فرنسا لا تستبعد فرض عقوبات اقتصادية جديدة على إيران

 التهديد الفرنسي الحازم يقترب من الموقف الأميركي تجاه تجاوزات إيران.
السبت 2019/01/26
استعراض للصواريخ الباليستية

جدّدت الخارجية الفرنسية تحذيرها لإيران وطالبتها بوقف أنشطتها الصاروخية الباليستية ووقف خرقها لقرارات مجلس الأمن الدولي، حيث لم تستبعد باريس فرض عقوبات اقتصادية جديدة على طهران. ويرى مراقبون أن تهديد باريس الحازم يقترب شيئا فشيئا من الموقف الأميركي الذي بدا معزولا في أول المطاف.

باريس – قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان الجمعة، إن بلاده مستعدة لفرض عقوبات جديدة على إيران ما لم يتحقق تقدم في محادثات بشأن برنامجها للصواريخ الباليستية، فيما تواصل طهران خرق قرارات مجلس الأمن الدولي بالتخفي وراء أنشطة إرسال الأقمار الصناعية للقيام بتجارب صاروخية باليستية.

وأضاف لو دريان “نحن مستعدون، إذا لم تسفر المحادثات عن نتائج، لفرض عقوبات صارمة وهم يعرفون ذلك”، فيما قال دبلوماسيون لرويترز من قبل إن فرنسا وبريطانيا ودولا أوروبية أخرى تبحث فرض عقوبات اقتصادية جديدة على طهران.

وأشار ثلاثة دبلوماسيين إلى أن تلك العقوبات قد تشمل تجميد أرصدة وحظر سفر على الحرس الثوري الإيراني والإيرانيين المشاركين في تطوير برنامج الصواريخ الباليستية.

ورغم ما تبديه الدول الأوروبية من دعم للملف النووي الإيراني من خلال ما تبديه من تفهم متعلق بانفتاحها على السوق الإيرانية، إلا أن حساباتها تتجه للوقوف إلى جانب الولايات المتحدة بخصوص خطورة الأنشطة الباليستية الإيرانية، فيما ير ى مراقبون أن مساعي طهران في توظيف الخلاف التجاري بين واشنطن وأوروبا لإحداث اختراق في المواقف قد فشل.

وتخشى الولايات المتحدة من أن التكنولوجيا الباليستية طويلة المدى والمرتبطة بالبرنامج الفضائي يمكن أيضا أن تستخدم في إطلاق صواريخ تحمل رؤوسا حربية.

جان إيف لو دريان: فرنسا مستعدة لفرض عقوبات على إيران بشأن برنامجها الباليستي
جان إيف لو دريان: فرنسا مستعدة لفرض عقوبات على إيران بشأن برنامجها الباليستي

وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قد قال إن إيران أعلنت خططا لإطلاق ثلاثة صواريخ خلال الأشهر المقبلة تطلق عليها اسم مركبات إطلاق فضائية مشيرا إلى أنها تستخدم تكنولوجيا “مماثلة تماما” لتلك المستخدمة في الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.

ودعا قرار مجلس الأمن الدولي، الذي صدر لدعم الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية في عام 2015، طهران إلى الإحجام عن أي أنشطة مرتبطة بالصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية وذلك لمدة تصل إلى ثمانية أعوام.

وفشلت إيران في توظيف الخلاف التجاري بين الولايات المتحدة وأوروبا لخدمة ملفها النووي وفصله عن برنامجها الصاروخي، حيث يبدو الموقف الأوروبي بخصوص أنشطتها الباليستية أكثر تأييدا لموقف واشنطن.

ومثّلت العقوبات الأوروبية الجديدة على إيران صفعة مدوية للنظام الذي ينفي في كل مرة تورطه في الاغتيالات التي تطال معارضيه على أراضي أوروبا، ما يستوجب تشديد الرقابة على البعثات الدبلوماسية الإيرانية التي تتخفى تحتها أجهزة الاستخبارات.

