فرنسا تضاعف مساعداتها لمسيحيي الشرق في مواجهة النزاعات والجهاديين

دعوات دولية لإيقاف التهجير الخطير للأقلية المسيحية في الشرق الأوسط.
الخميس 2022/02/03
نظرة إلى الخلف

عصفت النزاعات وهجمات الجهاديين بالأقلية المسيحية في الشرق الأوسط التي باتت مهددة بـ”الاقتلاع” من بيئتها المتجذرة فيها، ما يحتم، حسب خبراء، إيقاف التهجير الخطير للمسيحيين الذين باتوا يشكلون 4 في المئة من إجمالي سكان المنطقة بعد أن كانوا 20 في المئة قبل الحرب العالمية الأولى.

باريس - أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مضاعفة المبالغ المالية المرصودة لمساعدة المدارس المسيحية في الشرق الأوسط، وذلك خلال لقائه نشطاء في الدفاع عن الأقليّات المسيحية في الشرق لمواجهة مخاطر النزاعات والهجمات الجهادية.

وقال ماكرون أمام 150 مدعواً في قصر الإيليزيه الثلاثاء إنّ “دعم مسيحيي الشرق هو التزام علماني لفرنسا ومهمّة تاريخية” ويشكّل “استجابة لضرورة عدم التخلّي عن النضال من أجل الثقافة والتعليم والحوار في هذه المنطقة المضطربة”.

وأشار الرئيس الفرنسي إلى أنّ الدولة وجمعية “أوفر دوريان” ستضاعفان معاً مساهماتهما في صندوق دعم مدارس الشرق برفعها إلى 40 مليون دولار.

والصندوق الذي أنشئ في يناير 2020 دعم في العام 2021 ما مجموعه 174 مدرسة، من بينها 129 في لبنان و16 في مصر و7 في إسرائيل و13 في الأراضي الفلسطينية و3 في الأردن.

وقالت مريم النور، مديرة مدرسة القديس يوسف في بيروت، إن “إدارة مدرسة تعدّ اليوم معجزة” في لبنان بسبب “حدّة الأزمة” التي تشهدها البلاد.

صامويل تادرس: الوجود المسيحي في الشرق الأوسط يواجه خطر الزوال

وفي الأسابيع الأخيرة سلّط مرشّحون رئاسيون كثر، خصوصاً ممن ينتمون إلى اليمين واليمين المتطرّف، الضوء على مصير مسيحيي الشرق.

وأعلن ماكرون أنّ فرنسا ستجدّد مساهمتها البالغة 30 مليون دولار في التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع.

وأنشئ هذا التحالف في العام 2017 بالاشتراك مع الإمارات التي تتولّى دعم 150 موقعاً ثقافياً.

وتتراوح أوضاع هذه المواقع بين المدمّر والمهدّد جراء النزاعات في سوريا والعراق وأفغانستان أو جرّاء انفجار مرفأ بيروت في العام 2020.

والمسيحيون متجذّرون في الشرق الأوسط منذ وجدت ديانتهم، لكنّ عددهم تراجع إلى نحو 15 مليوناً، وأصبحوا اليوم يشكّلون ما نسبته أربعة في المئة فقط من إجمالي سكان المنطقة، بحسب الفاتيكان، بعدما كانوا يشكّلون 20 في المئة من هؤلاء قبل الحرب العالمية الأولى.

وتعرض المسيحيون في الشرق الأوسط خلال العشرية الجارية للقتل على أيدي التنظيمات الإرهابية، كما تعرضوا للتهجير بسبب الحروب الأهلية وتفكك الدول، وعانوا من التعصب الاجتماعي الذي تؤججه الحركات الإسلامية ومن التمييز المؤسساتي المتجذر في القوانين والممارسات الرسمية في الكثير من دول المنطقة، ما يؤسس حسب منظمات دولية لاختفائهم من الأوطان التي ولدوا فيها وتجذر فيها دينهم.

وتحذر المنظمات الدولية المعنية بالشعوب المهددة من إقصاء المسيحيين في الشرق الأوسط، وتقول إن مهد المسيحية سوف يخلو قريبا من المسيحيات والمسيحيين، إذا لم يتم إيقاف التهجير الخطير للأقلية الدينية من المنطقة.

وتراجع عدد المسيحيين في سوريا منذ عام 2010 بنسبة 50 في المئة وانخفض إلى نحو 600 ألف شخص، فيما انخفضت نسبة المسيحيين في العراق خلال 30 عاما من 5 في المئة من إجمالي عدد المواطنين إلى 0.4 في المئة فقط.

وكان العراق ذو الغالبية المسلمة يضم مليونا ونصف مليون مسيحي. وقد تراجع عددهم اليوم إلى 300 أو 400 ألف.

ودفع الاقتتال الطائفي عقب الغزو الأميركي عام 2003 العديد من المسيحيين إلى مغادرة البلاد، ثم تفاقمت هجرتهم بصفة عامة تزامنا مع بدء هجمات تنظيم الدولة الإسلامية.

Thumbnail

ويعاني المسيحيون من وضع صعب أيضا في تركيا ولبنان، فيما يؤكد مراقبون أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي التصرف في النهاية والعمل من أجل تحقيق المزيد من حرية العقيدة.

وذكرت تقارير إعلامية غربية أن نسبة المسيحيين من سكان الشرق الأوسط انخفضت من 14 في المئة عام 1910 إلى 4 في المئة في الوقت الحالي، ما دفع قادة الكنائس والمتابعين السياسيين إلى طرح تساؤلات حول إمكانية اختفاء الديانة المسيحية تماما من المنطقة التي ظهرت فيها قبل ألفي سنة.

ويرى متابعون أنه إذا استمرت عملية “اقتلاع” إحدى أهم الفئات الدينية في العالم من الشرق الأوسط، فستكون لذلك عواقب سلبية على مفاهيم التعددية والتسامح وعلى قدرة شعوب المنطقة على العيش المشترك والتفاعل مع بقية العالم.

ويبرر هؤلاء الاهتمام بالمسيحيين في المنطقة “بكونهم يمثلون فئة مهمة لها جذور عميقة في المنطقة، ويعتبر وضعهم بمثابة باروميتر عن قدرة الذين ينتمون إلى الأديان الأخرى أو غير المؤمنين على التعايش والتقدم في المستقبل في الشرق الأوسط”.

ويقول صامويل تادرس، الباحث في مركز الحرية الدينية التابع لمعهد هدسون، إن الوجود المسيحي في الشرق الأوسط يواجه خطر الزوال… ليس في الأمر مبالغة”.

ويضيف تادرس” بالتأكيد لن يرحّل أو يقتل الجميع، ليس هذا ما نتحدث عنه. سيبقى هناك مسيحيون في المشرق. مازالت هناك بضعة آلاف من المسيحيين في تركيا، لكن المسيحية نفسها انتهت هناك. ما نتحدث عنه إذا هو انتهاء الوجود المسيحي كوجود فعال ومؤثر، انتهاء تراث ممتد منذ ألفي عام، انتهاء هوية برزت وتشكلت في الشرق الأوسط”.

5