لما يواجهه من تحديات.
وذكر غونزاليس أن الفلاسفة يؤدون دوراً مهماً جداً في توضيح التحديات المعاصرة، لاسيما التحديات المتعلقة بالأخلاقيات والعدالة، وتعد المنظمة أن مسائل التفكير النقدي والاستشراف والمنطق الأخلاقي هي عناصر مهمة جداً لبناء المجتمع السليم، لذلك تسعى اليونسكو إلى تعزيز المنظور الفلسفي في جميع برامجها ومجالات عملها.
وفي الجلسة التي تلتها تحدث المشاركون حول “الجانب الجيد لمفهوم اللامتوقع في الفلسفة”، وأوضح رئيس المؤتمر العالمي للفلسفة أن جميع الجهود الحالية تجبر المتخصصين في الفلسفة على تقييم تخصصهم وعلاقته بمختلف أمور الحياة، لأن الفلسفة بكامل مكوناتها تبحث عن مفاهيم ومراجع جديدة تفهم تعقيد حياتنا.
وخلال الجلسة قدم رئيس مجلس إدارة جمعية الفلسفة السعودية عبدالله المطيري عرضاً تعريفياً عن الجمعية، مستعرضاً تاريخ الفلسفة في السعودية، وبداية الاهتمام بها، والخطوات والمراحل التي مرت بها، والخطوط المعرفية لها، التي تتمثل في المعرفة الدينية واللغوية، بينما شارك المهندس والكاتب والفيلسوف حمد الراشد بورقة عمل بعنوان “التداعيات الفلسفية اللامتوقعة في علاقة الإنسان بالتكنولوجيا”، تحدث فيها عن حدود وإيجابيات الفلسفة في مواجهة الأزمات غير المتوقعة، والحاجة إلى تطوير أنماط فكرية جديدة لتحويل ما هو غير متوقع إلى مسؤولية مستدامة.
فيما قدم نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الفلسفة السعودية شايع الوقيان ورقة بعنوان “فلسفة الأمل: الاتجاه نحو اللامتوقع”، تحدث فيها عن فلسفة الأمل وتعريفها، مبيّناً أن هناك من يخلط بين الأمل والتوقع، فهما يتفقان في الاتجاه إلى المستقبل، ويختلفان في أن الأمل مصحوب بالرغبة والرجاء، والتوقع ينطلق من الوضع الراهن وحيثياته.

يشار إلى أن “مؤتمر الرياض للفلسفة” قد انطلقت أعماله الأربعاء الثامن من ديسمبر، ويعد أول مؤتمر فلسفي من نوعه يقام بالسعودية، وتنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة على مدى ثلاثة أيام، من الثامن حتى العاشر من ديسمبر الجاري، في مقر مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض، بمشاركة عدد من المتخصصين وخبراء الفلسفة ونظرياتها وتطبيقاتها الحديثة من جميع أنحاء العالم؛ بهدف إيجاد مساحة حوار تناقش مستجدات علم الفلسفة وتطبيقاته الحديثة، وتدعم المحتوى الفلسفي متعدد الأبعاد والآفاق، بالإضافة إلى بناء جسور التعاون بين المؤسسات الناشطة في مجال الفلسفة من مختلف دول العالم، والدفع بعجلة البحث العلمي والأكاديمي في المجال الفلسفي، وقد اعتمد في دورته الأولى مفهوم “اللامتوقع” كمحور مركزي سينسج من خلاله الحضور موضوعاتهم وتأملاتهم وأبحاثهم من خلال المحاضرات، والجلسات العامة، والورش الفلسفية المتنوعة.
وأوضح الدكتور محمد حسن علوان، الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة، أن المهمة الرئيسية للمؤتمر تتمحور حول تعزيز حضور الفلسفة في المجتمع، وتداولها على أوسع نطاق عبر النقاشات الفلسفية المتنوعة التي سيقدمها ضيوف المؤتمر من المفكرين والنقاد العالميين رفيعي المستوى الذين سيتناولون المفاهيم الفلسفية الأساسية والمعاصرة من محاور متعددة، وبما يكفل تعزيز التفكير الفلسفي وأساليبه وأدواته في مجتمعنا.
وسيغطي برنامج “مؤتمر الرياض للفلسفة” مجموعة من الجلسات العامة التفاعلية وورش العمل التي تتناول القضايا المعاصرة، وتسلط الضوء على دور الفلسفة في فهم العالم اليوم، إلى جانب تغطيتها للحالة الإنسانية الراهنة، وما يؤثر فيها من وقائع غير متوقعة مثل جائحة كوفيد – 19 وتأثيراتها الأخلاقية.
وتهتم السعودية بشكل كبير بالفلسفة التي كانت قبل سنوات غائبة عن الساحة الثقافية والتعليمية، وفي هذا الإطار تأسست قبل سنة أول جمعية فلسفية مرخصة في تاريخ السعودية، ولقي الخبر صدى واسعا على موقع تويتر في خطوة اعتبرها مغردون سعوديون بداية الإجهاز على إرث الفكر الصحوي الذي لطالما حرّم التفكير النقدي وخاصة الفلسفة.