فرص قائد الجيش في رئاسة لبنان تزداد

لا يزال الخصوم السياسيون في لبنان لم يحسموا أمرهم لجهة التوافق على مرشح رئاسي يغلق معه باب الأزمة السياسية التي يعيشها لبنان منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون. ومن بين الأسماء التي تحظى بقدر كبير من الإجماع قائد الجيش العماد جوزيف عون، لكن تزكينه بانتظار تسوية خارجية أيضا.
بيروت - يعكس عدم دعم حزب الله اللبناني لأي مرشح رئاسي، رغم ما يتداول عن رغبته في وصول رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلى قصر بعبدا، أن الحزب لا يزال يدرس خياراته بناء على خارطة تحالفاته المستقبلية.
وتشير مصادر لبنانية مطلعة إلى أن توجه الحزب لدعم ترشيح قائد الجيش جوزيف عون لمنصب رئيس الجمهورية يتعزز تباعا بعد رفض حليفه المسيحي التيار الوطني الحر لترشيح فرنجية وتأكيده على أنه منفتح على أي ترشيحات أخرى.
ويؤكد محللون أن حزب الله خلافا لما يشاع لا يحمل فيتو على قائد الجيش اللبناني بسبب علاقاته المتميزة مع الولايات المتحدة أو غيرها من القوى الدولية وإن كانت الحسابات كثيرة في هذا الإطار.
ويشير هؤلاء إلى أن قائد الجيش لا يمكن أن يأتي رئيسا للجمهورية عمليا، إلا بموجب تسوية سياسية، تماما كما كان يحصل في السابق.
حزب الله لا يحمل فيتو على قائد الجيش بسبب علاقاته المتميزة مع واشنطن أو غيرها من القوى الدولية
وأسهم اتفاق تسوية الحدود البحرية مع إسرائيل، في رفع حظوظ وصول قائد الجيش إلى منصب الرئاسة، إذا قاد حزب الله من خلف الكواليس الصفقة مع إسرائيل.
ويشير مراقبون إلى أن نفس التسوية التي أدت إلى اتفاق ترسيم الحدود قد تتكرر داخليا في انتخاب الرئيس القادم.
ويأتي احتمال ترشيح جوزيف عون على خلفية عدة عوامل داخلية وخارجية أبرزها نجاحه في المحافظة على تماسك الجيش خلال الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية الراهنة في لبنان ووقوفه على مسافة واحدة من مختلف الفرقاء السياسيين وأيضا حضور اسمه في الأوساط الدولية باعتباره “رجل الإنقاذ” في لبنان.
وقال النائب اللبناني ووزير العدل السابق اللواء أشرف ريفي إن هذه العوامل مجتمعة تفتح الأمل في أن يكون العماد عون صاحب الحظ الأوفر للوصول إلى سدة الرئاسة خلال الأسابيع أو الأشهر القليلة المقبلة.
وأوضح ريفي “قراءة نتائج القمة الأميركية - الفرنسية الأخيرة، بين الرئيسين جو بايدن وإيمانويل ماكرون، باتت تؤكد إمكانية حصول انفراج رئاسي خلال الفترة الممتدة ما بين عطلة أعياد الميلاد ورأس السنة العام الحالي وما بين ربيع عام 2023 المقبل كحد أقصى”.
ويتداول اسم عون ليس فقط في الائتلاف الحاكم بل أيضا كمرشح توافقي للمعارضة اللبنانية. ويدعم حزب القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع ترشيح العماد عون لمنصب رئيس الجمهورية.
وقال جعجع الذي أعلن سابقا أنه يدرس ضمن حزبه الترشح لشغل منصب الرئيس “لا أعرف ما هي حظوظ العماد عون في الوصول إلى القصر، وأتمنى أن تكون جيدة، لأنه، كما نجح في دوره الصغير، يمكن أن ينجح في الدور الكبير أيضا. وإذا تبين أن حظوظه متقدمة فإننا طبعا سندعمه”.
وأضاف “هو أدار جيدا مؤسسة الجيش، وحسنها وتصرف كرجل دولة فعلي على رأسها، ولم يقبل، رغم الضغوط التي تعرض لها من أرفع المسؤولين، أن يحيد الجيشُ عن مهامه، أي الحفاظ على الحدود الخارجية، وأيضا على الأمن الداخلي الذي هو اليوم في وضعية مقبولة جدا”.
