فشل جهود وساطة قطرية بين تركيا والولايات المتحدة

أنقرة - تحدّثت مصادر تركية وغربية متطابقة عن قيام أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بزيارة سرّية للعاصمة التركية أنقرة أعقبت زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة، وذلك بهدف إطلاع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على نتائج زيارته لواشنطن ومحادثاته مع الرئيس دونالد ترامب وعدد من أركان إدارته.
وأوضحت المصادر ذاتها أن زيارة الشيخ تميم لأنقرة جاءت يومين فقط بعد عودته من الولايات المتّحدة، وذلك حرصا منه على أن يطلع أردوغان بنفسه على نتائج وساطة سرّية حاول القيام بها بين أنقرة وواشنطن لتخفيف حدّة التوتّر المتصاعد بينهما على خلفية اقتناء تركيا لمنظومة الدفاع الصاروخي الروسية أس 400 ورفض أنقرة التراجع عن الصفقة ما جعل واشنطن تقرّر حرمانها من اقتناء المقاتلات أف 35 بالغة التطور وإلغاء مشاركة الخبراء الأتراك في برنامج تطوير المقاتلة، فضلا عن تهديدها بفرض عقوبات اقتصادية عليها.
وأكّدت المصادر أن تلك الجهود فشلت وأنّ الولايات المتحدة رفضت بشكل قطعي مقترحا قطريا بـ”تجميد الخلاف” مع تركيا والإحجام عن اتخاذ أي إجراءات عقابية ضدّ أنقرة، على أن تقوم الدوحة لاحقا بمساعٍ لدى القيادة التركية للحدّ من تعاونها الدفاعي والعسكري مع روسيا وحصره في المنظومات التي تمّ اقتناؤها بالفعل، دون الإقدام على اقتناء المزيد من الأسلحة الروسية.
وأوضحت أن تفاصيل الوساطة القطرية سطّرتها تركيا ذاتها وتضمّنت أيضا عروضا من أنقرة على واشنطن بالتعاون معها “في ملفات أخرى” سياسية واقتصادية وعسكرية.
وبحسب المصادر نفسها فقد كانت تركيا تعوّل على ما سيقدّمه أمير قطر من إغراءات مالية لإدارة ترامب المهوسة بالاقتصاد وخلق الوظائف خلال زيارته لواشنطن، ما سيساعد -بحسب التوقّعات التركية- الشيخ تميم على تمرير وساطته وإنجاحها.
ويقول دبلوماسي غربي سبق له العمل في تركيا وله اطلاع على كواليس السياسة التركية إنّ أردوغان أصيب بخيبة أمل كبرى كون ترامب حصل على كمّ كبير من الأموال القطرية دون أن يمنح الشيخ تميم أي وعد بإعادة النظر في الخلاف مع تركيا.
وكانت زيارة أمير قطر الأخيرة إلى الولايات المتّحدة قد شدّت انتباه الملاحظين بضخامة الأرقام المتعلّقة بصفقات قطرية أميركية أو بوعود استثمارات قطرية في الولايات المتحدة، حيث وعد الشيخ تميم بمضاعفة حجم تلك الاستثمارات البالغة 185 مليار دولار، أو حتى بهبات من الدوحة لواشنطن مثل مبلغ الـ8 مليارات دولار الذي قال الرئيس ترامب إنّ قطر تطوّعت بإنفاقه على توسيع وتطوير قاعدة العديد العسكرية الأميركية الواقعة قرب العاصمة القطرية الدوحة.
وكان متابعون للشأن الخليجي قد وصفوا زيارة الشيخ تميم للولايات المتحدة بالمحبطة للقيادة القطرية، بالنظر إلى أن نتائجها صبّت في اتجاه واحد وهو المصلحة الأميركية دون أن يحصل الجانب القطري على أي مكسب يذكر، عدا بعض عبارات المجاملة من الرئيس دونالد ترامب وعدد من المسؤولين في إدارته، هذا دون اعتبار بعض الإيحاءات السلبية في عبارات ترامب الموجّهة للشيخ تميم والتي يفهم منها أنّ مدار العلاقة بين واشنطن والدوحة هو مجرّد استحصال الأموال القطرية بعيدا عن “الشراكة” التي تقول قطر إنّها تقيمها مع الولايات المتحدة.
ورحّب ترامب خلال لقائه الشيخ تميم باستثمارات قطر في بلاده، وقال إنها من بين الأكبر في العالم، وموضع تقدير كبير في واشنطن، مشيرا إلى عزم الدوحة عقد صفقة لشراء طائرات من شركة بوينغ الأميركية، ولافتا إلى أنّ الصفقة ستوفّر الكثير من فرص العمل بالولايات المتحدة.
وكثيرا ما ينظر ملاحظون للعلاقات الوطيدة التي ربطتها الدوحة مع أنقرة، على أنها علاقات غير متكافئة تعرّض قطر للاستغلال والابتزاز والتوظيف من قبل تركيا، خصوصا في ظلّ العزلة عن المحيط العربي والخليجي المباشر التي انساقت إليها قطر بسبب سياساتها المهدّدة للاستقرار ودعمها للحركات والتنظيمات المتشدّدة والإرهابية ما دفع كلاّ من السعودية والإمارات ومصر والبحرين إلى مقاطعتها قبل أكثر من سنتين سعيا لدفعها إلى العدول عن تلك السياسات دون جدوى إلى حدّ الآن.