فرنسا مستعدة لدعم تونس ماليا شريطة تنفيذ إصلاحات صندوق النقد

السفير الفرنسي: جاهزون لتقديم 250 مليون يورو.
الاثنين 2023/03/27
كيف سيتجاوب الرئيس سعيد مع العرض الفرنسي

قدمت فرنسا عرضا لتونس لدعمها في سد العجز في الموازنة العامة، لكن لا يعرف بعد كيف ستتعاطى الحكومة التونسية مع هذا العرض خصوصا وأنه يتضمن شرطا يتعلق بتنفيذ الإصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد، والذي تتردد السلطة السياسية بتونس في التقيد به.

تونس - أبدت فرنسا استعدادها لتغطية الفجوة في الموازنة العامة لتونس مقابل تنفيذ الإصلاحات التي نص عليها صندوق النقد الدولي، في موقف يتماهى إلى حد بعيد مع المقاربة الأوروبية - الأميركية لحل الأزمة الاقتصادية في تونس، والتي تمر لزاما عبر تلك الإصلاحات.

وقال السفير الفرنسي في تونس أندريه باران إن بلاده مستعدة لتقديم تمويلات إضافية بما في ذلك 250 مليون يورو للمساهمة في تغطية الفجوة في الموازنة مقابل تنفيذ مخطط الإصلاحات الذي تم عرضه على صندوق النقد الدولي، وهناك تحفظات كبيرة عليه في تونس.

وتواجه تونس ضائقة مالية خانقة ضاعفتها تداعيات جائحة كورونا والأزمة السياسية في البلاد، كما تعثر صرف القسط الأول من اتفاق قرض مع صندوق النقد الدولي البالغ قيمته 1.9 مليار دولار أميركي، بسبب حزمة الإصلاحات التي تضمنها الاتفاق والتي يرفضها اتحاد الشغل أكبر منظمة نقابية في البلاد، ووجود تردد كبير لدى السلطة السياسية للحسم بشأنها، في ظل مخاوف مبررة حيث تخشى من أن تستخدم تلك الإصلاحات كسلاح من مناوئيها ضدها.

أندريه باران: الوضعية الاقتصادية في تونس معرضة إلى تعقيدات جمة
أندريه باران: الوضعية الاقتصادية في تونس معرضة إلى تعقيدات جمة

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حث تونس خلال اجتماع في بروكسل الجمعة على ضرورة توقيع الاتفاق مع صندوق النقد. وقال ماكرون "التوتر السياسي الكبير جدا في تونس والأزمة الاقتصادية والاجتماعية المستعرة في ظل غياب اتفاق مع صندوق النقد الدولي أمور مقلقة للغاية”. وأضاف أن ذلك "يؤدي إلى زعزعة كبيرة للغاية لاستقرار البلاد والمنطقة وإلى زيادة ضغط الهجرة على إيطاليا والاتحاد الأوروبي”، داعيا إلى "العمل معا" على المستوى الأوروبي لمساعدة تونس و"السيطرة على الهجرة".

ويرى مراقبون أن طرح فرنسا لدعم مشروط بتنفيذ الإصلاحات التي نص عليها صندوق النقد، لا يتوافق عمليا وروح الشراكة الثنائية، لكن قد يكون حلا بالنسبة إلى الحالة الاقتصادية التونسية في ظل ضعف الخيارات المتاحة.

وقال باران لوكالة تونس أفريقيا للأنباء إن الوضعية الاقتصادية وميزانية تونس معرضتان إلى "تعقيدات جمة" في غياب اتفاق مع صندوق النقد الدولي.

وتقدر الفجوة المالية بموازنة الدولة لعام 2023 بما بين 1.5 و1.8 مليار دولار، وفق الدبلوماسي الفرنسي، ومن غير المتوقع أن يسد القسط الأول لقرض صندوق النقد الدولي بمفرده هذه الفجوة.

وأوضح باران أن فرنسا مستعدة لتقديم 250 مليون يورو، من بينها 50 مليون يورو يمكن صرفها مباشرة بعد المصادقة على القانون المتعلق بالشركات العمومية و200 مليون يورو يبقى صرفها رهين التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي. وأضاف السفير الفرنسي "مستعدون كذلك لجعل المقرضين الدوليين يساهمون في تغطية حاجيات التمويل الإضافية لتونس".

وحاول الرئيس التونسي قيس سعيد الرهان على حشد الموارد الذاتية لسد الفجوة المالية، من ذلك تسريع تنفيذ قانون الصلح الجزائي بتشكيل لجنة في الغرض وتقييدها بمهلة ستة أشهر، لكن هذه اللجنة لم تحقق أي خطوة في الهدف المنشود، وهو ما قاد الرئيس سعيد إلى إقالة رئيسها.

والمقصود بالصلح الجزائي المصالحة مع رجال أعمال والذين سبق أن حازوا أموالا من بنوك حكومية ثم تعذر عليهم إرجاعها أو استفادوا من فساد حكومي أو شبكة علاقات سياسية للتهرب من إرجاع تلك الأموال المقدرة بحوالي 13.5 مليار دينار تونسي (حوالي 3 مليارات دولار).

ويقول المراقبون إن حشد الموارد الذاتية للدولة قد يساعد نسبيا في تغطية جزء من الأزمة المالية لكنه بالتأكيد غير كاف كما أن الوقت لا يسعف تونس كثيرا في ظل ضغط الديون الخارجية الأمر الذي يجعل من السير في خيار تنفيذ مطالب صندوق النقد ضرورة ملحة.

وتشمل الإصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد أساسا المؤسسات العمومية المتعثرة والتحكم في كتلة الأجور ومراجعة نظام الدعم بما في ذلك أسعار المحروقات.

وفرضت الحكومة التونسية زيادات شهرية بنسبة 3 في المئة شهريا في أسعار الوقود لخفض كلفة الدعم لكن لم تحدث زيادة جديدة منذ نوفمبر 2022.

◙ طرح فرنسا لدعم مشروط بتنفيذ الإصلاحات التي نص عليها صندوق النقد، لا يتوافق عمليا وروح الشراكة الثنائية

وقال باران "يرغب صندوق النقد الدولي من تونس أن تمضي قدما في الرفع التدريجي لدعمها للوقود من أجل بلوغ الأسعار الفعلية". وتابع باران "لا أعلم إن كان يمكن الحديث عن خطر الانهيار ولكن يوجد انشغال كبير بما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والمالية في تونس، لا أحد يأمل أن تتردى الأوضاع أكثر في البلاد".

وسبق وأن انتقدت الخارجية التونسية ما اعتبرته مبالغة في تصريحات لمسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، لاسيما في إشارته إلى خطر “انهيار” البلاد.

ولا يعرف بعد كيف ستتجاوب تونس مع الضغوط الغربية بشأن المضي في اتفاق صندوق النقد الدولي، ويرى مراقبون أن تصريحات السفير الفرنسي هي رسالة من باريس بأن أي دعم مستقبلي سيكون رهن تنفيذ إصلاحات الصندوق.

وبلغ حجم الاستثمارات الفرنسية في تونس في 2022 حوالي 187 مليون يورو ما يجعل فرنسا أول مصدر أجنبي للاستثمارات في البلاد، وتوجد بتونس قرابة ألف مؤسسة فرنسية بطاقة تشغيل تناهز 150 ألف شخص.

4