ويرى مراقبون أن تمسّك الطرف الأوروبي بالاتفاق النووي الإيراني لا يحجب مخاوفه من أنشطتها الباليستية والمزعزعة لاستقرار المنطقة وحتى داخل بلدانه، بعد توجيه التهم للاستخبارات الإيرانية بتنفيذ اغتيالات في كل من فرنسا والدنمارك وهولندا، ما يقرّب الموقف الأوروبي أكثر فأكثر من الموقف الأميركي الذي بدا معزولا في بداية المطاف.

واتهمت الحكومة الهولندية طهران بالضلوع في جريمتي قتل هولندييْن من أصل إيراني في هولندا عامي 2015 و2017، فيما أقرّ الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة على إيران بعد انكشاف تورّط أجهزة استخباراتها في تنفيذ عمليات اغتيال.

وجاء في رسالة وقّعها وزيرا الخارجية والداخلية الهولنديان وموجّهة إلى البرلمان أن لدى أجهزة الاستخبارات الهولندية “مؤشرات قوية إلى ضلوع إيران في تصفية مواطنين هولنديين من أصل إيراني في ألميري عام 2015 ولاهاي عام 2017”. وأوضحت الحكومة الهولندية أن الضحيتين وهما بحسب الشرطة الهولندية علي معتمد (56 عاما) وأحمد ملا نيسي (52 عاما) كانا معارضين للنظام الإيراني. معلنة عقوبات فرضها الاتحاد الأوروبي الثلاثاء على طهران.

وكتب وزير الخارجية ستيف بلوك ووزيرة الداخلية كايسا اولونغرن “في الثامن من يناير 2019، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية وعلى شخصين إيرانيين، بناء على طلب هولندا خصوصا”.

وأضافا أن هذا يعني أنه تم تجميد الأموال والأصول المالية الأخرى العائدة إلى هذا الكيان وهذين الشخصين. وتابع الوزيران “بناء على معلومات صادرة عن أجهزة استخبارات أجنبية وأجهزة الاستخبارات الهولندية، تعتبر هولندا أن إيران متورطة في تحضير عمليات تصفية وهجمات على الأراضي الأوروبية”.

ويسعى النظام الإيراني، الذي انكشفت معظم شبكاته الإجرامية والاستخباراتية في قلب أوروبا، إلى تنظيم صفوفه من جديد عبر اتخاذ دول البلقان حديقة خلفية ومحطة رئيسية لاستعادة نشاطه في قلب القارّة. وعلى الرغم من إفشال العديد من الدول للمخططات الإيرانية إلا أن التساهل الأوروبي يشجّع الإيرانيين على مواصلة أنشطتهم التخريبية.

Thumbnail

وكشف اعتقال السلطات البلغارية لعناصر إيرانية ضمن شبكة لتهريب الأسلحة قبل شهرين، عن وجه جديد من الأنشطة السرية الإيرانية في أوروبا، في وقت لم تنته فيه تداعيات الكشف عن شبكة إيرانية لاغتيال معارضين في باريس.

ولم يستبعد خبراء أن يتنزل وجود إيرانيين ضمن هذه الشبكة في سياق تكوين شبكات لتهريب أسلحة وعناصر استخباراتية إلى قلب أوروبا وأن صوفيا ما هي إلا محطة من المحطات التي تتجمع فيها هذه الشبكات بانتظار فرصة العبور إلى دول مثل ألمانيا وفرنسا.

واستفادت إيران خلال أربعين عاما، منذ ثورة 1979، من التعاطي الأوروبي المتسامح مع أنشطتها للاستمرار في تعقب المعارضين والتجسس عليهم، ونفذت عناصر تابعة لها محاولات متعددة لاستهداف معارضين للثورة وخاصة من العناصر الكردية المعارضة.

وكشف موقع “ذا دايلي بيست” الأميركي بالتزامن مع موجة الاعتقالات ضد إيرانيين في أوروبا، أن عناصر الأجهزة الإيرانية السرية تقوم بخطوات بشكل متزايد عبر أوروبا وأفريقيا، وتستغل بعثاتها الدبلوماسية في الخارج كأدوات لتوظيف القوة بشكل غير معهود منذ تسعينات القرن الماضي.

5