فتح أول مزاد دولي أمام شركات الطيران لشراء أرصدة الكربون

جنيف - أعلن الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) الأحد، إتاحة الفرصة لشركات الطيران، لشراء وحدات الانبعاثات المؤهلة، ضمن فعالية شراء مخصصة، تقام في الربع الأخير من عام 2024، في منصة تبادل الكربون للطيران.
ويرى خبراء أن مسح قطاع الطيران بصمته الكربونية، والذي ينسجم مع الخطط العالمية لخفض الانبعاثات الملوثة للبيئة يبدو مليئا بالتحديات قبل الوصول إلى الهدف حيث يتطلب وقتا أطول بالنظر إلى العديد من المحددات التي سترسم هذا الاتجاه.
وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية يشهد العالم مبادرات قوية في القطاع مدفوعة بمطالبة الشركات بأن تتخلص من الانبعاثات الكربونية واهتمام المستثمرين بالشركات الناشئة الجديدة في مجال تكنولوجيا الطيران.
وقال الاتحاد في بيان صحفي إن “الفعالية التي ينظمها الاتحاد بالتعاون مع دولة غيانا وشركتي ميركوريا وإكسبانسيف، تفتح أبوابها لجميع شركات الطيران”، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية.
وتستطيع شركات الطيران استخدام وحدات الانبعاثات المؤهلة المعروضة للبيع، للوفاء بالتزاماتها بتعويض الانبعاثات الكربونية بموجب المرحلة الأولى لخطة التعويض عن الكربون وخفضه في مجال الطيران الدولي (خطة كورسيا).
وتغطي هذه الالتزامات الحركة الجوية للفترة بين عامي 2024 و2026، علما بأنّه يجب إلغاء وحدات الانبعاثات المؤهلة هذه بحلول نهاية يناير 2028.
وتوفر الفعالية فرصة شراء مهمة، في ظل شحّ وحدات الانبعاثات المؤهلة بموجب خطة كورسيا، والتي تُعد دولة غيانا المصدر الوحيد لها حاليا.
وتقدر إياتا حاجة شركات الطيران إلى ما بين 64 و162 مليون وحدة انبعاثات مؤهلة، للمرحلة الأولى من خطة كورسيا حسب تطور حركة الطيران.
ونجحت غيانا بالفعل في بيع جزء من 7 ملايين وحدة انبعاثات، مؤهلة تم إصدارها سابقا، على أن تتوفر كمية غير مصرح بها لفعالية الشراء.
وقالت ماري أوينز تومسون، النائب الأول للرئيس لشؤون الاستدامة وكبيرة الاقتصاديين في إيتا، إن “هذه الفعالية هي الأولى من نوعها على الإطلاق، وإن الدول وافقت على خطة كورسيا بالفعل”.
ولفتت إلى أن الخطة تُشكل جزءا لا يتجزأ من جهود إزالة الكربون في قطاع الطيران، مؤكدة أن هذه الفعالية ستكون بمثابة دعوة واضحة للدول لتمكين شركات الطيران من الامتثال من خلال إصدار وحدات الانبعاثات المؤهلة المطلوبة.
وتُشكل الفعالية خطوة مهمة نحو إيجاد سوق فعالة لوحدات الانبعاثات المؤهلة، والتي يعد إصدارها المبكر قبل المواعيد النهائية لتقديم التقارير، أمرا ضروريا لتعزيز السيولة والشفافية، ومنع التزاحم المتأخر على الإمدادات المحدودة.
شركات الطيران المنضوية ضمن اتحاد اياتا تؤيد هدف بلوغ "صافي الانبعاثات الصفرية" بحلول عام 2050
ويقول الخبراء إن هذا الأمر من المحتمل أن يضاعف التكاليف الكبيرة التي تتحملها شركات الطيران في عملية إزالة الكربون دون أي فوائد إضافية.
وقالت براديبا بهولاناث، مدير أول لشؤون تغير المناخ، بوزارة الموارد الطبيعية في حكومة غيانا، إن “بناء القدرات اللازمة لتوليد وحدات الانبعاثات المؤهلة يتطلب الكثير من الجهد”.
