فشل الوساطات: انقلاب النيجر في حالة تأهب قصوى

المجلس العسكري في النيجر يجهز مهمة احتياطية لاحتمال "استخدام مشروع للقوة" لإعادة الديمقراطية في حال الضرورة.
الأحد 2023/08/27
العسكريون يختارون التصعيد

نيامي- أظهرت وثيقة داخلية أن المجلس العسكري في النيجر أمر القوات المسلحة بالبقاء في حالة تأهب قصوى، مشيرا إلى تزايد التهديد بشن هجوم، وأكد مصدر أمني صحة الوثيقة التي أصدرها رئيس الأركان الجمعة.

وتأتي هذه الوثيقة لتلقي بالوساطات جانبا وتظهر أن الحراك الدبلوماسي في ملف النيجر لا قيمة له بما في ذلك تحركات الجزائر ومساعي المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس).

وجاء في الوثيقة التي تم تداولها على نطاق واسع عبر الإنترنت السبت، أن أمر البقاء في حالة تأهب قصوى سيسمح للقوات بالرد بشكل مناسب في حالة وقوع أي هجوم وأن “تتجنب أي مفاجأة بشكل عام”.

وأضافت أن “تهديدات العدوان على أراضي الوطن صارت محسوسة بشكل متزايد”.

وتحاول المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا التفاوض مع قادة انقلاب 26 يوليو، لكنها قالت إنها مستعدة لنشر قوات لاستعادة النظام الدستوري إذا فشلت الجهود الدبلوماسية.

◙ قادة إيكواس يقولون إنهم لا يستطيعون قبول انقلاب آخر في منطقتهم وقد فرضوا عقوبات على النيجر للضغط على النظام الجديد
قادة إيكواس يقولون إنهم لا يستطيعون قبول انقلاب آخر في منطقتهم وقد فرضوا عقوبات على النيجر للضغط على النظام الجديد

وخففت إيكواس الجمعة من حدة التهديد وقالت إنها “عازمة على التروي لمنح فرصة للجهود الدبلوماسية”، ومع ذلك يظل التدخل أحد الخيارات المطروحة على الطاولة.

ودعا قادة الانقلاب الذين أطاحوا بالرئيس محمد بازوم في 26 يوليو إلى فترة انتقالية من ثلاث سنوات، في حين تطالب إيكواس بالعودة الفورية للنظام الدستوري.

ومع استمرار وصول الوفود إلى نيامي تقول إيكواس إن المفاوضات لا تزال أولويتها، فيما يجهّز القادة العسكريون مهمة احتياطية لاحتمال “استخدام مشروع للقوة” لإعادة الديمقراطية في حال الضرورة.

وفاقم الانقلاب في النيجر التوترات في منطقة الساحل حيث سقطت ثلاث حكومات أخرى في انقلابات عسكرية منذ 2020، فيما يسيطر جهاديون على مساحات واسعة من الأراضي.

وقال قادة إيكواس إنهم لا يستطيعون قبول انقلاب آخر في منطقتهم وقد فرضوا عقوبات على النيجر للضغط على النظام الجديد.

وصرّح رئيس مفوضية إيكواس عمر أليو توراي للصحافيين في أبوجا “حتى الآن لم يفت الأوان بعد لكي يعيد الجيش النظر في تحركه ويصغي لصوت العقل لأن زعماء المنطقة لن يتغاضوا عن أي انقلاب”.

وأضاف “المسألة الحقيقية تتعلق بتصميم مجموعة الدول على وقف دوامة الانقلابات في المنطقة”.

ويجري قادة إيكواس مفاوضات مع السلطات العسكرية في مالي وبوركينا فاسو وغينيا التي تسعى جميعها للانتقال إلى نظام ديمقراطي بعد انقلابات في هذه الدول أيضا.

وبعد رفض أولي، قال الحكام الجدد للنيجر إنهم منفتحون على مفاوضات لكنهم وجهوا رسائل متضاربة من بينها التهديد باتهام بازوم بالخيانة.

◙ الاستنفار للحرب يؤكد أن الحراك الدبلوماسي في ملف النيجر لا قيمة له بما في ذلك تحركات الجزائر ومساعي إيكواس

ومساء الجمعة، أمهلت وزارة الخارجية في النيجر السفير الفرنسي 48 ساعة لمغادرة نيامي، في تصعيد إضافي للتوتر بين قادة انقلاب 26 يوليو وباريس.

 

وأكدت الوزارة في بيان أنه نظرا “لرفض سفير فرنسا في نيامي الاستجابة” لدعوتها إلى “إجراء مقابلة” الجمعة، و”تصرفات أخرى من الحكومة الفرنسية تتعارض مع مصالح النيجر”، قررت السلطات سحب موافقتها على اعتماد السفير سيلفان إيت “والطلب منه مغادرة أراضي النيجر خلال مهلة 48 ساعة”.

