فشل جديد للإعلام القطري في أميركا.. إغلاق منصة "رايتلي"

بعد أقل من عام من ظهورها الأول أغلقت منصة "رايتلي" الرقمية التابعة لشبكة الجزيرة الإعلامية، ما يمثل فشلا جديدا للإعلام القطري في الولايات المتحدة.
واشنطن- توقفت “شبكة الجزيرة الإعلامية” القطرية عن إنتاج المحتوى لمنصتها الرقمية المحافظة في الولايات المتحدة “رايتلي” (Rightly).
وعلقت الشبكة في ديسمبر الماضي برنامجها على المنصة الرقمية الذي كان يشرف عليه مدير تحريرها سكوت نورفيل الذي سبق أن ساعد في إطلاق قناة “فوكس نيوز” عام 1996.
ولا يزال نورفيل جزءا من الشبكة، لكن من المتوقع أن يتنحى في الأشهر المقبلة، وفقا لما ذكرته “أكسيوس”.
وأطلقت قناة الجزيرة “رايتلي” العام الماضي “لتوفير أصوات جديدة غالبا ما تترك خارج وسائل الإعلام الرئيسية مساحة للمشاركة ومناقشة القضايا التي تهمهم أكثر من غيرها”، وفقا لبيان صدر في ذلك الوقت.
وذكر “أكسيوس” أنّ العاملين في برنامج المنصة لم يُحذروا إلا قبل وقت قصير من إقفالها. وقال أحدهم إنهم علموا أن القرار “متعلّق بالميزانية”. وأكد براد بولومبو الذي عمل في “رايتلي”، لـ”أكسيوس”، خبر إغلاقها. ووصف تجربة العمل فيها بـ”الرائعة”، مبديا خيبة أمله.

الجزيرة تعمل جاهدة من أجل تعزيز تواجدها داخل المجتمع الأميركي لجذب أكبر قاعدة جماهيرية
وقال نائب الرئيس الأول لتطوير الأعمال والنمو في “الجزيرة” مايكل ويفر إنّ الشبكة لا تزال تقيّم “رايتلي”. وأضاف “نحن نقيّم باستمرار كل شيء نعرضه على الهواء”، دون تحديد المنتجات التي قد يتم إنتاجها في المستقبل من العلامة التجارية.
وكان القرار المفاجئ بإطلاق مشروع “رايتلي” قوبل باعتراضات من موظفي الجزيرة، حيث قال الكثيرون إن إطلاقه “سيشوه العلامة التجارية للشبكة وعملها بشكل لا يمكن إصلاحه”. وفي رسالة مفتوحة إلى إدارة الجزيرة، كتب الموظفون، بما في ذلك المنتجون التنفيذيون والمقدمون والمراسلون “الإعلام في الولايات المتحدة مستقطب بالفعل وإضافة رايتلي ليس حلا بل هو تعميق للمشكلة”.
وأضافت الرسالة “أولئك الذين يعملون منا في الولايات المتحدة يواجهون بالفعل تحديات هائلة، وستصبح وظائفنا أكثر صعوبة الآن بعد أن ارتبطنا بتعزيز أيديولوجية سياسية”.
وتابعت “الأمر لا يتعلق بالسياسة، أو اليسار أو اليمين، أو تنوع وجهات النظر… يتعلق الأمر بالصحافة واستمرار المهمة الأخلاقية للشبكة المتمثلة في رفع مستوى الأصوات والمجتمعات والقصص المهمشة. إنه خيانة لتلك المهمة”.
وأرجع مراقبون الفشل الذريع لرايتلي إلى التوقيت السيء الذي أطلقت فيه إذ ظهرت لأول مرة في فبراير 2021 وهو الشهر الذي تلا أحداث الشغب في مبنى الكابيتول في السادس من يناير، حيث هاجم أنصار الرئيس اليميني السابق دونالد ترامب الكونغرس.
واستقطب أول برنامج للمنصة “Right Now” مع ستيفن كينت الذي أظهر توجها أيديولوجيا واضحا، مع التركيز على يمين الوسط في الولايات المتحدة، نسبة مشاهدات منخفضة.
كما عجزت منصة “رايتلي” عن تطوير نفسها ليبقى برنامج “رايت نو” مجرد برنامج على يوتيوب لا يحظى بمشاهدات تذكر.
ومقدم البرنامج ستيفن كينت إذاعي ومعلق تلفزيوني وكاتب سياسي مشهور بتوجهاته الليبرتارية المحافظة، وهو مؤلف كتاب “كيف يمكن للقوة أن تنقذ العالم: فيلم حرب النجوم نموذجا للنمو الشخصي والتصالح السياسي”، الصادر عن مركز هاشيت ستريت.