ويرى مراقبون في ترشيح عون من قبل المعارضة بمثابة مبادرة أولى باتجاه تسوية على انتخاب قائد الجيش، خصوصا أن كون قائد الجيش لطالما كان تاريخيا مرشح توافق، وهو ما لا يبدو عون راغبا بتغييره، وهو المدرك أنّ الانفتاح على الجميع هو وصفة النجاح.
وكان حزب الله قد زكى الرئيس السابق ميشال عون لمنصب الرئيس في سنة 2018 بالرغم من تحفظ حركة أمل الشيعية عليه وتزكيتها لرئيس تيار المردة سليمان فرنجي آنذاك.
ويشير محللون إلى أن حزب الله لا يصطف خلف مرشح دون آخر حتى الآن بل إن تزكيته للرئيس القادم تقوم على حساباته وخارطة تحالفاته المستقبلية.
والأحد دعا البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي إلى تدويل “القضية اللبنانية بعد فشل الحلول الداخلية”.
ومنذ نهاية أكتوبر الماضي، يواجه لبنان أزمة سياسية غير مسبوقة تتمثل في عدم وجود رئيس للبلاد وفي ظل حكومة تصريف أعمال محدودة الصلاحيات وبرلمان منقسم.
وجاء كلام الراعي خلال ترؤسه “قداس الأحد” في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بلدة بكركي شمالي العاصمة بيروت.
واعتبر أنه “لا مناص من تدويل القضية اللبنانية بعد فشل كل الحلول الداخلية”، مضيفا أن “الذين يُفشلون الحلول الداخلية هم أولئك الذين يرفضون التدويل”.
ودون تسمية فريق معين، انتقد الراعي الطبقة السياسية لعدم انتخاب رئيس جديد للبلاد، متسائلا “كيف يحكم النواب على ذواتهم وهم يجتمعون 9 مرات ولا ينتخبون رئيسا للجمهورية؟”.
احتمال ترشيح جوزيف عون يأتي على خلفية عدة عوامل داخلية وخارجية أبرزها نجاحه في المحافظة على تماسك الجيش خلال الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية الراهنة
وأردف “هذا يعني أنهم لا يريدون انتخاب رئيس أو ليسوا أهلا لانتخاب رئيس، وبالتالي يطعنون بوجود الجمهورية اللبنانية.. من هنا هناك ضرورة للتوجه إلى الأمم المتحدة ودول القرار لإنقاذ لبنان قبل فوات الأوان”.
ومنذ سبتمبر الماضي، أخفق نواب البرلمان 9 مرات أحدثها الخميس الماضي في انتخاب خلف لميشال عون المنتهية ولايته منذ نهاية أكتوبر الماضي، وسط توقعات باستمرار الفراغ الرئاسي عدة أشهر بانتظار توافقات داخلية وأخرى خارجية. ويستمر في لبنان الانقسام الحاد في المواقف بين الخصوم والحلفاء السياسيين ويزداد الارتباك ويغرق انتخاب رئيس جديد للبلاد في مخاض عسير يصعب تحديد مساره أو رسم خطوط نهايته، فيما ينتظر المانحون الدوليون إنجاز الإصلاحات المطلوبة للإفراج عن المساعدات المالية.
ومن بين القرارات الضرورية المضي قدما في تنفيذ خارطة الإصلاحات الاقتصادية التي يطالب بها المانحون الغربيون لتقديم المساعدات المالية للبنان الغارق في الأزمات.
وكان صندوق النقد الدولي قد أعلن في السابع من أبريل الماضي أن السلطات اللبنانية وفريق الصندوق توصلا إلى اتفاق على مستوى الموظفين بشأن السياسات الاقتصادية الشاملة التي يمكن دعمها بترتيب تمويل ممدد مدته 46 شهرا.
وعلى مدى 79 عاما لم تنتقل السلطة في لبنان من رئيس إلى آخر بطريقة سلسة وفي سياق انتخابات رئاسية طبيعية، إلا خلال عهدين من أصل 13، حيث حصل بعد استقلال لبنان شغور رئاسي ثلاث مرات.