فايروس كورونا قادر على إصابة الدماغ ثم التكاثر داخل الخلايا

يشكل فايروس كورونا تحديا للعلماء لإثبات مدى نجاعة بحوثهم في مجابهة المرض القاتل. وقد توصلت آخر الاكتشافات إلى أن كورونا ليس مجرد عدوى تنفسية، بل إنه يشكل تهديدا عالميا للجهاز العصبي بأكمله، حيث يؤثر على الحبل الشوكي والأعصاب والعضلات.
واشنطن – أكد بحث جديد أن حوالي نصف المرضى المصابين بفايروس كورونا يعانون من أعراض مختلفة تسبق الأعراض الأكثر شيوعا والمتمثلة في السعال الحاد والحمى وفقدان حاستي التذوق والشم إضافة إلى التعب والآلام والأوجاع.
وأشار البحث إلى أن كورونا قد يبدأ بمشكلات عصبية تشمل الدماغ والحبل الشوكي والأعصاب والعضلات.
وقال الباحثون إن الصداع، وحالات الإغماء، والسكتات الدماغية، والضعف، وانخفاض اليقظة أو الأعراض العصبية الأخرى يمكن أن تظهر قبل الأعراض الأكثر شيوعا لـكوفيد – 19.
وتوضح نتائج الدراسة أن الفايروس أكثر بكثير من مجرد عدوى تنفسية، بل إنه يشكل تهديدا عالميا للجهاز العصبي بأكمله.
وقال مؤلف الدراسة الرئيسي إيغور كورالنيك، أستاذ علم الأعصاب في كلية الطب بجامعة نورث وسترن فاينبرغ “من المهم أن يدرك عامة الناس والأطباء ذلك، لأن سارس كوف ـ 2 قد تظهر مع أعراض عصبية في البداية، قبل أن تحدث أي حمى أو سعال أو مشاكل في الجهاز التنفسي”.
الصداع، وحالات الإغماء، والسكتات الدماغية، والضعف، يمكن أن تظهر قبل الأعراض الأكثر شيوعا لـكوفيد - 19
وأشار كورالنيك إلى أن هذا الفهم أساسي لتوجيه الدواء والعلاج السريري المناسب. وكجزء من الدراسة، نظر فريق كورالنيك في حالة 19 مريضا مصابا بـكوفيد – 19 تم إدخالهم إلى المستشفى لمعرفة عدد مرات ظهور المضاعفات العصبية.
وأضاف أن الفايروس يمكن أن يؤثر على الجهاز العصبي بأكمله، الذي يشمل الدماغ والحبل الشوكي والأعصاب والعضلات. ويمكن أن يؤثر كوفيد – 19 أيضا على الرئتين والقلب والكلى والدماغ. وأيضا، يمكن أن يسبب رد فعل الجهاز المناعي للفايروس التهابا يمكن أن يضر الدماغ والأعصاب.
وفي هذه المرحلة، لا يُعرف الكثير عن التأثيرات طويلة المدى للفايروس، لكن الباحثين أمّنوا متابعة المرضى الذين يعانون من مشاكل عصبية لمعرفة كيف يتأثرون بمرور الوقت.
كما كشفت دراسة جديدة أن فايروس كورونا قادر على إصابة الدماغ ثم التكاثر داخل الخلايا، مع زيادة مستويات الفايروس عشرة أضعاف في غضون 3 أيام. وأكدت الدراسة الجديدة، التي لم تنشر بعد، أنها بحثت في الآثار العصبية المحتملة للمرض عن طريق حقن الفايروس في أدمغة مزروعة من المختبر، والتي يجري تطويرها من الخلايا الجذعية البشرية.
وقال الأستاذ في كلية جونز هوبكنز بلومبرغ للصحة العامة توماس هارتونغ “من المهم حقا معرفة أن أثمن عضو لدينا يمكن أن يتأثر مباشرة بالفايروس”.
وكشف التقرير أن هارتونغ وفريقه اكتشفوا أنه بمجرد دخول الفايروس الخلايا العصبية في الأدمغة الاصطناعية، يطلق نسخا من نفسه. واكتُشف أن مستويات الفايروس تزداد 10 أضعاف في 3 أيام فقط. ولكن الدراسة لم تتمكن من إثبات ما إذا كان الفايروس يمكن أن يتجاوز حاجز الدم في الدماغ، الذي يحمي العضو من العديد من الفايروسات والمواد الكيميائية، كما أنه يمنع العدوى في الكثير من الأحيان.
وعلى الرغم من أن الأدمغة المزروعة في المختبر تشترك في العديد من الميزات مع الخصائص الحقيقية، إلا أنها تفتقر إلى حاجز الدم في الدماغ، وفقا للتقرير.
وقال هارتونغ “لم يظهر بعد ما إذا كان فايروس Sars-Cov-2 قد اجتاز هذا الحاجز أم لا، ولكن من المعروف أن الالتهابات الحادة، كما لوحظ لدى مرضى كوفيد – 19، تجعل الحاجز يتفكك”.
وقال التقرير إن إجراء المزيد من الأبحاث حول التأثيرات العصبية للفايروس، قد تكون لها آثار مهمة على علاج المرضى. وإذا كان الفايروس يصيب الدماغ، فبعض الأدوية لن تكون فعالة لأن منها ما لا يستطيع تجاوز حاجز الدم.
اقرأ أيضا:
وفي بداية انتشار فايروس كورونا، لاحظ الأطباء بشكل متزايد، أعراضا أخرى على مرضى كوفيد – 19 إضافة إلى الحمى والسعال وصعوبة التنفس، منها الارتباك المتزايد إلى درجة أنهم لا يعرفون أين هم وفي أي عام.
وبالرغم من أن الأطباء يربطون عدم القدرة على تحديد المكان والزمان في بعض الأحيان بنقص الأكسجين في الدم، إلا أن الارتباك لدى بعض المرضى يبدو غير متناسب مع مستوى الالتهاب في الرئتين. وقالت اختصاصية الأعصاب في مستشفى جامعة لانغون في بروكلين جنيفر فرونتيرا، إن هذا يطرح سؤالا بشأن مدى تأثير فايروس كورونا المستجد على الدماغ والجهاز العصبي.
كما ذكر أطباء في مجلة جمعية الطب الأميركية (جاما) أن 36 في المئة من 214 مريضا صينيا ظهرت عليهم أعراض عصبية، تراوح بين فقدان حاسة الشم وآلام الأعصاب وحتى الإصابة بنوبات وسكتات دماغية.
وفي مجلة “نيو إنغلند جورنال أوف مديسين” الطبية الأميركية، أفاد أطباء فرنسيون في ستراسبورغ أن أكثر من نصف مرضى وحدة العناية المركزة البالغ عددهم 58 مريضا، كانوا مرتبكين أو مضطربين، وكشفت صور الدماغ عن التهاب محتمل لديهم.
وقال رئيس قسم الأعصاب في جامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو أندرو جوزيفسون، إن الجميع يقولون إنها مشكلة تتعلق بالتنفس، لكنها تؤثر أيضا على شيء ثمين جدا بالنسبة لنا وهو الدماغ. ولاحظ العلماء ارتباطا بين الفايروسات الأخرى وقدرتها على التأثير على الدماغ والجهاز العصبي بما في ذلك فايروس نقص المناعة البشرية المكتسبة، لذلك لم يفاجؤوا بقدرة فايروس كورونا المستجد على ذلك.