مايكل ويفر: الشبكة لا تزال تقيّم "رايتلي"
وقال موظف سابق في قناة الجزيرة إن إطلاق منصة رايتلي “سوء تقدير فادح”. وأضاف “لم نكن نعرف ما هو الصواب. جاء ذلك في أعقاب تمرد اليمين المتطرف في العاصمة. كنا مرتبكين للغاية”.
ونشرت المنصة خلال حياتها القصيرة 170 مقطع فيديو. الغالبية العظمى لديها أقل من 10000 مشاهدة. وفي فيديو أخير تم نشره في السابع عشر من ديسمبر أشاد كينت بـ”22000 مشترك في 10 أشهر و55 مقابلة مع مجموعة واسعة من الآراء عبر اليمين الأميركي والتي تمت تغطيتها كل أسبوع. لقد كانت سنة رائعة”. وحصل الفيديو على أقل من 700 مشاهدة.
ويعتقد البعض أن المنصة كانت محاولة للرد على الانتقادات بأن الجزيرة ذات ميول يسارية. لكن المشرعين واصلوا الضغط من أجل تسجيل بقية الجزيرة بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب، بما في ذلك Rightly.
ويضاف فشل منصة “رايتلي” إلى الفشل الإعلامي للجزيرة في اختراق السوق الإعلامي الأميركي. وأغلقت قناة “الجزيرة أميركا” أبوابها عام 2016 بعد محاولة مكلفة وفاشلة لدخول سوق تلفزيون الكابل في الولايات المتحدة. وكانت القناة أُطلقت وسط ضجة كبيرة في 2013 وحصلت على الإشادة بسبب تغطيتها الإخبارية، إلا أنها لم تحصل على أعداد المشاهدين أو الإعلانات الكافية.
ودفعت الجزيرة التي تشغل واحدة من أكبر الشبكات الإخبارية في العالم وتملكها العائلة الحاكمة في قطر، أكثر من 500 مليون دولار لإطلاق قناة “الجزيرة أميركا”.
ومع ذلك حافظت القناة على وجود صحافي في الولايات المتحدة، وكذلك فرعها “إيه.جي+” AJ+ الذي ينتج أفلاما قصيرة مخصصة للاستهلاك على شبكات التواصل الاجتماعي لاستقطاب المشاهدين الشباب الذين لا يشاهدون الأخبار على التلفزيون ولا يقرأون الصحف.
وتعد “إيه.جي+” ذراعا إعلامية هامة لقطر وتعمل في واشنطن ولندن وريو وغيرها من المدن المهمة، وأنتجت مقاطع فيديو وأخبارا وتقارير وأفلاما وثائقية، إلى جانب المحتويات المنشورة عبر الشبكات الاجتماعية ويشاهدها عدد لا حصر له من الشباب في جميع أنحاء العالم الغربي.
البرنامج الرئيسي للمنصة "رايت.نو" مع ستيفن كينت الذي يبث على يوتيوب حصد نسبة مشاهدات منخفضة
وفي الخريف الماضي أمرت وزارة العدل AJ+، وهي شبكة إخبارية رقمية مقرها الولايات المتحدة مملوكة للجزيرة، بالتسجيل كوكيل أجنبي. وقالت وزارة العدل في خطاب أرسلته إلى قناة الجزيرة، إن الشبكة التي تنتج مقاطع فيديو قصيرة لوسائل التواصل الاجتماعي تشارك في “أنشطة سياسية” نيابة عن الحكومة القطرية وبالتالي يجب أن تخضع لقانون تسجيل الوكلاء الأجانب.
وتعمل الجزيرة جاهدة من أجل تعزيز تواجدها داخل المجتمع الأميركي لجذب أكبر قاعدة جماهيرية.
وفي السياق ذاته، قالت الإذاعة الوطنية العامة الأميركية، وهي مؤسسة وطنية غير ربحية تضم 900 محطة إذاعية في الولايات المتحدة، إن شبكة الجزيرة تهدف إلى بناء جمهور جديد بين المحافظين الأميركيين.