"فرجة" منصة بث رقمية للتلفزيون المغربي تثبت أنها رهان ناجح

يعمل القائمون على التلفزيون المغربي والإنتاج الدرامي على إتاحة التواصل مع الأجيال الجديدة وإطْلاعهم على الإنتاجات الفنية المحلية القديمة والجديدة عبر منصة “فرجة” التي ربحت الرهان باستقطاب رقم قياسي في المشاهدة ونافست نتفليكس بقوة على المستوى المحلي.
الرباط - تحظى "فرجة" أول منصة مغربية عمومية لمتابعة الفيديو تحت الطلب بانتشار واسع في المملكة وأصبحت تنافس منصات الفيديو العالمية مثل نتفليكس، باعتبارها نافذة مختصة بالأعمال الدرامية المحلية التي تحاكي الجمهور المغربي.
ونجحت المنصة في كسب ثقة الجمهور إذ جاءت استجابة لمطالب تمكين المشاهد المغربي من فرصة للاطلاع على الإنتاجات الدرامية التي عرضت في وقت سابق والتحرر من منظومة “الإكراه في المشاهدة”، في الوقت الذي باتت هذه الصيغة منتشرة بقوة على المستوى العالمي. وسجّلت “فرجة” حتى نوفمبر الماضي مليون تحميل للتطبيق، بينما نتفليكس منصة البث الأكثر اشتراكاً في العالم، لا يتجاوز عدد المشتركين فيها في المغرب العشرة آلاف.
وتوفر “فرجة” للمستخدمين أكثر من 4000 ساعة من المحتوى السمعي البصري المتنوع، بما في ذلك الأفلام والمسلسلات والمسرحيات والوثائقيات، إلى جانب روائع الإنتاجات المغربية الكلاسيكية.
وتشمل مجموعة متنوعة من الإنتاجات الدرامية المغربية، بما في ذلك السيتكومات والمسرحيات والأفلام والوثائقيات والرسوم المتحركة، بالإضافة إلى إعادة عرض أعمال درامية تاريخية.
وتتميز بمرونتها، حيث يمكن الوصول إلى المحتويات عبر مختلف الأجهزة والشبكات، بما في ذلك التلفزيونات الذكية، أجهزة الكمبيوتر، الأجهزة اللوحية، والهواتف الذكية.
وبدأ العمل على المنصة منذ عام 2022 وتم تحقيق تقدم كبير فيها خلال سنة 2023 حيث تمكنت من تحقيق الهدف بتقوية حضور الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة في الوسائط الرقيمة، بتنويع باقة خدماتها الرقمية وذلك من خلال رقمنة أكثر من ثلاثة آلاف ساعة من المضامين السمعية البصرية ببياناتها الوصفية، وكان الانطلاق الرسمي في أبريل 2024.
المنصة الرقمية مبادرة مهمة تشجع الإنتاج الوطني وتقربه من المواطنين بمواكبة الطفرة الرقمية الحاصلة على المستوى العالمي
وتعد المنصة الرقمية مبادرة مهمة تشجع الإنتاج الوطني وتقربه من المواطنين عن طريق مواكبة الطفرة الرقمية الحاصلة على المستوى العالمي، كما تحقق أهدافا ومطالب فنية بأرشفة وتوثيق مختلف الأعمال الدرامية والفنية باعتماد قواعد بيانات رقمية، حيث تتيح الإمكانيات التقنية المتوفرة حاليا إمكانية معالجة المضامين التي أُنتجت منذ عقود سابقة من خلال إعادة الاشتغال عليها من ناحية الصورة والجودة.
ويسعى القائمون على التلفزيون المغربي والإنتاج الدرامي إلى إتاحة التواصل مع الأجيال الجديدة وتمكينها من نوافذ للاطلاع على مختلف الإنتاجات الفنية التي سبق أن تم إعدادها، مع التعرف كذلك على الوجوه الفنية التي كانت نشطة في وقت سابق.
ومن مهام المنصة الجديدة التأسيس لمخزون فني وطني يكون مادة لدى النقاد والأكاديميين الذين يشتغلون على الإنتاجات الفنية لإبراز مدى وجود تطور بالمملكة في هذا الصدد، ومدى تطور الممارسة الفنية لدى الأفراد كذلك.
وقال ادريس اشويكة، مخرج فاعل في المجال الفني في تصريحات سابقة إن “التأسيس لمنصة رقمية مغربية لعرض الأعمال الفنية الوطنية أمر جد مهم وإيجابي، بالنظر إلى كونه سيمكن المغاربة من الانفتاح على الإنتاج الوطني أكثر من نظيره الأجنبي والمساهمة في تسريع الأرشفة من خلال الاستفادة من التقنيات الرقمية الحديثة.”
