فحص شامل للمقبلين على الزواج في مصر بقوة القانون

نشر ثقافة الزواج الصحي يؤسس لحالة من الاكتمال بين الزوجين.
الجمعة 2022/02/25
الفحص الطبي الشامل يحمي الأبناء من الأمراض الوراثية

يحظى مشروع قانون الفحص الشامل للمقبلين على الزواج في مصر بتأييد واسع من نواب البرلمان على أن يتم إجراؤه على كل أجزاء الجسم وتقييم الحالة العقلية والنفسية للزوجين والتحقق من خلوهما من الأمراض التي تؤثر على حياتهما ونسلهما. ويرى مستشارو العلاقات الأسرية أن القانون الجديد سيحول دون أن تكون الحياة الزوجية قائمة على الخداع والمغالطة.

القاهرة – بدأت الحكومة المصرية تتحرك لإلزام المقبلين على الزواج إجراء فحوصات طبية، جسدية ونفسية، كشرط لإتمام الزيجة على أن يكون ذلك بقوة القانون، إذ يناقش مجلس النواب تشريعا يضع حدا لوقائع التحايل في مسألة الفحوصات الخاصة بالزواج، ويتم الحصول عليها من مستشفيات حكومية بمقابل مادي من دون فحص.

وتهدف الحكومة من وراء الخطوة إلى نشر ثقافة الزواج الصحي، وهو مفهوم يؤسس لحالة من الاكتمال بين الزوجين من النواحي الصحية والاجتماعية لحماية الشريكين وأولادهما من الأمراض الوراثية، حيث يخضع الطرفان لفحص مبكر ودورة تأهيل شاملة، إذا كانا كلاهما مصريين أو أحدهما.

ويشترط مشروع القانون الذي يحظى بتأييد واسع من نواب البرلمان أن يتم إجراء الفحص الطبي للمقبلين على الزواج على كل أجزاء الجسم وتقييم الحالة العقلية والنفسية والتحقق من خلوهما من الأمراض التي تؤثر على حياتهما الزوجية ونسلهما.

وإذا كان أي من المقبلين على الزواج حاملا لجينات وراثية خطيرة فلهما الحرية في إتمام الزواج من عدمه بعد حضور جلسة توعية بطب الأسرة حول التأثيرات الصحية.

ويرى مؤيدون للتشريع أنه يحول دون أن تكون الحياة الزوجية قائمة على الخداع وتعتمد على المكاشفة والمصارحة ليكون كل طرف فيها مدركا بما لدى الآخر من أمراض حتى لا يصطدم بالواقع مستقبلا، ولا يستطيع التصرف وقد يصبح مجبرا على البقاء في علاقة مع شريك لا يتوافق معه.

إذا كان أي من المقبلين على الزواج حاملا لجينات وراثية خطيرة، تصبح للشريكين الحرية في إتمام الزواج من عدمه

ومن المقرر أن يتم منح الشاب والفتاة شهادة تبين لكليهما إذا كان الزواج صحيا أو غير صحي، ويُمنح كلاهما شهادة تفيد اجتياز دورة التأهيل النفسي والاجتماعي والسلوكي، وهذه ميزة ترتبط بأن الكثير من المقبلين على الزواج لا يتم تأهيلهم قبل الارتباط الرسمي أو تدريبهم على تحمل مسؤولية بناء أسرة، ما يتسبب في خلافات وأزمات يعجز الطرفان عن تجاوزها بسهولة، وقد يصل الأمر للطلاق لأسباب واهية.

ولا يجوز، وفق مشروع القانون، للمأذون إبرام عقد الزواج، كما يحظر على أي جهة توثيقه إلا بعد تقديم شهادة السلامة الصحية والنفسية والسلوكية، والخضوع لفحوصات طبية معتمدة من مؤسسة طبية حكومية موقع عليها من اللجان المختصة بذلك.

وإذا كانت نتيجة الشهادة أن الزواج غير سليم تماما يرفق معها إقرار من الطرفين بعلمهما وموافقتهما على النكاح، ويعاقب المأذون أو الموثق بالحبس والغرامة إذا خالف ذلك.

ومن شأن إلزامية الفحوصات خفض حالات زواج القاصرات نسبيا، لأن المأذون لن يجرؤ على إبرام العقد أو التلاعب فيه، طالما أن الجهة الصحية رفضت توقيع الكشف الطبي على فتاة لم تبلغ السن القانونية، وحتى لو كانت الفتاة بالغة فسيحافظ هذا الإجراء على صحتها الجسدية، إذا كانت غير مستعدة للحمل والولادة منعا لتهديد حياتها بالخطر.

ويعتقد متخصصون في العلاقات الأسرية أن الميزة الكبيرة ترتبط بأن الحكومة قررت تطبيق الفحوصات بشكل إلكتروني يصعب التحايل عليه أو تجاوزه من خلال برنامج رقمي عبر بيانات سرية، بغرض التأكد من ربط تسجيل وثيقة الزواج على المنصة الإلكترونية الحكومية بالخضوع للفحوصات الطبية والنفسية.

