فقر الدم والبدانة تحديات صحية في تزايد مستمر عند المراهقين

تزيد بشكل واضح التحديات الصحية التي تواجه الشباب وخاصة المراهقين حاليا عن تلك التي واجهها الشباب منذ عشرات السنين رغم كل ما يوفره العصر الحالي من رفاهية وتطور طبي وتقني. ويعاني المراهقون في منطقة الشرق الأوسط من زيادة الوزن والبدانة وفقر الدم، بالإضافة إلى ارتفاع معدل الانتحار ومشكلات الصحة العقلية والعنف بين الأفراد.
لندن – يواجه شباب اليوم تحديات صحية أكبر من تلك التي واجهها الشباب منذ 25 عاما، لكن الاستثمارات في رفاهتهم لا تتماشى مع زيادة التحديات، وفق ما ذكرت دراسة نشرتها دورية “ذالانست” الطبية.
وفي عام 2016، وصل عدد الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 10 إلى 24 عاما 1.8 مليار شخص، وهو أعلى رقم في تاريخ البشرية. وكان النمو في الدول ذات الدخل المنخفض والدخل المتوسط حيث لا تتماشى الاستثمارات في أنظمة الصحة والتعليم والنظام القانوني مع التغير الديموغرافي.
وأفاد مقال نشر في مجلة “نايتشر” العلمية بأن فريقا دوليا من الباحثين اقتفى أثر تقدم صحة المراهقين في 195 دولة ما بين عامي 1990 و2016، مقابل 12 مؤشرا، من بينها استخدام التبغ والبدانة وفقر الدم والتعليم الثانوي وزواج الأطفال وأمراض التغذية والأمراض المزمنة.
وقال علي مقداد مدير مبادرات الشرق الأوسط في معهد التقييم والمعايير الصحية بجامعة واشنطن في الولايات المتحدة الأميركية “لقد أوضحنا من قبل أن الصحة والتعليم عنصران مهمان للتطور الاقتصادي. وتُقدم هذه الدراسة دليلا على أن الصحة المجتمعية لا تستثمر في صحة المراهقين".
وأوضحت الدراسة أنه بالمقارنة بعام 1990 فإنه توجد زيادة في عدد المراهقين الذين يعانون من زيادة الوزن والبدانة يُقدر عددها بـ180 مليون مراهق، كما توجد زيادة في عدد أولئك المراهقين الذين يعانون من فقر الدم تبلغ 75 مليون مراهق. وكان المراهقون الذين يعيشون في الكويت وقطر من بين تلك المعدلات الأعلى في البدانة.
السياسة الصحية العالمية ركزت على صحة الأطفال والأمهات، لكن فيما يتعلق بالمراهقين، فقد افترض أنهم أصحاء نسبيا
وإجمالا، فإن العدد المطلق للشباب الذين لا يُكملون تعليمهم الثانوي تغير قليلا عن عام 1990، حيث ظل عند حوالي 300 مليون مراهق، لكن عدد الشابات في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط يقل خمسة أضعاف في ما يتعلق بالتوظيف والتدريب بالمقارنة بعدد الشباب.
وفي الأماكن التي تُعاني من الاضطرابات في الشرق الأوسط، فإن معدل انتحار المراهقين يشهد ارتفاعا، بالإضافة إلى العنف بين الأفراد ومشكلات الصحة العقلية. وأوضح مقداد “بسبب الاضطرابات التي تشهدها بعض الدول، يواجه المراهقون عبئا صحيا مزدوجا من الأمراض المعدية وغير السارية”. ويوجد أكبر عبء ناجم عن الإصابات التي يعاني منها المراهقون في جميع أنحاء العالم في سوريا وأفغانستان واليمن والعراق.
ويحرص الباحثون على إعادة الدراسة من خلال تضمين المزيد من المؤشرات. ويقول مقداد “إن هدفنا هو عرض أن الاستثمار في هذه الفئة العمرية هو قرار حكيم، وسيكون له عائد مرتفع على الاستثمار”.
