فرساي تحيي ذكرى موليير بتمثال برونزي في "شهر موليير"

النحات كزافييه فيلان استوحى تمثال موليير في فرساي من تمثال للمسرحي موجود في باحة مبنى "كوميدي فرانسيز".
الجمعة 2022/06/03
مسرحي لم تنجب فرساي مثيلا له

فرساي (فرنسا) - بعد نحو أربعة قرون على ميلاده، يعود موليير، المسرحي الفرنسي الشهير، إلى مدينة فرساي، أول مسرح قدم منه أشهر مسرحياته الخالدة، في شكل تمثال برونزي.

وفي إطار افتتاح مهرجان "شهر موليير" الذي يقام سنويا طوال شهر يونيو في مدينة فرساي، دُشّنت الأربعاء منحوتة تمثّل موليير، وبدا لافتا أن هذا التمثال البرونزي حديث الطابع، رغم كون الشخصية التي يرمز إليها تاريخية.

ووسط التصفيق، أزيحت الستارة عن التمثال الذي يزن 250 كيلوغراما وارتفاعه 1.80 متر، وأقيم على مقربة من محطة "ريف غوش" للقطارات في فرساي في مساحة صغيرة خضراء، وهو موقع اختير نظرا إلى أن موليير كان يقدم مسرحياته في حدائق القصر أثناء حفلات الترفيه الملكية.

وثمة تمثال شهير للملك لويس الرابع عشر على حصانه أمام قصر فرساي، ولكن ليس في المدينة الملكية السابقة أي تمثال لأشهر الكتاب المسرحيين في فرنسا، الذي كان يحظى برعاية الملك نفسه، وعرض أمامه معظم مسرحياته في فرساي.

منحوتة موليير دُشّنت في إطار افتتاح مهرجان "شهر موليير" الذي يقام سنويا طوال شهر يونيو بمدينة فرساي

وفي المدينة الواقعة في شمال فرنسا، ألف موليير نسخته الأولى من مسرحية "طرطوف"، والتي سرعان ما خضعت للرقابة، ثم مسرحية "الحب المُداوي" ومسرحية "جورج داندان" وحتى مسرحية "ارتجالية فرساي".

وتقدم مسرحية "ارتجالية فرساي" ضمن "شهر موليير" وهو مهرجان للمسرح يقام في المدينة، وأطلق منذ 26 عاما ويتيح للفرق الناشئة تقديم نسختها الخاصة من أعمال موليير المسرحية.

وطلب رئيس بلدية فرساي ومؤسس المهرجان فرنسوا دو مازيير إقامة هذا التمثال بمناسبة الذكرى 400 لولادة موليير (واسمه الأصلي جان باتيست بوكلان) التي احتفل بها هذه السنة، لكن الفكرة كانت تراوده منذ مدة طويلة.

وقال "عندما تذهب إلى سالزبورغ، ترى موزار في كل مكان، فهم يقدرون تاريخهم.. ويجسد موليير الثقافة الفرنسية ولكن أيضا ثقافة شعبية رفيعة المستوى".

وتولى تنفيذ التمثال النحات كزافييه فيلان الذي استوحى تمثال موليير في فرساي من تمثال للمسرحي موجود في باحة مبنى "كوميدي فرانسيز".

ويظهر موليير في هذا التمثال الذي نفذه نحات من القرن الثامن عشر هو جان جاك كافيري في وضعية الجلوس، ورجلاه ممدودتان ويضع رأسه على يده. وقال فيلان إن التمثال بلا قاعدة تعبيرا عن "حرص موليير على أن يبقى قريباً من جمهوره".

وفي أواخر مايو، خلال مرحلة النحت، انبعثت رائحة البرونز والمواد المذوبة من إحدى محترفات مسبكة كوبرتان الواقعة في فاليه دو لا شيفروز. وأوضح مدير المسبكة كريستوف بيري "من المؤكد أن هذا التمثال سيجعل موليير أكثر حضوراً في المدينة، فهو يستحق هذا التكريم".

وإلى جانبه، انكبت حرفيّة تضع نظارات متخصصة على صقل جزء من المنحوتة لجعلها ناعمة. وشرح بيري أن تقنية رمل الصب التي استخدمها توفّر "نعومة وصلابة كبيرتين، ولا تترك عيوبا".

