فراق

الاثنين 2015/07/20

أشعلت شموعي لتضيء ملامح جديدة منك لم أكن أعرفها، لتريني زاوية أقل عتامة مما أنت عليه في فراقنا الأخير، لتكشف لي ما جاهدت لإخفائه حبيبي، ولكنني حين أضأت كل الشموع وجدت تقاسيم وجهك تخيفني، تقلقني، تفزعني، ما أبشع أن أنظر لوجه أحببته أعواما فلا يمنحني الأمان، ما أقبح ألا أمطرك بقبلاتي الخجلى وأنا أعلم أنها ستكون المرة الأخيرة.

زحزح الخوف حبي، وملامحك الجميلة تنهار في الظلام، وعيناك التي كانت حضني وملاذي تتجحظ على ضوء شموع تهرب من الحياة. لملمت شجاعة لا أملكها في هذة اللحظات، وشققت صدري، أخرجت القلب النازف لأوقف نزفه وأطهره من حبك علني أستفيق من سطوة عمر كنت فيه عمري ومن سيطرة قلب لم أسكنه ولكنه سكنني.

ما أسهل مهمتي! حين ربت على قلبي اهتز، فليست له مطالب غير تلك اللمسة الحنونة التي لا تملكها حبيبي، سقف مطالب قلبي لا يرتفع. فقط هو يريد هدهدة مهد يبحث عن صغير يسكنه.

ضمدت جراحه وأعدته إلى مكانه، ولكن صدري ضاق بقلب ميت، مات قلبي منذ زمن، منذ أن قتلت الإحساس الذي كنت أحسك به، أحبك به، كنت أتواصل مع العالم من نقطة ارتكازي على مشاعر أراها قوتي وتراها ضعفي. ما أجمل الضعف حين تكونه أنت، يا نقطة ضعفي الجميلة، ما جدوى القوة إن كانت تعني قدرتي على الفراق، ومباركة رغبتك في الرحيل.

ما أقساك حبيبي حين لا تملك مآقيك دمعة تمنحني إياها على عتبات البعاد لأظل أذكر أنك مازلت تحمل بعضا من مشاعر. حتى عيوني التي كانت تحمل الكثير من الدموع تذرفها في كل اتجاه، تهدرها على مشاهد رومانسية زائفة، وصور مفتعلة لتعذيب وقتل، وصور أكثر بشاعة لتفجيرات أطفال لا يعلمون عن البشاعة شيئا.

فقدت شموعي بريقها، ذابت في كؤوس فارغة إلا من قطرات خوف سال من ألم الفراق، تتعبد في محراب المجهول تنادي حبيبا لا يسمعها، تصلي صلاة أخيرة في محرابك أنت، علك ترحم ضعف شوقها وهجير نار البعد يحرقها.

وقفت في شموخ مصطنع أخبئ حبي في مكان ما، فلم أعد أملك ذلك القلب الضعيف الذي يسكنه الحب. ألتقيه على بعد عمر، أداري ما تبقى عندي من مشاعر ظلت تكافح الموت لعلك تحييها بكلمة، بلمسة، بقبلة مجنونة لتمحو ذكرى يوما سارعت فيه لقتلي بالفراق. أنت تملكني فكيف تترك صك ملكيتي هكذا بلا خزانة تؤمن خاصتك، كيف تطرح مشاعري في مزاد علني على الآخرين.

القرب كان قرارا اتخذناه معا فلن أترك لك قرار الفراق وحدك ترسم معالمه، وتحدد طقوس البعاد دوني، سأبحث عن قلبي وقلبي “قلبك”، فكلاهما واحد لا فرق. سأنعش ذاكرة حبك ببطارية عشقي. سألملم عمري ولن أتركك، فأنت عمري.

من الممكن أن نرى الحب من طرف واحد، ولكن الحياة يجب أن تكون من جميع الأطراف، فلا تتركوا الحياة لاحتمالات البعد والفراق، ولكن جددوا الخطاب العشقي، فالحياة تستحق أن نحياها. صباحكم حب بلا فراق.

21