فرنسا تنتقد الدعوات الإسرائيلية لتوطين سكان غزة خارج القطاع

باريس – انتقدت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا الدعوات الإسرائيلية لتوطين سكان غزة خارج القطاع، قائلة الجمعة "لا يحق لإسرائيل تحديد مستقبل غزة التي تعد أرضا فلسطينية، ويجب العودة إلى مبدأ القانون الدولي".
ويأتي ذلك فيما نفت عدة دول أفريقية ما أوردته وسائل إعلام اسرائيلية بشأن انخراطها في محادثات مع إسرائيل لنقل سكان غزة إلى أراضيها.
ووصفت كولونا في تصريح لقناة "سي إن إن" الأميركية التصريحات المتكررة الصادرة عن سياسيين ومسؤولين إسرائيليين مؤخرًا حول إجبار الفلسطينيين في قطاع غزة على الهجرة بأنها "غير مسؤولة". وأضافت أن "مثل هذا الخطاب يتعارض أيضا مع مصالح إسرائيل على المدى الطويل".
وأكدت الوزيرة الفرنسية دعم بلادها لحل الدولتين الذي يعتبر الخيار الوحيد الممكن لافتة إلى أن "قطاع غزة والضفة الغربية يجب أن يكونا معا جزءا من الدولة الفلسطينية المستقبلية".
وشددت على ضرورة حماية إسرائيل المدنيين عبر الالتزام بالقانون الدولي.
وأشارت كولونا إلى التزام بلادها بالسعي لتفادي أي تصعيد جديد للأوضاع من جانب أي طرف، بما في ذلك في المناطق المجاورة مثل لبنان والبحر الأحمر.
وكان وزراء إسرائيليون بينهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، والمالية بتسلئيل سموتريتش، والنائب في الكنيست عن حزب "الليكود" الحاكم داني دانون، دعوا في الأسابيع الأخيرة لتشجيع "الهجرة الطوعية" للفلسطينيين من قطاع غزة، الأمر الذي أثار انتقادات أميركية ودولية وعربية.
فقد دعا بن غفير الاثنين الماضي إلى عودة المستوطنين إلى قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، وإلى تهجير السكان الفلسطينيين إلى بلدان تقبل استقبالهم كلاجئين.
كما نقلت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية عن سموتريتش قوله إن "أكثر من 70 بالمئة من الجمهور الإسرائيلي يؤيد حلا إنسانيا لتشجيع الهجرة الطوعية لعرب غزة واستيعابهم في بلدان أخرى"، مضيفا أن "المجتمع الإسرائيلي لن يوافق على استمرار هذا الواقع في غزة، نحن مطالبون بإعادة التفكير والمشاركة مع أصدقائنا في المجتمع الدولي".
وتصريحات سموتريتش وبن غفير جاءت بعد أسابيع قليلة من إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه يعمل على "الهجرة الطوعية" لسكان غزة، ويبحث عن بلدان يمكن أن تستضيفهم، وذلك بعد طرح مقترح تهجير سكان غزة إلى سيناء المصرية أول الحرب.
وذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن تل أبيب تعتزم تعيين توني بلير وسيطا بينها وبين دول غربية لإقناعها باستقبال لاجئين فلسطينيين من قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.
وأجلت إسرائيل في العام 2005 جيشها ونحو ثمانية آلاف مستوطن من قطاع غزة المحتل منذ العام 1967 في إطار خطة الانسحاب أحادية الجانب التي قدمها رئيس الوزراء حينذاك أرييل شارون.
ويبلغ عدد سكان قطاع غزة، وفق أحدث إحصائية للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني 2.2 مليون نسمة، إلا أن مسألة حكم القطاع بعد الحرب ما زالت نقطة جدل دولية.
ونفت كل من روندا وتشاد وجمهورية الكونغو الديمقراطية الادعاءات بوجود محادثات لها مع إسرائيل بھدف استقبال آلاف الفلسطينيين من قطاع غزة ضمن خطة التهجير "الطوعي"، والتي تداولها إعلام عبري.