وأضاف "في هذا العمل بخلاف الترميم لا ننظر إلى الأعمال المطبوعة، إنما نسخة الفنان هي التي لها الأولوية". وتابع مبتسما "موليير هنا ليس له شارب"، كما يبدو في عدد من الرسوم التي تمثله.

وبلغت كلفة التمثال 130 ألف يورو وتولى تمويله صندوق "إيمريج". أما المساحة الخضراء التي سيزينها التمثال فنسقها المهندس المعماري نيكولا جيلسول بتمويل من بلدية المدينة.

التمثال تجسيد لحرص موليير على أن يبقى قريبا من جمهوره
موليير يظهر برجليه الممدودتين وهو يضع رأسه على يده

واللافت أن مسبكة كوبرتان نفذت تماثيل لشخصيات تاريخية، ولاسيما تمثال الجنرال شارل ديغول الموجود في جوار جادة الشانزليزيه وتمثال ونستون تشرشل، وكلاهما للنحات جان كاردو.

و"شهر موليير" هو مهرجان مسرحي وموسيقي يقام سنوياً من بداية شهر يونيو إلى نهايته. وتنظم الاحتفالات في الشوارع والحدائق العامة والمسارح والمواقع التاريخية لمدينة فرساي ويستضيف أكثر من عشرة آلاف مشارك وزائر.

وابتكر هذا الاحتفال فرانسوا دي مازيير في عام 1996 والذي يعد حافزا لإحياء المسرح الجماهيري الكبير مُركزاً فيه على برمجة الشركات الصغرى التي تُقدم غالبية عروضه مجانا.

وانطلق المهرجان من "رغبة في إقامة مهرجان شعبي لجميع الجماهير بما في ذلك العائلات". هذه هي روح مويس موليير، التي أنشأ منها رئيس بلدية فرساي، فرانسوا دي مازيير، مهرجانا منذ أكثر من 25 عامًا، عندما كان نائبًا مسؤولاً عن الثقافة.

الستارة أزيحت عن التمثال الذي يزن 250 كيلوغراما وارتفاعه 1.80 متر وأقيم على مقربة من محطة "ريف غوش" للقطارات في فرساي

ويمنح برنامج المهرجان هذا العام مكانة مرموقة لإبداعات الفرق التي لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بموليير، والتي تقدم عروضا مسرحية محورها موليير ومسرحياته الشهيرة ومن بينها مسرحية “رحلة موليير” لجان فيليب داجير، و” الطبيب رغم أنفه”، المسرحية التي أعيدت صياغتها في القرن التاسع عشر من قبل تشارلز جونود في شكل موسيقي ومسرحي، وهي من إخراج نيكولا ريجاس، بالإضافة إلى عشرات المسرحيات الأخرى.

وستكون هناك أيضًا حفلات موسيقية وعروض للأطفال ومؤتمرات تجعل من المدينة الملكية مسرحًا في الهواء الطلق. ولم يترك الكاتب المسرحي الفرنسي الشهير موليير (ٍ1622 - 1673) أي أثر شخصي عنه، لكنه ترك آثارا مسرحية جعلته أعظم مؤلف كوميدي غربي عرفه العالم إلى الآن.

ويُعد موليير أحد أهم أساتذة الهزليات في تاريخ الفن المسرحي الأوروبي، ومُؤَسسُ «الكوميديا الراقية». قام بتمثيل حوالي 95 مسرحية؛ منها 31 من تأليفه، وتمتاز مسرحياته بالبراعة في تصوير الشخصيات، وبالأخص في تكوين المواقف والقدرة على الإضحاك. من أشهر مسرحياته: مدرسة الأزواج (1661) ومدرسة الزوجات (1662) وطرطوف (1664) والطبيب رغم أنفه (1666) والبخيل (1668) وعدو البشر (1670) والنساء المتعلمات (1672) والمريض الوهمي (1673) وأمفيترون التي اقتبسها من مسرحية الشاعر اللاتيني بلاوتوس.

التمثال تجسيد لحرص موليير على أن يبقى قريبا من جمهوره
التمثال تجسيد لحرص موليير على أن يبقى قريبا من جمهوره

15