فرنسا توافق على مشروع قرار يعترف بـ"جمهورية قره باغ"

مجلس الشيوخ الفرنسي يعتمد قرارا يدعو الحكومة للمطالبة بتحقيق دولي في "جرائم الحرب" التي ارتكبت في الإقليم.
الخميس 2020/11/26
القرار ينصّ على وجوب حماية التراث الديني والثقافي للأرمن

باريس - وافق مجلس الشيوخ الفرنسي على مشروع قرار يحث الحكومة على الاعتراف بما يسمى "جمهورية قره باغ"، الإقليم الانفصالي عن أذربيجان والذي تقطنه أغلبية أرمنية وشهد خلال الشهرين الماضيين حربا حقّقت فيها باكو انتصارات ميدانية كبيرة على حساب يريفان بفضل الدعم التركي.

وحصل اقتراح القرار، ذي القيمة الرمزية، على تأييد 305 أعضاء في مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية بالبرلمان) الأربعاء، في حين صوّت ضدّه عضو واحد فقط وامتنع 30 عضوا عن التصويت.

وخلال الجلسة البرلمانية هاجم السيناتور برونو ريتايو، رئيس كتلة الجمهوريين، "المشاركة الحاسمة والواسعة لتركيا في النزاع باسم سياسة قومية إسلامية".

وينص القرار على ضرورة تقديم مساعدات إنسانية للأرمن والمطالبة بإجراء تحقيق دولي في جرائم الحرب التي ارتكبت بإقليم قره باغ. كما ينص على وجوب حماية التراث الديني والثقافي للأرمن، وضرورة مساعدة الأشخاص الذين شردوا في قره باغ على العودة إلى ديارهم.

ودعا القرار الحكومة الفرنسية إلى الاعتراف بما يسمى “جمهورية قره باغ”. وتم تمرير القرار دون التطرق إلى اتفاق وقف إطلاق النار الأخير الموقع بين أذربيجان وأرمينيا وروسيا، والذي بموجبه تسلم يريفان الأراضي التي تحتلها إلى باكو.

وانفصل إقليم ناغورني قره باغ وغالبية سكانه من الأرمن المسيحيين عن أذربيجان وغالبية سكّانها من الشيعة الناطقين بأحد فروع اللغة التركية، قبيل تفكك الاتحاد السوفياتي في عام 1991. وأدّى ذلك حينها إلى اندلاع حرب خلّفت 30 ألف قتيل.

وينحدر 400 إلى 600 ألف من سكان فرنسا من أصل أرمني. ويحرص الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على عدم دعم طرف على حساب آخر في الصراع، لكنه يواجه انتقادات في الداخل لعدم بذله الجهود الكافية لمساندة يريفان، بينما قدمت أنقرة دعما عسكريا لباكو.

دعما للأرمن
دعما للأرمن

والسبت، زار الرئيس إيمانويل ماكرون جمعية “صندوق الأرمن في فرنسا”، وهي جمعية أرمنية بالعاصمة باريس، عاملة في مجال جمع التبرعات.

ودعا ماكرون خلال زيارته إلى “تقديم مساعدات إنسانية لـ120 ألف شخص فروا من إقليم قره باغ”.

وقال إنه يرغب في "إشراف دولي" على اتفاقية وقف إطلاق النار، داعيا إلى إزالة بعض “الغموض” من نص اتفاق السلام لاسيما بشأن دور تركيا الداعمة الكبيرة لأذربيجان.

وبدأ النزاع على إقليم قره باغ في 27 سبتمبر الماضي، وبعد معارك ضارية استمرت نحو 4 أسابيع، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 10 نوفمبر الجاري، توصل أذربيجان وأرمينيا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

وفشلت محاولات عديدة سابقة لوقف إطلاق النار برعاية موسكو وباريس وواشنطن التي تتشارك رئاسة مجموعة مينسك المكلفة منذ عام 1994 بإيجاد حلّ للنزاع.

وبموجب الاتفاق، ستحافظ أذربيجان على جميع مكاسبها من الأراضي، بما في ذلك شوشا، التي يسميها الأرمن شوشي، ويجب على قوات الأرمن تسليم السيطرة على عدد كبير من الأراضي الأخرى من الآن وحتى أول ديسمبر.

وستبقى قوات حفظ السلام الروسية هناك لمدة خمس سنوات على الأقل.

وتتخوف باريس من التفاهمات التركية الروسية عقب وقف إطلاق النار الذي يسمح للقوات الروسية بمراقبته ميدانيا من خلال قوات على الأرض، عدا عن وجود قوات تركية كانت تقاتل إلى جانب الجيش الأذري.

وكان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أعلن عقد لقاءات فنية بين الوفدين العسكريين التركي والروسي بالعاصمة أنقرة، لبحث الإجراءات المزمع تنفيذها عقب وقف إطلاق النار في إقليم قره باغ، فيما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان موافقة البرلمان على إرسال عسكريين إلى أذربيجان بهدف المشاركة في مهمة روسية تركية لمراقبة وقف إطلاق النار في إقليم ناغورني قره باغ.

والعلاقات سيئة للغاية بين فرنسا وتركيا منذ عدة شهور، حيث تتهم باريس أنقرة بتأجيج الأزمة في القوقاز.

وكان التدخل التركي حاسما في أزمة الإقليم ولم يدخر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جهدا في تحريض أذربيجان على مواصلة حملتها حتى ينسحب الأرمن من الإقليم المتنازع عليه، وأرسل المئات من المرتزقة لدعم باكو ما ساهم في تأجيج الوضع المتوتر بين هذا البلد وجارته.