فرنسا تطلق سباق مطاردة الشركات العابرة للحدود ضريبيا

خطط لفرض ضرائب بنحو 5 بالمئة على 30 شركة رقمية، وخطوة كبيرة لإبطاء تداعيات الزحف الشامل لعمالقة التكنولوجيا.
الاثنين 2019/03/04
قواعد جديدة لضبط الضرائب الرقمية

أطلقت فرنسا سباق مطاردة عمالقة تجارة التجزئة الإلكترونية بالإعلان عن خطط لفرض ضرائب بنحو 5 بالمئة على مداخيلها السنوية، في خطوة قد تمهد لتطبيق الضريبة في بقية دول الاتحاد الأوروبي بشكل منفرد لعدم وجود إطار موحد حتى الآن للدخول في هذه المغامرة.

 باريس – قررت فرنسا أمس فرض رسوم ضريبية على عمالقة تجارة التجزئة الإلكترونية، دون انتظار اتفاق محتمل للاتحاد الأوروبي بعد اشتداد حاجتها إلى تمويل برامج اجتماعية أعلنها الرئيس إيمانويل ماكرون لتخفيف غضب محتجي السترات الصفراء.

ونسبت صحيفة لو باريزيان إلى وزير المالية برونو لومير قوله إن بلاده “تعتزم فرض ضرائب على عائدات نحو 30 من شركات الإنترنت العملاقة لضمان العدالة المالية”.

وأضاف أنه من المتوقع أن تحصل الدولة على نحو 500 مليون يورو سنويا من هذه الضريبة، أي ما يعادل 5 بالمئة من الإيرادات الإجمالية لشركات التكنولوجيا العملاقة.

ودافعت باريس بلا نجاح خلال الأشهر الماضية عن اعتماد رسوم ضريبية أوروبية موحدة على عمالقة العالم الرقمي وفي مقدمتهم شركات وادي السيليكون غوغل وأبل وفيسبوك وأمازون.

برونو لومير: سنفرض ضرائب على عائدات شركات الإنترنت لضمان العدالة الضريبية
برونو لومير: سنفرض ضرائب على عائدات شركات الإنترنت لضمان العدالة الضريبية

وكانت المفوضية الأوروبية قد اقترحت في مارس الماضي، فرض ضريبة على إيرادات شركات التكنولوجيا من أنشطتها في مجالات مثل الإعلانات وتداول البيانات، في حين لم يتم الاتفاق على شروط هذه الضريبة حتى الآن.

ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء عن لومير القول إنه وفقا للخطة التي ستناقشها الحكومة الأربعاء القادم، فإن الضرائب ستطبق على أية شركة تتجاوز عائداتها العالمية 750 مليون يورو وتتجاوز مبيعاتها في فرنسا 25 مليون يورو.

ووفقا للصحيفة الفرنسية، فإن معايير فرض الضرائب قد تنطبق على شركات أميركية وصينية وأوروبية، وعدد قليل من الشركات الفرنسية.

وتعتزم فرنسا فرض ضرائب على إيرادات الإعلانات الموجهة للداخل والأسواق وإعادة بيع البيانات الشخصية.

وشدد الوزير الفرنسي على أنه ليست هناك مخاوف من أن تتعارض التدابير الجديدة مع الاتفاقية الضريبية بين فرنسا والولايات المتحدة.

وكان لومير قد بحث الخطة مع وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين خلال زيارته إلى باريس الشهر الماضي.

وبهذا القرار اختارت فرنسا التقدم منفردة على جبهة فرض الضرائب على كبرى شركات التكنولوجيا العالمية، التي كثيرا ما تتهم بعدم دفع الضرائب الملائمة في الدول التي تنشط فيها.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك بباريس مطلع ديسمبر الماضي مع وزير التنمية الاقتصادية الروسي مكسيم أوريشكين قال لومير إنه “سيتم تطبيق الضريبة في كل الأحوال في الأول من يناير 2019“.

وردا على تلك الخطوة في ذلك الوقت، قال متحدث باسم فيسبوك “سنستمر في احترام واجباتنا الضريبية كما هي مقررة في التشريعات الفرنسية والأوروبية”.

وأوضح أن فيسبوك “وضعت طوعيا في 2018 هيكلا جديدا للبيع والفوترة في فرنسا وأن كافة العائدات من الدعايات التي تتكفل بها فرق الشركة في فرنسا”.

ويأتي التحرك الفرنسي في الوقت الذي طالب فيه الكسندر بومبارد الرئيس التنفيذي لشركة كارفور أس.أس بأن تتساوى منصات التجزئة الإلكترونية مثل علي بابا وأمازون في المعاملات الضريبية مع متاجر التجزئة الأخرى.

وقال بومبارد لصحيفة جورنال دو ديمانش المحلية “علينا أن ننهي الاختلالات النقدية بين متاجر التجزئة مثلنا والمنصات العالمية الأميركية أو الصينية”.

ونسبت بلومبرغ إلى بومبارد قوله “مع التساوي في المبيعات، نحن نوفر وظائف أكثر أربع مرات من المنصات الإلكترونية، التي تقوم ببيع منتجاتها دون حتى دفع ضريبة القيمة المضافة أو أي ضرائب. لا أطلب معروفا، ولكن أمرا واحدا بسيطا: الإيرادات نفسها، الضرائب نفسها”.

وأشار بومبارد إلى أن شركة كارفور تأثرت “بصورة قوية” جراء حركة السترات الصفراء الاحتجاجية التي تشهدها باريس والتي تتحول في بعض الأحيان إلى أعمال عنف، منذ نوفمبر الماضي. وأضاف أن “البيئة العالمية الغامضة بصورة استثنائية خاصة في أوروبا والوضع الاجتماعي المعقد والإصلاحات الصعبة المستقبلية من العوامل التي ربما تؤثر على المستقبل في فرنسا، ولكن خفض معدل البطالة وتبني قواعد أكثر بساطة ربما يساهمان في تخفيف حدة هذه التحديات”.

500 مليون يورو حجم الضرائب، التي تستهدف فرنسا جمعها من عمالقة التجارة الإلكترونية سنويا

وتسعى حكومات أوروبية مختلفة إلى فرض ضرائب على عمالقة الإنترنت العالميين الذين يجنون عائدات محلية ضخمة من أصول مادية محدودة.

وتعمل بريطانيا وإسبانيا على خطة مماثلة لفرض ضرائب على المبيعات الرقمية، كون أوروبا لم تتمكن حتى الآن من التوصل إلى طريقة لفرض ضريبة على مستوى القارة.

وكشفت الحكومة البريطانية في أكتوبر الماضي عن خطط لملاحقة شركات التكنولوجيا العملاقة التي تعمل في البلاد عبر فرض ضرائب على أرباحها.

وقال وزير الخزانة فيليب هاموند حينها “نعتزم فرض ضريبة على الخدمات الرقمية بحلول 2020 بعد أن ظلت شركات التكنولوجيا العملاقة مثل أمازون وغوغل بعيدة عن معظم القواعد الضريبية”.

وأوضح أثناء عرضه لمشروع موازنة العام المالي الجديد أمام مجلس العموم أن الحكومة تستهدف جمع 400 مليون جنيه إسترليني سنويا من الضريبة الجديدة التي لا تشمل المستهلكين ولا شركات الإنترنت الناشئة.

10