فرنسا تبدأ خطوات بناء الثقة مع الرباط على طريق الاعتراف بمغربية الصحراء

وزير الخارجية الفرنسي يعلن أمام البرلمان عن توفر ارادة سياسية لتحسين العلاقات مع المغرب وازالة سوء الفهم.
الجمعة 2024/02/16
سيجورنيه يدرك أهمية المغرب لتأمين منفذ إلى أفريقيا جنوب الصحراء

باريس – أكد وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، أن ارتباط فرنسا بالمغرب "مهم بل هو ضروري"، مضيفا أنه يعمل على بناء الثقة "شيئا فشيئا"، لأن هذا الأمر في مصلحة البلدين معا، ما يعزز المؤشرات التي تدل على عزم باريس الاعتراف بمغربية الصحراء في إطار مساعيها لفتح صفحة جديدة مع الرباط التي باتت الحاجة ماسة إليها باعتبارها أول شريك تجاري لباريس في أفريقيا.

وقال وزير الخارجية الفرنسي الذي يبذل جهودا مكثفا لإصلاح علاقته مع المغرب، "أسعى لبناء أجندة سياسية جديدة في تمهيد فرنسا". مشيرا إنه شرع في محاولات بناء الثقة مع المغرب، وفتح باب التواصل مع المملكة من أجل تجاوز "سوء الفهم" الذي أدى إلى صعوبات في التفاهم مسبقا.

ويدرك سيجورنيه كما الحكومة الجديدة والرئيس ايمانويل ماكرون أن الاعتراف بمغربية الصحراء من شأنه أن ينقل العلاقات إلى مستوى متطور مع شريكها التاريخي في المنطقة. ويقوم بتأمين منفذ إلى أفريقيا جنوب الصحراء حيث تمارس الرباط بصورة فاعلة نشاطات "القوة الناعمة" اقتصاديا منذ 2010.

وأورد سيجورنيه أمام البرلمان الفرنسي الأربعاء أن العلاقة مع المغرب "أساسية" وأنه يرغب في تجديد أواصر الثقة بين البلدين، موردا خلال جلسة استماع في الجمعية الوطنية "الإرادة متوفرة، لقد استأنفت التواصل مع المغرب"، وتابع "كان هناك سوء فهم هو الذي أدى إلى صعوبات".

واعتبر الوزير الذي كان الخصم الأول للمغرب في البرلمان الأوروبي قبل أشهر، إن ما يتم فعله الآن "أفضل وبشكل مختلف" في إشارة إلى الأزمة الدبلوماسية التي حدثت سابقا، معبرا عن رغبته في "الحوار مع المسؤولين السياسيين المغاربة، بشفافية ومع احترام جميع الأطراف". حيث تقتضي مصلحة فرنسا اليوم تغيير مواقف السياسيين بمن فيهم سيجورنيه السابقة المعادية للمملكة واتباع نهج جديد للتقارب مع الرباط، لاسيما بعد نكسات وانحسار نفوذ فرنسا في منطقة الساحل مقابل صعود المغرب كقوة وازنة وكشريك موثوق استطاع اختراق العمق الافريقي بدبلوماسية سياسية واقتصادية هادئة بناء على شراكات استراتيجية تخدم مصالح أفريقيا والمملكة.

وهذه هي المرة الثاني التي يتطرق فيها وزير الخارجية الفرنسي الجديد إلى العلاقة مع المغرب في ظرف أقل من أسبوع، إذ قال في حوار صحفي نُشر نهاية الأسبوع الماضي، إنه سيبذل قصارى جهده في الأسابيع والشهور المقبلة من أجل تحقيق التقارب بين البلدين.

وتدرك الشخصيات السياسية في الحكومة الجديدة أن عليها العمل على المضي قدما لتحسين العلاقات الثنائية مع الرباط، لاسيما أن فرنسا تعيش بشكل عام علاقات متشنجة مع عدد من مستعمراتها السابقة في إفريقيا، وهي بأمس الحاجة إلى علاقة وطيدة مستقرة مع المغرب.

وكشفت صحيفة "أفريكا انتليجنس" المتخصصة في الشؤون الإفريقية بان ماكرون يستعد لزيارة الرباط مشيرة إلى أن الرئاسة الفرنسية تخطط لإطلاق صفحة جديدة في العلاقات الثنائية وإعطاء دفعة إيجابية في العلاقات بين البلدين، لذلك تحرص على تكثيف جهودها الدبلوماسية لبعث رسائل إيجابية والإعراب عن رغبتها بتحسين العلاقات مع الرباط ودفعها للأمام، بتأكيدها أن الشخصيات السياسية الموجودة في الحكومة والتي اتخذت سابقا مواقف عدائية ضد المملكة، تحرص أشد الحرص على فتح صفحة جديدة وتحقيق التقارب مع الرباط.

وربما يكون رئيس الوزراء الجديد غابريال أتال الذي عرف هو الآخر بمواقفه العدائية تجاه المغرب، قد استفاد من الدرس السابق ومحاولات بلاده الحثيثة لتحسين العلاقات مع الرباط نظرا لأهميته وموقعه الاستراتيجي في المنطقة، لاسيما أنه يعتبر أول شريك تجاري لفرنسا في أفريقيا، ويقوم بتأمين منفذ إلى أفريقيا جنوب الصحراء حيث يمارس بصورة ناشطة "القوة الناعمة" اقتصاديا منذ 2010.