فاروشا القبرصية لا تفارق مخططات أردوغان التوسعية شرق المتوسط

الرئيس التركي يزور فاروشا الثلاثاء للتأكيد على موقفه من حل النزاع في قبرص على أساس إقامة دولتين.
الأحد 2021/07/18
قبرص قطعة مهمة ضمن استراتيجية أردوغان التوسعية

فاروشا (قبرص) - يتوجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الثلاثاء إلى فاروشا المدينة التي تشكل رمزا لتقسيم قبرص، في زيارة تعكس تمسكه بحلّ الدولتين في الجزيرة وتعزيز مخططاته التوسعية وطموحه في ترسيخ حضور بلاده في شرق المتوسط.

ويزور أردوغان المنطقة التي ينتشر فيها عشرات الآلاف من العسكريين الأتراك، وتقع المدينة حاليا في أراضي ما يسمى بـ"جمهورية شمال قبرص التركية" المعلنة من طرف واحد منذ 1983 ولا تعترف بها سوى تركيا.

ويصر أردوغان، الذي يرى في قبرص قطعة مهمة ضمن استراتيجيته لتوسيع حدوده البحرية، على مواصلة دور الوصاية على مدينة فاروشا.

وقُسمت الجزيرة المتوسطية إثر غزو تركيا الثلث الشمالي منها واحتلاله في عام 1974، كرد فعل على انقلاب قام به قوميون من القبارصة اليونانيين أرادوا إلحاقها باليونان. وتوقفت المفاوضات بشأن إعادة توحيد الجزيرة منذ عام 2017.

ولا يروق وضع الجزيرة الحالي للرئيس التركي الذي يدعو إلى التفاوض من أجل حل الأزمة القبرصية على أساس دولتين، فيما يتمسك القبارصة اليونانيون بالحل على أساس نظام الفيدرالية.

ويقول مؤسس مركز الأبحاث "جيوبوليتكل سايبرس" يانيس يوانو إن أردوغان الذي يتزامن وصوله مع الذكرى السابعة والأربعين للغزو "سيعلن بالتأكيد إعادة فتح أجزاء جديدة من المدينة"، بعد فتح قسم صغير منها في أكتوبر. ويضيف أن "رسالته واضحة، فهو يريد تغيير قواعد المفاوضات مستقبلا".

ويوضح الباحث أنه بالنسبة للحكومة القبرصية اليونانية، تشكل إعادة فتح المدينة "خطا أحمر".

وقال الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس الخميس "نحن في حالة تأهب، نراقب عن كثب وسنرد وفق ما يعلنه".

ولم تنجح الأمم المتحدة في أبريل في جمع القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك لبدء جولة جديدة من المحادثات. وكانت الجولة الأخيرة في 2017 فشلت بعد انسحاب أناستاسيادس من طاولة المفاوضات.

بب

ويرى يوانو أن "أردوغان خلص إلى أن القبارصة اليونانيين لا يريدون السلام، بل الحفاظ على الوضع الراهن الذي يناسبهم". ويضيف "لذلك يرد ملوحا بورقة فاروشا".

وخلال زيارته الأخيرة إلى فاروشا في نوفمبر، أشار أردوغان إلى أنه "سيتم دفع تعويضات" إلى القبارصة اليونانيين الذين خسروا أملاكهم في المدينة.

ويرى رئيس معهد "سايبرس بوليسي سنتر" القبرصي التركي أحمد سوزن أن أردوغان يدرك أن اقتراحه غير مقبول لغالبية السكان السابقين، وهو لم يقدمه إلا ليندد لاحقا بـ"عدم استعدادهم" لتسوية المسألة.

ويضيف سوزن أن زيارة الرئيس التركي فاتحة "مرحلة مساومات شاقة"، ويردف أن "أردوغان يريد بدء جولة المفاوضات المقبلة في موقع قوّة وفرض حلّ الدولتين".

ورغم أن سلطة جمهورية قبرص العضو في الاتحاد الأوروبي تشمل كامل الجزيرة نظريا، إلا أنها لا تمارس سلطتها عمليا سوى على القسم الجنوبي من الجزيرة، الذي يفصله عن جمهورية شمال قبرص التركية "خط أخضر" تراقبه الأمم المتحدة.

وكان الاتحاد الأوروبي حذر تركيا قبيل زيارة أردوغان من أنه "لن يقبل أبدا وعلى الإطلاق بحلّ الدولتين".

ويقول المحلل القبرصي التركي كمال بيكالي "ننسى أن قبرص تعيش نزاعا مجمّدا يمكن أن يتحول إلى حرب حقيقية في أي وقت". ويضيف أن "السماح لتركيا بقيادة الملف، سينتهي بسيطرتها على جزيرة أوروبية".

وبعيدا عن النزاع القبرصي، تتجه الأنظار نحو زيارة أردوغان إلى فاروشا لمعرفة ما يمكن أن يقوله أيضا عن طموحه لترسيخ دور تركيا في شرق المتوسط، حيث أثار اكتشاف حقول غاز في السنوات الأخيرة شهية دول المنطقة.

ويقول الباحث أحمد سوزن إن "تركيا تصارع التكتل الجديد الذي تشكل حول قبرص بشأن قضية الغاز". ويضيف "إنها تشعر بالعزلة ومستعدة لاستخدام كل الوسائل للضغط على قبرص، مثل فاروشا".

ومع إبرام اتفاق أنبوب غاز شرق المتوسط (اليونان وقبرص وإسرائيل) والاتفاقيات الثنائية الأخرى، أصبحت نيقوسيا جزءا من تحالف إقليمي، ما يثير استياء أنقرة كثيرا.

وبلغ التوتر بشأن مسألة استكشاف حقول الغاز المحتملة ذروته في أغسطس 2019، بتنظيم تركيا واليونان مناورات عسكرية.

ويختم بيكالي بالقول إن ما يجري شبيه بـ"لعبة ورق"، مشيرا إلى أنه "سيكون القبارصة، وخاصة سكان فاروشا السابقين، أكبر الخاسرين".