وأضاف اشويكة، في تصريح لموقع هسبريس المحلي أن “طرح هذه المنصة بين أيدي المشاهدين المغاربة يعد إضافة للمشهد الفني المغربي وجوابا عن مطالب سبق أن تم طرحها، سواء من قبل المهنيين الفنانين أو المواطنين المغاربة كذلك والجيل الحالي التواق إلى الاطلاع على الإنتاجات الوطنية الدرامية.”
"فرجة" توفر للمستخدمين أكثر من 4000 ساعة من المحتوى السمعي البصري المتنوع، بما في ذلك الأفلام والمسلسلات والمسرحيات والوثائقيات
وأوضح أن “هذه الديناميكية يجب أن تسايرها ديناميكية على مستوى حقوق التأليف، حيث تؤكد القوانين المعمول بها في هذا الإطار وجوب تأدية الحقوق للمساهمين في أي عمل فني يتم استغلاله، وهو ما يتكلف المكتب المغربي لحقوق المؤلف بتدبيره وتسيير شؤونه.”
وتمكنت “فرجة” في أكتوبر الماضي من الفوز بالجائزة الذهبية كأفضل منصة رقمية في أفريقيا، في خطوة تعزز مكانة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة كواحدة من الرواد في مجالي الابتكار والتحول الرقمي على الصعيدين القاري والدولي.
وتم تكريم المنصة تقديرا لتفوقها في مجالات تجربة المستخدم وتجربة العملاء وابتكار واجهات المستخدم.
وحسب بيان للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة يعكس هذا التتويج الأداء المتميز لمنصة “فرجة”، حيث تمكنت من تسريع تكييف المحتوى السمعي البصري للمرفق الإعلامي العمومي مع التوجهات الجديدة للاستهلاك الرقمي، خاصة لدى فئة الشباب.
ويهدف المشروع إلى تعزيز التكامل بين البث التلفزيوني التقليدي والبث الرقمي، ضمن إستراتيجية الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة لتحقيق التحول الرقمي.
وكشف البيان أن المنصة حققت منذ إطلاقها في أبريل وحتى نهاية غشت 2024، أكثر من 6.5 مليون مشاهدة لمحتوياتها، مع تحميل التطبيق الخاص بها على الأجهزة الذكية من قبل 737 ألف مستخدم.
القائمون على التلفزيون المغربي والإنتاج الدرامي يسعون إلى إتاحة التواصل مع الأجيال الجديدة
وأَضاف “كما سجلت المنصة أكثر من 5.7 مليون حدث تفاعلي، بما في ذلك مشاهدات المحتوى، الإيقاف المؤقت، ومشاركة المحتوى.”
وتم تسجيل هذه التفاعلات من داخل المغرب حوالي 4.3 مليون حدث، بالإضافة إلى بلدان إقامة الجالية المغربية، مثل فرنسا 504 آلاف حدث، إسبانيا 164 ألف، إيطاليا 121 ألف، وكندا 91 ألف و810 أحداث.
وجاء هذا النجاح استمرارا لتنفيذ الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة لإستراتيجيتها الرقمية التي انطلقت بشكل مكثف منذ عام 2019، تحت قيادة فيصل العرايشي، الرئيس المدير العام، الذي أسس بنية تحتية رقمية تدعم تطوير المنصات الرقمية بالتعاون مع شركاء داخليين وخارجيين.
وقد سبق للشركة أن حصلت على الجائزة الذهبية لأفضل ابتكار رقمي أفريقي سنة 2018 عن تطبيقها للبث الحي والمتدفق خلال القمة الرقمية الأفريقية.
وفي ديسمبر الماضي، أطلقت الشركة رسميا أشغال بناء مقرها الجديد بمدينة سلا، وتحديدا بالمنطقة التكنولوجية لتكنوبوليس، بالقرب من الجامعة الدولية بالرباط. وحسب مصادر مقربة من المشروع، فإن المقر الجديد سيكون فائق العصرنة، وبمواصفات تتماشى مع آخر صيحات الحداثة في هذا المجال.
ويهدف هذا المشروع الطموح، الذي يعد جزءا من ديناميكية التحديث والابتكار التي اختارتها الشبكة ضمن إستراتيجيتها الجديدة، إلى تزويد الشركة ببنية تحتية حديثة تلبي المعايير الدولية، وتساير التطور العالمي الحاصل في مجال البث التلفزيوني، لتصبح منصة إعلامية فاعلة وناجعة على المستويين الإقليمي والدولي.
وسيمثل المقر المستقبلي، الذي من المقرر تسليمه قبل كأس العالم 2030، حقبة جديدة في المشهد السمعي البصري المغربي.
والشكل النهائي للمشروع الذي سيضم كل قنوات القطب العمومي التلفزيوني الوطني، سيشمل استوديوهات الإنتاج والبث المجهزة بأحدث التطورات التكنولوجية، ومساحات العمل التعاونية للفرق العاملة بالشركة، بالإضافة إلى البنى التحتية المسؤولة بيئيًا والتي تدمج الحلول المستدامة والإدارة الأمثل للطاقة.