فرص نجاح إضراب القضاة ضعيفة في الضغط على قيس سعيد

قيس سعيّد يشدد على ضرورة اقتطاع أيام العمل حتى لا يتكرّر المساس بمصالح المتقاضين.
الثلاثاء 2022/06/07
إضراب شل المحاكم التونسية

تونس – بدأ القضاة في تونس الاثنين إضرابا في محاولة لثني رئيس الجمهورية قيس سعيد عن عزل 57 قاضيا بمرسوم رئاسي، وهي محاولة رجحت أوساط سياسية وقانونية أن لا يُكتب لها النجاح خاصة وأن الرئيس سعيد عُرف بتحديه هو الآخر.

وسيستمر الإضراب الذي دعت إليه جمعية القضاة التونسيين وهياكل مهنية أخرى في القطاع لمدّة أسبوع رفضا لقرار الرئيس قيس سعيّد بعزل هؤلاء القضاة بتهم مختلفة، وكذلك رفضا لقرار حل المجلس الأعلى للقضاء وتعيين مجلس مؤقت بمرسوم رئاسي.

وفي تعليقه على قرار القضاة بالدخول في إضراب عام أكد الرئيس سعيّد الاثنين لدى لقائه مع وزيرة العدل ليلى جفال أن المرفق العمومي للدولة لا يمكن أن يتوقف.

وشدد سعيّد على “ضرورة اقتطاع أيام العمل واتخاذ جملة من الإجراءات الأخرى المنصوص عليها في القانون حتى لا يتكرّر المساس بمصالح المتقاضين”.

والسبت الماضي صوت أغلب الحاضرين في المجلس الوطني الطارئ لجمعية القضاة التونسيين بالموافقة على مبدأ الدخول في الإضراب في كافة المرافق القضائية طيلة أسبوع قابل للتجديد.

وقررت الجمعية الدخول في اعتصامات مفتوحة في كل مقرات الهياكل النقابية القضائية وعدم الترشح للمناصب القضائية لتعويض القضاة المعزولين، بالإضافة إلى عدم الترشح للمناصب في الهيئات الفرعية التابعة لهيئة الانتخابات.

وقالت الجمعية إن الإضراب سيشمل القضاء العدلي والمالي والإداري، لكن مع استثناءات تتعلق أساسا بقضايا الإرهاب على مستوى النيابة العمومية وإصدار الأذون بالدفن.

وواجه الإضراب انتقادات لاذعة، حيث اعتبر نوعا من التضامن المهني الأعمى في مواجهة محاولات مؤسسة الرئاسة لإصلاح القطاع الذي نخره الفساد، كما هو الحال مع قطاعات أخرى خلال العشرية التي توصف بالسوداء.

وقال أستاذ القانون الدستوري والنائب في المجلس الوطني التأسيسي سابقا رابح الخرايفي إن “القضاة وضعوا أنفسهم بدخولهم في إضراب موضع الموظفين العموميين بدل موضع السلطة”، مؤكدا أنهم لن يستفيدوا من الإضراب وأنهم لن يجبروا رئيس الجمهورية على إلغاء قرار العزل.

رابح الخرايفي: الإضراب سيرفع من شعبية الرئيس بالتفاف الناس حوله

وتابع الخرايفي في تدوينة بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أنه “بهذا الإضراب أعتقد أن القضاة تخلّوا عن ذلك ووضعوا أنفسهم موضع الموظفين العموميين (…) ثانيا، في الآثار المترتبة عن الإضراب، لن يستفيد القضاة منه ولن يجبروا رئيس الجمهورية على إلغاء الأمر الرئاسي الذي عزل القضاة، بل يمكن أن تتبعه قرارات أخرى تتعلق بملفات ما تزال موجودة في مكتب التفقدية العامة بوزارة العدل”.

وأضاف أن “ما سيتحقق هو إلحاق الضرر الجسيم والمتأكد بالمتقاضي الذي ستتعطل مصالحه، ويتضرر كذلك القضاء فيزيد من تعميق فكرة القضاء الفاسد لدى الناس وتزداد النقمة على القضاء والقضاة. وهذا يؤكد رواية رئيس الجمهورية التي تذهب إلى أن الفساد مستشر في القضاء، وهذا سيرفع من شعبيته بالتفاف الناس والمزاج العام حوله”.

وترى المعارضة وبعض الهياكل القضائية أن قرار عزل القضاة المتهمين “بالفساد والتواطؤ والتستر على متهمين في قضايا إرهاب وتعطيل العدالة” فيه تجاوز للقوانين المعمول بها.

وردا على الانتقادات، قالت وزارة العدل إن “13 قاضيا من بين الـ57 المعزولين ثبت تورطهم في تفخيخ مفاصل القضاء، ووقع توظيفهم في السنوات الأخيرة سياسيا للاستيلاء على محاضر أبحاث خطيرة متعلقة بقضايا الاغتيالات والإرهاب وحتى الإجرام الاجتماعي، وتدليسها وإخفائها وعدم إضافتها إلى ملفات القضايا الخاصة بها، والتفريط في محجوز وآلات جريمة والتخابر مع إرهابيين والتسبب في قتل رجال حرس اخترقوا الجماعات الإرهابية، أي تورطوا في جرائم كبرى ترتقي إلى جنايات موجبة للإيقاف منذ مدة”.

وهنالك خلافات حادة بين القضاة أنفسهم، وهو ما أكده رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمايدي الذي أفاد بأن “الجمعية تمد يدها لكل القضاة باستثناء أولئك الخونة الذين غدروا بزملائهم”.

وقال يوسف بوزاخر الرئيس السابق للمجلس الأعلى للقضاء التونسي المنحل “ستتم مقاضاة قرارات الرئيس قيس سعيّد”.

وقد قرر سعيّد البدء في عملية إصلاح القضاء بعد الخامس والعشرين من يوليو الماضي، حيث قرر في السادس من فبراير الماضي حل المجلس الأعلى للقضاء، مؤكدا أن “المجلس أصبح من الماضي”، متهما إياه بالفساد وداعيا إلى ضرورة إصلاح المنظومة القضائية.

ويرى مراقبون أن القضاء التونسي تعرض للاختراق من قبل الأحزاب والمنظمات بعد قرار وزير العدل الأسبق نورالدين البحيري عزل أكثر من ثمانين قاضيا بذرائع مختلفة، ما فتح المجال أمام الإسلاميين للسيطرة على القطاع لتحقيق مصالح حزبية.

ويأتي ذلك في وقت دخلت فيه البلاد في حوار وطني يستهدف صياغة مسودة دستور جديد سيتم عرضه على استفتاء شعبي في الخامس والعشرين من يوليو المقبل رغم الضغط التي يتعرض له الرئيس سعيد والذي لم يثنه عن تنفيذ خارطة الطريق التي رسمها للمرحلة الانتقالية التي تشهدها البلاد.

4