وأشارت إلى أن العديد من الدول الأخرى أحرزت تقدما باتجاه توفير الأرصدة، غير أنها تنتظر لترى مدى نجاح السوق قبل أن تلتزم بالمضي قدما في هذا المجال.
وأكدت بهولاناث أنه ينبغي أن تكون الدول واثقة من أنها ستحصل على أسعار عادلة مقابل أرصدتها، وأن الإسراع بإنجاز الأعمال المتبقية أمر يستحق العناء، وأن فعالية الشراء توفر فرصة إضافية لبناء هذه الثقة.
وفي عام 2022 اعتبر المجلس الدولي للنقل النظيف (آي.سي.سي.تي) في دراسة أن انبعاثات قطاع الطيران بالأرقام المطلقة يجب أن تبدأ في الانخفاض قبل نهاية العقد، وإذا أمكن قبل عام 2025، للبقاء ضمن هوامش اتفاق باريس المناخي الموقع عام 2015.
ووضع المجلس ثلاثة سيناريوهات، أولها “أساسي” لا يتم فيه اتخاذ أي إجراء، ما يعني انبعاثات القطاع قدرها 48.6 غيغاطن من الكربون بين عامي 2020 و 2050، وبالتالي مسار احترار قد يتجاوز درجتين مئويتين، الحد الأقصى الذي حددته قمة كوب 21.
وباستثناء الحدّ بشدة من نمو حركة الملاحة الجوية أو الشروع في عمليات احتجاز الكربون، لا يتوقع أي من السيناريوهات انخراط قطاع الطيران في مسار حصر الاحترار بواقع 1.5 درجة مئوية، وهو الهدف الأكثر طموحا بموجب اتفاق باريس.
شركات الطيران حسنت فعاليتها في مجال الطاقة خلال الفترة الفاصلة بين 2009 و2019 بنسبة 21.4 في المئة
لكن إذا تم اتخاذ أكبر قدر من التدابير، مثل الاستخدام المكثف لوقود الطيران المستدام المطور من الكتلة الحيوية أو بالاعتماد مستقبلا على مزيج من ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين الأخضر، فإن “ميزانية الكربون” للطيران في الفترة ما بين 2020 و2050 يمكن أن تتراجع إلى 22.5 غيغاطن، بما يتوافق مع احترار بواقع 1.75 درجة مئوية.
وحسب تقديرات خبراء آي.سي.سي.تي ستكون “التدخلات السريعة والقوية والمستدامة” من الحكومات ضرورية في حال اعتماد هذا النموذج، لإطلاق استثمارات ضخمة في أجهزة ووقود عديمة الانبعاثات”.
وفي هذه الحالة، فإنه في عام 2050، “ستنخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الهواء بنسبة 94 في المئة مقارنة بمستويات عام 2019”.
وتؤيد شركات الطيران المنضوية ضمن اتحاد اياتا، هدف بلوغ “صافي الانبعاثات الصفرية” بحلول عام 2050.
ولتحقيق ذلك، تعتمد الشركات بنسبة 65 في المئة على وقود الطيران المستدام، لكن أيضا على كفاءة تشغيلية أفضل على صعيد المسارات والعمليات الأرضية وما إلى ذلك، وكذلك على نظام احتجاز الكربون وتداول حصص الانبعاثات.
وتقدر إياتا التكلفة بأكثر من 1.55 تريليون دولار على مدى العقود الثلاثة المقبلة.
وتظهر مؤشرات إياتا إلى أن شركات الطيران حسنت فعاليتها في مجال الطاقة خلال الفترة الفاصلة بين 2009 و2019 بنسبة 21.4 في المئة لكن ذلك لم يحل دون زيادة انبعاثات القطاع.
ولا تخطط شركات الطيران لتقليص حركة الملاحة أو على الأقل الحد من نموها، وفق ما تطالب بعض المنظمات غير الحكومية، فهي تنوي لنقل 10 مليارات مسافر في منتصف القرن الحادي والعشرين، مقارنة بنحو 4.5 مليار مسافر في العام 2019.