فرنسا تتهيأ تشريعيا لمواجهة تدخلات خارجية في شؤونها

باريس – يتجه النواب الفرنسيون إلى إقرار قانون لمواجهة التدخلات الأجنبية، بشكل نهائي الأربعاء، ما سيعزز الترسانة التشريعية، بينما يتنامى التوتر على خلفية حرب أوكرانيا وغزة.
وأتى اقتراح القانون بمبادرة من لجنة شؤون الاستخبارات البرلمانية والتي تضم غالبية الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.
وكان مجلس الشيوخ قد أقر النص يوم الاثنين الماضي بعد اتفاق على النسخة النهائية بين النواب وأعضاء المجلس في ظل توقعات بأن يتجاوز العقبة الأخيرة في البرلمان قبل أيام من موعد الانتخابات الأوروبية.
وقالت مقررة المجلس انييس كاناي العضو في مجموعة الجمهوريين البرلمانية إن النص يسد "ثغرات في نظامنا"، فيما شددت النائبة كونستانس لوغريب العضو في حزب ماكرون وإحدى معدات اقتراح القانون أن هذه التدابير "أساسية وضرورية."
واتهمت النائبة موسكو بالوقوف وراء زعزعة الاستقرار في فرنسا، مشيرة إلى نجمات داود التي رشت بالطلاء على جدران في منطقة باريس والأيدي الحمراء المرسومة على نصب المحرقة اليهودية و"النعوش المزيفة" التي وضعت السبت تحت برج إيفل.
وينص القانون خصوصا على إنشاء سجل وطني للتأثير واتخاذ إجراءات لتجميد الأصول المالية وتعزيز مكافحة التدخلات من خلال مراقبة عبر الخوارزميات التي تقتصر راهنا على مكافحة الإرهاب.
وبموجب التشريع الجديد سيتم ادراج أسماء ممثلي مصالح أجنبية يقومون بنشاطات ضغط في فرنسا، في سجل وطني مع مجموعة من العقوبات الجنائية للمخالفين.
وتشمل هذه التدابيرالأشخاص الماديين والمعنويين الذين يحاولون التأثير على مسار اتخاذ القرارات العامة أو على السياسات الرسمية الفرنسية من خلال التواصل مثلا مع برلمانيين ووزراء وبعض المسؤولين المحليين المنتخبين أو رؤساء جمهورية سابقين.
أما الكيانات الأجنبية التي قد تعتبر أنها تقف وراء محاولات كهذه، فهي قد تكون شركات تسيطر عليها دول وأحزاب سياسية من خارج الاتحاد الأوروبي أو دول أجنبية بحد ذاتها من خارج التكتل القاري.
كما ينص اقتراح القانون أيضا على تجميد الأصول المالية للأفراد والشركات أو الكيانات الذين يقومون بنشاطات تدخل في الشؤون الفرنسية.
وستشرف السلطة العليا لشفافية الحياة العامة على هذا السجل. وسيبدأ العمل به في الأول من يوليو 2025 إذ أن هذه المهلة ستسمح بتزويد المؤسسة بالأموال والطواقم الكافية.
ويتوقع أن يدعم اليمين والتجمع الوطني اليميني المتطرف في الجمعية الوطنية، مرة جديدة اقتراح القانون الأربعاء حتى لواعتبروا أنه ليس طموحا كفاية.
وفي المقابل، من المرجح أن ينقسم اليسار بشأنه، فقد يؤيد الاشتراكيون النص، في حين يستعد الشيوعيون ونواب "فرنسا الأبية" للتصويت ضده.
وينتقد هذا الحزب خصوصا توسيع إجراءات مراقبة تجريبية عبر خوارزميات أطلقت عام2015 في مجال مكافحة الإرهاب، لتشمل التدخلات الأجنبية، ويقوم ذلك على رصد بيانات عمليات تواصل عبر الانترنت.
وقال باستيان لاشو النائب عن "فرنسا الأبية" إن "هذا النص أعد على عجل ولا يرقى إلى مستوى الرهانات ويفتح الباب أمام عمليات إشراف خوازرمية تنتهك دولة القانون، مضيفا أنه "من الأهمية بمكان أن ينظر المجلس الدستوري بهذه القضية".
وكانت لجنة الاستخبارات البرلمانية في فرنسا، قد حذّرت في نوفمبر الماضي، من أن البلاد "تواجه خطرا منتشرا ودائما من التدخل الأجنبي". ودعت اللجنة إلى تشريع جديد، لافتة إلى أن الأدوات الحالية المتوفرة في يد أجهزة الاستخبارات لصدّ الخطر على المدى الطويل غير كافية.
وتحدثت عن حملات تلاعب بالمعلومات على نطاق واسع، مشدّدة على أن ذلك يحصل "على مستوى غير مسبوق".
واعتبرت الجمعية الوطنية أن الخطر دائم، حيث طلبت الحصول على تقرير يقدّم للبرلمان كل عامين حول "خطر التدخلات الخارجية".