وأوردت وزارة الخارجية في رواندا، في بيان، أنّ "الحكومة أخذت علماً بالمعلومات المضللة التي نشرتها صحيفة زمان يسرائيل، تدّعي أنّ رواندا وإسرائيل تجريان محادثات بشأن نقل الفلسطينيين من غزة".
وأكدت أنّ "هذا غير صحيح تماماً"، موضحةً أنه "لم يتم إجراء مثل هذا النقاش، سواء اليوم أو في الماضي، ويجب تجاهل هذه المعلومات الخاطئة".
وبدورها، نفت الحكومة التشادية "بشكلٍ قاطع" هذه المزاعم، في بيان نشرته وزارة الإعلام عبر فيسبوك، مؤكدةً "موقفھا الثابت المؤيد للتعايش السلمي بين فلسطين وإسرائيل، امتثالاً للقانون الدولي".
وأضاف أن الحكومة التشادية "تنفي بشكل قاطع الادعاءات الأخيرة التي بثتھا قناة 24I (إسرائيلية خاصة) والتي تزعم فيھا بأن المحادثات بين إسرائيل وتشاد تجري بھدف استقبال آلاف الفلسطينيين من غزة".
وتابع "لقد أيدنا دائما موقفنا الدائم لوقف إطلاق النار وضمان حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وفقا للمعايير الدولية".
وزاد "التزامنا بالمبادئ الأساسية للقانون الدولي يحظر أي موافقة على تھجير الأشخاص من غزة أو المشاركة في ذلك مما يعد انتھاكا لھذه الحقوق".
ودعت تشاد إلى "نشر المعلومات بشكل مسؤول"، وحثت "وسائل الإعلام على التحقق بعناية من مصادرها قبل نشر أي معلومات تسبب في سوء فھم".
ومن جانبها، نفت جمهورية الكونغو الديمقراطية هذه الادعاءات، حيث ذكر المتحدث باسم الحكومة، باتريك مويايا، أنه لا توجد أي مباحثات أو نقاشات أو مبادرات تتعلق بما تناقلته وسائل الإعلام الإسرائيلية عن "قبول الكونغو لاجئين فلسطينيين على أراضيها".
في وقت سابق الجمعة، قال موقع "زمان إسرائيل" الإخباري (خاص) إن "مسؤولي الموساد (جهاز المخابرات) ووزارة الخارجية يتفاوضون مع رواندا وتشاد لاستيعاب الفلسطينيين الذين يختارون الهجرة من غزة".
ونقل الموقع عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع (لم يسمه) أن "البلدين (تشاد ورواندا) أعربا عن موافقتهما الأساسية على مواصلة المناقشة، على عكس دول أخرى (لم يسمها) رفضت الفكرة من حيث المبدأ، ولم يتم الاتصال بها مرة أخرى"، دون ذكر مزيد من التفاصيل.
كما ادعى موقع "تايم أوف إسرائيل" الإخباري في خبر نشره بتاريخ 3 يناير الجاري أن مسؤولين إسرائيليين يجرون محادثات سرية مع الكونغو الديمقراطية وتشاد ورواندا، لاستقبال فلسطينيين من غزة، ضمن خطتها للتهجير "الطوعي" لسكان القطاع.
وأضاف الموقع "تقدم إسرائيل للدول حزمة مساعدات يحصل بموجبها أي فلسطيني يقرر الهجرة إلى هناك على منحة مالية سخية، إلى جانب مساعدات واسعة للبلد المستقبل، تشمل مساعدات عسكرية".
ومنذ تفجر الصراع بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة، يوم السابع من أكتوبر الماضي إثر هجوم حماس المباغت على مستوطنات وقواعد عسكرية في غلاف غزة، حذرت القاهرة من تهجير الفلسطينيين، والدفع بهم إلى سيناء، والذي ألمحت إليه إسرائيل مرارا.