فرنسا تطالب بضغط أوروبي على بريطانيا لمراجعة سياستها للهجرة

باريس - قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مقابلة مع صحيفة "لا فوا دو نور" اليومية الأربعاء إنه يتعين على الاتحاد الأوروبي زيادة الضغوط على المملكة المتحدة لمراجعة طريقتها "المنافقة" في التعامل مع الهجرة غير الشرعية.
وتوجد خلافات بين فرنسا والمملكة المتحدة منذ سنوات بشأن طرق التعامل مع المهاجرين الذين يخاطرون بحياتهم، وقد يفقدونها، في محاولاتهم للوصول إلى المملكة المتحدة من فرنسا، إما عن طريق قوارب تعبر القنال الإنجليزي أو عبر نفق السكك الحديدية المار تحت البحر ويربط بين البلدين.
وأكد ماكرون “يواصل البريطانيون اتباع نهج يعود إلى الثمانينات ويتعامل مع الهجرة الاقتصادية بنفاق”، لافتا إلى أنه “لا يوجد مسار قانوني للهجرة، ويقبلون الهجرة السرية قليلة الرواتب”.
وحث الرئيس الفرنسي المملكة المتحدة على تحديد احتياجاتها الاقتصادية وإعادة فتح مسار قانوني لطالبي اللجوء.
وقال إن الضغط على المملكة المتحدة يجب أن يأتي من أوروبا في إطار أجندة أوسع نطاقا، محملا لندن “مسؤولية أخلاقية” عن المهاجرين الذين يفقدون أرواحهم في القنال.
وأفادت وكالة الأنباء البريطانية “بي.أي” الشهر الماضي أنّ ما لا يقلّ عن 28395 مهاجراً غير شرعي عبروا العام الماضي من فرنسا إلى إنجلترا على متن قوارب صغيرة أقلّتهم عبر بحر المانش في رحلة محفوفة بالمخاطر، في عدد قياسي يناهز ثلاثة أضعاف ذلك المسجّل في 2020 حيث بلغ عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين عبروا القناة حوالي 8400 شخص.

إيمانويل ماكرون: البريطانيون يتعاملون مع الهجرة بنفاق، لا بد من زيادة الضغوط
وزادت بشكل كبير أعداد المهاجرين الذي يحاولون مغادرة فرنسا للوصول إلى بريطانيا عبر البحر منذ شدّدت السلطات الفرنسية في 2018 إجراءات التفتيش في كلّ من مرفأ كاليه و”يوروتانل”، النفق الذي يربط بين ضفتي المانش، وهما منشأتان كان المهاجرون يستخدمونهما للعبور مختبئين داخل مركبات.
ونقلت الوكالة عن بيانات صادرة عن وزارة الداخلية البريطانية أنّ شهر نوفمبر الفائت سجّل وحده وصول ما يقرب من 6900 مهاجر غير نظامي إلى الساحل الإنجليزي، بينهم 1185 شخصاً وصلوا في يوم واحد، في رقم قياسي.
وأصبح عبور القناة من قبل مهاجرين يحلمون بالسفر إلى إنجلترا معضلة سياسية لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ووزيرة الداخلية بريتي باتيل، لاسيّما وأنّ زعيم حزب المحافظين وعد مواطنيه بتشديد الخناق على الهجرة في أعقاب خروج بلدهم من الاتحاد الأوروبي.
كما فاقم الوصول الكثيف للمهاجرين العلاقات المتوتّرة مع فرنسا التي تتّهمها الحكومة البريطانية بعدم بذل ما يكفي من الجهود لمنع انطلاق الرحلات من أراضيها، على الرّغم من الأموال المخصّصة لهذا الغرض.
وزادت حدّة التوتر بين البلدين في نوفمبر حين غرق في بحر المانش 27 مهاجراً كانوا على متن قارب مطاطي، في أسوأ مأساة هجرة يشهدها هذا الشريان المائي.
وليس للبريطانيين أمل كبير في التوصل إلى اتفاق مع باريس قبل الانتخابات الرئاسية الفرنسية في أبريل.
وفي الانتظار تريد الحكومة البريطانية أن تجعل عمليات العبور هذه “غير عملية”، حيث يلجأ المهربون بشكل متزايد إلى قوارب أكبر تتسع لعشرات من الأشخاص.
ويجري حاليا النظر في مشروع قانون مثير للجدل في البرلمان يعد باتخاذ إجراءات أكثر تشددا ضد المهربين لكن أيضا ضد المهاجرين الواصلين بشكل غير قانوني.
وفي حال اعتماده، ستتم إعادة طالبي اللجوء الذين وصلوا بشكل غير قانوني إلى “الدول الآمنة” التي مروا من خلالها في وقت سابق.
واعتبرت المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان هذا النص قاسيا، لكن بالنسبة إلى الحكومة فإنه سيخلق “نظام هجرة يكون عادلا لكنه حازم”، و”سيحمي الفئات الأكثر ضعفا وسيقمع الهجرة غير الشرعية وكذلك عصابات المجرمين الذين يستغلونها”.
وعلق تيم ناور هيلتون مدير جمعية تعنى بشؤون المهاجرين “سيستمر الناس في عبور المانش في قوارب بدائية وسيواصل المهربون جني الأرباح، إلا إذا فتح الوزراء المزيد من الطرقات تمكن المهاجرين من طلب اللجوء هنا”.