وتخطط الحكومة المصرية لإنشاء سجل رقمي موحد للأمراض الجينية للمقبلين على الزواج، يشمل نتائج فحوص ما قبل الزواج حول الأمراض الوراثية، بحيث يكون ذلك في المستقبل مرجعية للزوجين إذا تعرض أحدهما أو الأبناء لأي مرض، ويمكن العودة إلى نتيجة الفحص الطبي قبل الزواج لمعرفة ما إذا كان ذلك مرتبطا بمشكلة وراثية أم أنه مرض عارض وحديث الاكتشاف.

Thumbnail

وستكون اللجان المعنية بإجراء الفحوصات مشكّلة من أطباء نفسيين ومتخصصين في الأمراض العضوية والوراثية، على أن تتحمل كل لجنة مسؤولية التوقيع الوهمي على سلامة الفحص، إذا وجد أن أحد الطرفين (الشاب أو الفتاة) مصابا بأي مرض جسدي أو وراثي أو نفسي وعقلي، وتتم مساءلة الأعضاء بعد اكتشاف الحقيقة، وبالتالي من الصعب حدوث تزييف أو تزوير في الأوراق الرسمية خشية افتضاح الأمر.

وظلت الفحوصات الطبية الصورية قبل الزواج أحد الأسباب التي تؤسس لقوام أسري معرض لأزمات مستقبلية، كأن يكون أحد الطرفين حاملا لمرض وراثي أو معد وينتقل بالتبعية للأبناء وبشكل يحوّل حياة الأسرة إلى جحيم.

وكانت المشكلة الأكبر عدم اقتناع بعض العائلات بخطوة الفحص الجاد، والتعاطي معها باعتبارها محاولة لتحصيل مبالغ مالية من المقبلين على الزواج.

إلزامية الفحوصات من شأنها أن تخفض حالات زواج القاصرات نسبيا، لأن المأذون لن يجرؤ على إبرام العقد أو التلاعب فيه

وأكدت عنان حجازي استشارية العلاقات الأسرية بالقاهرة أن التطبيق الحرفي لفحوصات الزواج ركيزة أساسية لقوام أسري صحي، بعيدا عن أنانية أي طرف في العلاقة بأن يكون حاملا لمرض عضوي أو وراثي أو نفسي، ويكتشفه الشريك لاحقا.

وقالت لـ”العرب” إن الخطوة الأهم أن يكون هناك خطاب توعوي موجه للأهالي، يقنعهم بدوافع ومزايا الفحص ويلتزمون به بدافع أهميته على سلامة الأسرة والأبناء.

وأوضحت أن اختزال أهمية الفحوصات في الكشف على الأمراض يخلق مخاوف لدى بعض العائلات من التعاطي معها بجدية، لأنها تخشى انتهاك الخصوصية، ولذلك من الضروري إقناعها من بوابة أن الفكرة تستهدف الحفاظ على العلاقات الأسرية وحماية الأبناء من التشوهات الخلقية، ما يعكر صفو حياة الزوجين لاحقا، أما المكاشفة فتجعل كل طرف يحدد موقفه مبكرا باستكمال العلاقة أو وقفها.

وترتبط مخاوف الكثير من الشباب والفتيات من الالتزام بجدية الفحوصات بأن كل عائلة قد تتدخل لإنهاء علاقة ابنها بالطرف الآخر، إذا كان يحمل مرضا وراثيا أو جينيا أو لديه مشكلة نفسية أو عضوية، لكنهم لا يدركون تبعات تجاهل الفحوصات على الحياة الزوجية وهنا من الواجب إعمال العقل ولا يكون كل طرف أسيرا للعاطفة.

ويعتقد مؤيدون لمشروع القانون أن جدية العائلات والشبان والفتيات مع فحوصات الزواج تنطلق من التزام الحكومة بتفعيل نصوص التشريع الجديد، وأن تتعامل المؤسسات الطبية مع الملف بشكل أكثر احترافية، لكن ذلك لا يعني تجاهل نشر الوعي الصحي بين الأسر وطلاب الجامعات والمدارس، مع تقديم نماذج حية لأسر صارت تعاني من تجاهل خطوة الفحص الطبي والنفسي والسلوكي قبل الزواج.

وتظل إحدى مزايا فحوصات الزواج، وجعلها إلكترونية، معالجة تشوهات الأبناء التي تنتج عن زواج الأقارب المنتشر في الريف والمناطق الشعبية والقبلية، لأن الزيجات في هذه الأماكن غالبا ما تخضع للضغوط والأعراف والتقاليد والصداقات العائلية، لا اختيار الشريك وفق معايير القبول والراحة.

17