فرنسا تدعم منظومة الدفاع السعودية ضد الهجمات الجوية

المبادرة الفرنسية جاءت بعد فشل باريس في إقناع شركائها الأوروبيين بعمل جماعي لتأمين خطوط الملاحة في الخليج.
السبت 2020/01/18
إلى الشرق در

باريس - أعلنت باريس، الجمعة، عن إرسالها قوات عسكرية إلى شبه الجزيرة العربية ومنطقة الخليج، لتلحق بذلك بمختلف القوى العالمية التي أعلنت انخراطها بأشكال مختلفة ومستويات متفاوتة في تأمين تلك المنطقة الحيوية شديدة الأهمية لمصالحها، ولاسيما خطوط الملاحة البحرية المهمة للتجارة الدولية ولإمداد الأسواق العالمية بالنفط.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنّ بلاده نشرت وحدات من قوات العمليات الخاصة الفرنسية في شبه الجزيرة العربية والخليج.

وأضاف في تغريدة على تويتر “على الرغم من حدوث تغيرات في المنطقة فإن قواتنا تواصل مكافحة داعش. لقد نشرنا وحدات القوات الخاصة جاغوار في شبه الجزيرة العربية والخليج في زمن قياسي قصير”.

ومن جهتهم قال مسؤولون فرنسيون إن بلدهم نشر منظومة رادار على الساحل الشرقي للمملكة العربية السعودية لتعزيز دفاعاتها بعد هجمات صاروخية استهدفت بعض المنشآت النفطية في سبتمبر الماضي.

واتهمت فرنسا إيران بتنفيذ الهجمات التي استُخدمت فيها طائرات مسيرة وصواريخ مجنّحة، وتعهدت بتقديم يد العون لمنع تكراره. وكان ماكرون أعلن عن إرسال حاملة الطائرات شارل ديغول إلى منطقة الشرق الأوسط، اعتبارا من يناير الجاري وحتى أبريل القادم، لدعم عمليات الجيش الفرنسي هناك.

وقال في كلمة للجيش الفرنسي “حاملة الطائرات ستدعم قوات عمليات تشامال في الشرق الأوسط من يناير إلى أبريل 2020 قبل نشرها في المحيط الأطلسي وبحر الشمال”.

ودفعت التوتّرات الجارية في الشرق الأوسط منذ الصيف الماضي والتي ازدادت وتيرتها مؤخّرا بفعل ازدياد حدّة الصراع بين إيران والولايات المتحدة والذي كاد يتحوّل إلى صدام مسلّح، العديد من القوى العالمية لاتخاذ إجراءات عملية للمشاركة في تأمين منطقة الخليج وخطوطها البحرية والمياه الدولية القريبة منها.

وسبقت الولايات المتحدة مختلف القوى الدولية إلى قيادة جهد مشترك لتأمين طرق الملاحة في الخليج ومضيق هرمز وبحر عمان وصولا إلى مضيق باب المندب والبحر الأحمر، إلّا أن كبار منافسيها الدوليين أبدوا رغبة في لعب دور مواز في المجال.

وبادرت اليابان في ديسمبر الماضي إلى نشر المدمرة تاكانامي التابعة لقوات الدفاع الذاتي، وطائرتي دورية من طراز بي 3 سي، بالإضافة إلى 260 جنديا من العاملين على متن تلك الآليات العسكرية في المياه المفتوحة في خليج عمان وخليج عدن وشمال بحر العرب.

وأجرت الصين وروسيا آخر الشهر الماضي مناورات بحرية بالتعاون مع إيران في المحيط الهندي وبحر عُمان. ومن جهتها كشفت باريس بوضوح عن نيتها قيادة جهد أوروبي لحماية الملاحة الدولية في الخليج يكون مستقلا عن الجهد الذي تقوده واشنطن.

قوات خاصة فرنسية في شبه الجزيرة العربية
قوات خاصة فرنسية في شبه الجزيرة العربية

وقالت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي في نوفمبر الماضي إنّ بلادها تعتزم إنشاء تحالف أوروبي بحري لمراقبة التحركات في مياه منطقة الخليج يعمل بالتنسيق مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

وشرحت أنّ الهدف من المهمّة الأوروبية “أن نساهم نحن أيضا في ضمان أمن الملاحة البحرية في الخليج إلى أقصى حدّ ممكن”. لكنّ الولايات المتّحدة التي سبقت فرنسا إلى تأسيس تحالف لحماية حركة الملاحة في مياه الخليج يضم الإمارات والسعودية والبحرين وبريطانيا وأستراليا وألبانيا ويتّخذ من العاصمة البحرينية المنامة مقرا له، قلّلت من حظوظ باريس في النجاح بقيادة هيكل مُواز.

وقال الكولونيل جون كونكلين رئيس هيئة أركان التحالف “لم ينضمّ أحد بعدُ إلى التحالف الفرنسي. والفرنسيون يحاولون منذ فترة لكنهم لم يحققوا نجاحا”.

وبحسب مراقبين، فإنّ المبادرة الفرنسية ترجمة لطموح باريس لملء الفراغ النسبي الذي تعتقد أنّه بصدد النشوء عن تراجع دور واشنطن في المنطقة، وهو ما عبّرت عنه الوزيرة بارلي عندما أعربت خلال مشاركتها في مؤتمر حوار المنامة المنعقد خلال الخريف الماضي في العاصمة البحرينية، عن قلقها من تبعات ما اعتبرته تراجعا “تدريجيا ومتعمّدا” للدور الأميركي في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أنّ تجنّب الرد على اعتداءات الخليج أدى إلى أحداث خطرة.

وقوبلت المبادرة الفرنسية بفتور أوروبي ترجمه موقف ألمانيا منها وذلك من خلال رفضها مشاركة الجيش الألماني في المهمة العسكرية التي تعتزم فرنسا القيام بها في الخليج، مؤكّدة أن أي مشاركة عسكرية ستكون محتملة بالنسبة إلى الحكومة الاتحادية فقط إذا صارت المبادرة الفرنسية مهمة للاتحاد الأوروبي بأكمله.

ويبدو أن فشل باريس في إقناع شركائها في الاتحاد الأوروبي بالانخراط في عمل جماعي بمنطقة الخليج وخطوط الملاحة هناك جعلها تنتقل إلى العمل الفردي من خلال إرسالها قوات إلى الخليج حيث ترغب فرنسا في تسجيل حضورها بين مختلف القوى الدولة المنجذبة إلى تلك المنطقة برغبة الحفاظ على المصالح الحيوية.

3