ولا يزال بازوم محتجزا مع عائلته في مقره الرسمي منذ الانقلاب.

وحذّر القادة العسكريون في النيجر من أي تدخل واتهموا إيكواس بإعداد قوة احتلال متحالفة مع دولة أجنبية لم يسموها.

وأعلنت نيامي الخميس أنّ النظام العسكري الحاكم منذ الانقلاب أجاز لجيشي الجارتين بوركينا فاسو ومالي التدخّل في النيجر “في حال تعرّضت لعدوان”.

غير أن توراي نفى خططا لإيكواس لـ”إعلان حرب” أو “غزو” النيجر، مشددا على أن المهمة الاحتياطية ستكون قوة شرعية مسموحا بها بموجب قوانين إيكواس التي وافق عليها الأعضاء.

وقال إن “الأدوات تشمل استخدام القوة. لذا ستكون مطروحة بالفعل على الطاولة، إضافة إلى إجراءات أخرى نعمل عليها”.

وأضاف “إذا فشلت السبل السلمية فلا يمكن لإيكواس أن تقف مكتوفة اليدين”.

وتدخلت إيكواس عسكريا في أزمات سابقة. ولم ترشح تفاصيل تذكر عن القوة الاحتياطية الجديدة.

غير أن الاستعدادات لأي استخدام محتمل للقوة العسكرية في النيجر تنطوي على مخاطر وتواجه بالفعل مقاومة سياسية في شمال نيجيريا، الدولة المهمة في إيكواس وفي المنطقة.

◙ مولي فيي ستتطرق خلال جولتها إلى الأهداف المشتركة المتمثلة في الحفاظ على الديمقراطية التي اكتسبتها النيجر بشق الأنفس وتحقيق الإفراج الفوري عن الرئيس بازوم وعائلته
مولي فيي ستتطرق خلال جولتها إلى الأهداف المشتركة المتمثلة في الحفاظ على الديمقراطية التي اكتسبتها النيجر بشق الأنفس وتحقيق الإفراج الفوري عن الرئيس بازوم وعائلته

كما حذرت الجزائر الواقعة على الحدود الشمالية للنيجر من عواقب كارثية على المنطقة جراء أي تدخل.

وقام وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف بجولة في دول في غرب أفريقيا هذا الأسبوع سعيا للتوصل إلى حل لأزمة تعارض فيها الجزائر أي خيار عسكري.

وتسعى الجزائر التي اكتفت في أول الأمر بإدانة الانقلاب العسكري، ودعت إلى العودة إلى الوضع الدستوري في نيامي، لبلورة خارطة طريق في الأنفاس الأخيرة قبل انتهاء مهلة التحذيرات التي أطلقتها إيكواس للانقلابيين.

ولم تكشف الجزائر لحد الآن عن محتوى المبادرة السياسية التي أطلقتها، واكتفت بالتأكيد على ضرورة الإبقاء على مخرج “رفض التدخل العسكري، وعودة الشرعية الدستورية”، دون تقديم أي تفاصيل أخرى، على أمل إقناع أطراف أفريقية بالمسعى، وانتظار دعم من دول أوروبية ومن الولايات المتحدة التي يتراوح موقفها بين التحفظ ورفض الخيار العسكري.

وتعتبر الجزائر من أكبر الدول عرضة للمخاطر والتداعيات التي يطرحها أي انفلات أمني وعسكري في النيجر بالنظر إلى طول الحدود البرية المشتركة بين البلدين التي تقارب الألف كيلومتر، وهو ما يمثل عبئا ثقيلا سيضاف إلى أعباء المؤسسة العسكرية المكلفة بتأمين الشريط الحدودي، خاصة في ظل اللبس الذي يكتنف انتشار السلاح بالمنطقة.

وفي السياق نفسه، توجهت مسؤولة أميركية كبيرة الجمعة إلى غرب أفريقيا في محاولة دبلوماسية جديدة لحل الأزمة المستمرة منذ شهر في النيجر.

ومن المقرر أن تزور مولي فيي كبيرة الدبلوماسيين الأميركيين لشؤون منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، كلا من نيجيريا وغانا وتشاد.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان إن فيي ستتطرق خلال جولتها “إلى الأهداف المشتركة المتمثلة في الحفاظ على الديمقراطية التي اكتسبتها النيجر بشق الأنفس وتحقيق الإفراج الفوري عن الرئيس بازوم وعائلته وأعضاء حكومته المحتجزين ظلماً”.

7