ويقول الباحثون إن صحة المراهقين في العالم قد ساءت خلال الأعوام الخمسة والعشرين الأخيرة.
وطبقا لنتائج الدراسة، فإن النمو السكاني السريع الذي تشهده الدول ذات الدخل المنخفض، والتي تواجه أسوأ تحديات صحية في العالم، قد تجاوز المكاسب الإيجابية الناتجة عن الجهود الصحية.
ويوجد حاليا 1.8 مليار مراهق في العالم، بزيادة نسبتها عشرون بالمئة عن عدد المراهقين في 1990، لكن من بين هذا العدد، يوجد 430 مليونا أو 24 بالمئة يعانون حاليا من نقص الحديد، بزيادة قدرها 74 مليون مراهق.
وفي خضم أزمة صحية خطيرة بصورة فريدة في جميع الدول، فإن قرابة 324 مليون شاب يعانون إما من زيادة في الوزن وإما من البدانة، وقد تضاعف هذا العدد في خلال 25 عاما فقط.
وعلى الرغم من أن هذه هي أول محاولة على الإطلاق لقياس صحة ورفاهة المراهقين تُقدم قراءة واقعية، فإنها تقدم خطة عمل فريدة لتحسين صحة المراهقين.
وقال بيتر أزوباردي، الذي ترأس الدراسة وهو باحث في مجال الصحة في معهد بورنت ومعهد مردوخ لصحة الأطفال وجامعة ملبورن، “بالنسبة لبعض الدول، فقد حققنا تقدما جيدا بصورة هائلة في صحة المراهقين، لكن بالنسبة للمجتمع العالمي فإننا لم نحافظ ببساطة على مواكبة تلبية الحاجة.
وتابع “لأسباب وجيهة للغاية، فإن السياسة والبرمجة الصحية العالمية قد ركزت على صحة الأطفال والأمهات لمواجهة ارتفاع معدل وفيات الأطفال والأمهات، لكن عندما يتعلق الأمر بالمراهقين، فإننا افترضنا فقط أنهم أصحاء بصورة نسبية. ونتيجة لذلك، فإننا إما لم نجمع بيانات وإما أننا عندما جمعنا بيانات، لم نكتب تقارير عنها بصورة ممنهجة، لكن الوقت قد حان الآن بالفعل للتركيز على صحة المراهقين.
ويضيف “إن الاستثمارات في صحة المراهقين يمكن أن تجعل صحتهم أفضل، وتجعل منهم بالغين أفضل صحة وجيلا قادما صحيا أكثر بثلاث مرات الآن”.
وتوصلت نتائج الدراسة إلى أن الجهود الصحية العالمية تحتاج إلى تحديد أولويات واستهداف بصورة أفضل. ووفق التقرير فإنه في الدول الأكثر ثراء هناك حاجة للتأكيد على التعامل مع المخاطر الصحية للمراهقين مثل تعاطي المواد المخدرة والإسراف في تناول الشراب والبدانة، لكن في الدول ذات الدخل المنخفض، فإن الأولوية الرئيسية لا تزال تحتاج إلى أن تكون تحسين المحددات المجتمعية للصحة مثل التعليم وإمكانية الحصول على مواد منع الحمل ومواجهة المعدلات العالية من زواج الأطفال وحمل المراهقات.
ويضيف التقرير “إن من المهم حقا فهم هذا لأن الدول الأكثر ثراء هي التي حددت على نحو كبير جدول أعمال صحة المراهقين وانصب جُل تركيز هذه الدول على المخاطر الصحية، لكن وبحسب البيانات يتبين أننا بحاجة إلى توسيع نطاق منظورنا وتحسين المحددات الاجتماعية للصحة في هذه الدول الأخرى، بالإضافة إلى التعامل مع الأعباء الناجمة عن الأمراض والإصابات”.