فشل أردوغان داخليا لا تغطيه مغامراته الخارجية

سنان سيدي: تركيا ليس لديها خطة انتعاش اقتصادي متسقة أو خارطة طريق مؤسسية تعيد البلاد إلى الحياة الطبيعية.
السبت 2020/07/04
أوضاع خانقة

أنقرة - يعوّل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على مغامراته الخارجية للتغطية على فشله الداخلي في إدارة شؤون البلاد التي تمر بأزمة اقتصادية حادة تعمقت تداعياتها الاجتماعية مع انتشار وباء كورونا.

وقال سنان سيدي، الأستاذ المساعد لدراسات الأمن القومي في جامعة مشاة البحرية التركية، إن أردوغان ليس لديه رسالة داخلية يمكن أن يوجهها للشعب القلق، لكنه يلجأ بشكل متزايد إلى اتباع “تدابير يائسة” لمواصلة القبض على السلطة. وأضاف سيدي في حوار خص به موقع أحوال تركية الناطق بالعربية والإنجليزية والتركية، إن تركيا ليس لديها خطة انتعاش اقتصادي متسقة أو خارطة طريق مؤسسية ستعيد البلاد إلى الحياة الطبيعية.

وبدل الانشغال بالأوضاع الداخلية التي تزداد سوءا، يركز الرئيس التركي على احتلال العناوين الرئيسية في وسائل الاعلام مثل مقترح تحويل متحف آيا صوفيا في اسطنبول إلى مسجد وأنشطة تتجاوز الحدود الإقليمية في السياسة الخارجية، في محاولة لأسر عقول الناخبين.

وتحافظ تركيا على تدخلها العسكري في سوريا وليبيا، بينما تعمل سفن الحفر التركية، مصحوبة بسفن عسكرية، قبالة سواحل قبرص، مما يزيد من حدة التوترات في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، لكن سيدي، يقول إن أردوغان لا يمكنه الاستمرار في معركة ذات جبهات عديدة بسبب الانكماش الاقتصادي الشديد في البلاد.

وقال الأستاذ المساعد لدراسات الأمن القومي “تخوض الحكومة عدداً محدوداً من المعارك بسبب القيود المالية التي تفاقمت بعد أزمة الوباء”.

وألقى سيدي بالمسؤولية على انتقال تركيا إلى النظام الرئاسي التنفيذي في يوليو 2018، الذي نقل سلطات واسعة من البرلمان مباشرة إلى أردوغان، مما أدى إلى تعرض الدولة لهذه الضغوطات المؤلمة التي وصلت إليها.

وقال “يحاول أردوغان إدارة كل شيء بدءاً ممَّن يستطيع أن يقبض عليه، إلى ما هي الشركة التي يرغب في إعطائها مناقصة ما. نحن نرى أن نظام الحكم هذا لا يأخذ البلاد إلى أي مكان. لكن إذا نظرت إلى الجوهر، تجد أن تركيا تتجه داخليًا نحو أوقات أكثر صعوبة اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا”.

وشكك في شرعية النظام الرئاسي الحالي، مشيرًا إلى افتقاره للمسؤولية، حيث لم تتم مراجعة الحسابات المالية للنظام منذ ما يقرب من عقد من الزمان.

بدل معالجة تدهور الأوضاع الداخلية، يركز أردوغان على أنشطة تتجاوز الحدود الإقليمية في محاولة لأسر عقول الناخبين
بدل معالجة تدهور الأوضاع الداخلية، يركز أردوغان على أنشطة تتجاوز الحدود الإقليمية في محاولة لأسر عقول الناخبين

وأضاف الأكاديمي “بسبب توسيع سلطات الرئاسة، وأيضاً بسبب الأوضاع المالية، ونقص المراجعة والإشراف لمدة عقد من الزمان الآن، يبدو أننا نفقد ‘الذاكرة العضلية’ ونظهر مثل دول في آسيا الوسطى مثل أذربيجان وأوزبكستان. وهذا هو الاتجاه الذي نتخذه حقاً”.

وتابع “عدم وجود تدقيق وفحص ومراجعة في الحكومة التركية يعني أننا لا نعرف كيف تعمل الحكومة، وكيف تمول أو كيف تصدر شيكات الأجور، في يوم ما عندما يكتشفون ذلك، سيكون الأمر مزعجًا وصادمًا للعديد من المواطنين”.

وأضاف “نحن بحاجة إلى العودة بثبات إلى المؤسسات، ولكن هذا لن يكون سهلا على الإطلاق”.

وقلّل الأكاديمي من قدرة أردوغان على كسب الانتخابات القادمة في ظل القلق العام بشأن الاقتصاد المتعثر والقوة المتزايدة للمعارضة السياسية.

وتوقع أن يفقد الائتلاف الحاكم في تركيا المتكون من حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان وحزب الحركة القومية، الدعم المشترك الذي يضمن لهما نسبة 50 في المئة من الأصوات للفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة المقرر إجراؤها في عام 2023، لأن الرئيس التركي “يظهر عدم القدرة الأساسية على الحكم”.

وأشار سيدي إلى أهمية حزبين تشكلا من قبل قادة سابقين في حزب العدالة والتنمية، على الرغم من الدعم المتواضع للجماعات بناءً على أحدث استطلاعات الرأي، قائلا “لا يحظيان بنسبة كبيرة من الدعم الآن، ومع ذلك، فإنهما سيفتتان التحالف الحاكم تدريجيا”.

ومؤخرا، أسس القياديان السابقان في العدالة والتنمية علي باباجان وداود أوغلو حزبين سياسيين، حيث يمثل انشقاق هذين القياديين البارزين خطرا على الرئيس التركي وحزبه، إذ أن ذلك يهدد القاعدة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية.

وعلّق زعيم المعارضة في تركيا ورئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو في تصريحات نقلتها صحيفة الزمان التركية، على انشقاق باباجان وأوغلو بالقول “إن تأسيس أحزاب سياسية جديدة أمر نابع من أخطاء الحزب الحاكم في السياسة، فمن عملوا في السياسة لفترة طويلة داخل ذلك الحزب، ودافعوا عن الشفافية والمحاسبة أمام الشعب، ودافعوا عن ضرورة الاعتماد على الكفاءات في إدارة الدولة، من الطبيعي انشقاقهم وتأسيسهم لأحزاب جديدة”.

ومع ذلك، أشار سيدي إلى الإستراتيجيات السياسية المخيفة لحكومة أردوغان، والتي تهدف إلى تهميش المعارضة، قائلا إنه “ما لم يكن هناك حزب سياسي معارض مستعد لتمثيل الشعب التركي، فإنه سيتم التشكيك في الدور الذي سيقوم به”.

وأضاف “إذا كانت أحزاب المعارضة غير مستعدة لتحمل المخاطر، فيجب ألا تكتفي بالقول إن أردوغان يشكل خطراً، لأننا نعرف ذلك بالفعل”.

5