فاتورة خدمة الديون القياسية تخنق البلدان النامية

واشنطن - حملت أحدث تحذيرات للبنك الدولي بشأن الديون التي تعاني منها الكثير من الاقتصادات النامية إقرارا بمدى الصعوبات التي تواجه الحكومات لتجاوز هذه المحنة التي خلفتها أزمات قاسية منذ خمس سنوات.
وأنفقت الدول النامية مبلغا قياسيا قدره 1.4 تريليون دولار لخدمة ديونها الخارجية في عام 2023 مع ارتفاع تكاليف الفائدة إلى أعلى مستوى لها في عقدين، ما ضغط على الميزانيات اللازمة للضروريات، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم والبيئة.
وأظهر أحدث تقرير للبنك عن الديون الدولية أن إجمالي مدفوعات فوائد الديون الخارجية من الدول النامية ارتفع إلى 406 مليارات دولار مع ضغوط أشد على أفقر الدول.
ودفعت هذه الدول المؤهلة للاقتراض من مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك مبلغا قياسيا قدره 96.2 مليار دولار في عام 2023.
وعلى الرغم من انخفاض أقساط سداد أصولها بنحو 8 في المئة إلى 61.6 مليار دولار، فإن تكاليف فائدتها ارتفعت إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 34.6 مليار دولار في عام 2023، أربعة أمثال المبلغ قبل عقد من الزمن.
1.4
تريليون دولار ديون الاقتصادات النامية في 2023 بفعل تكاليف الفائدة الأكبر منذ عقدين
وذكر البنك أن البلدان المؤهلة للحصول على مساعدات من المؤسسة الدولية للتنمية تنفق الآن في المتوسط 6 في المئة من عائدات صادراتها على خدمة الديون الخارجية، وهو مستوى لم نشهده منذ عام 1999.
وبالنسبة إلى بعض البلدان، وفق ما رصده خبراء المؤسسة الدولية المانحة، تصل المدفوعات إلى نحو 38 في المئة من عائدات التصدير.
وبشكل منفصل أفادت مجموعة تجارية مصرفية بأن إجمالي رصيد الديون العالمية ارتفع بمقدار 12 تريليون دولار في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2024 إلى مستوى قياسي بلغ نحو 323 تريليون دولار.
ورجح معهد التمويل الدولي أن ترتفع الديون السيادية على مستوى العالم بمقدار الثلث إلى 130 تريليون دولار بحلول عام 2028 إذا لم يتم كبح جماح العجز المتزايد للميزانيات الحكومية، مشيرا إلى أن مخاطر السداد آخذة في الارتفاع.
وبحسب البنك الدولي بلغ الدين الخارجي المستحق على جميع البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل بنهاية العام الماضي رقما قياسيا بلغ 8.8 تريليون دولار، بزيادة قدرها 8 في المئة عن عام 2020.
الدين الخارجي المستحق على جميع البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل بلغ 8.8 تريليون دولار بنهاية العام الماضي
وأجبر الضغط على أفقر البلدان هذه البلدان على اللجوء إلى المؤسسات متعددة الأطراف، بما في ذلك البنك وصندوق النقد الدولييْن.
وأشار تقرير البنك إلى أن هذه المؤسسات ضخت 51 مليار دولار إضافية في عامي 2022 و2023 أكثر مما جمعته من مدفوعات خدمة الديون.
وقال كبير الاقتصاديين في البنك إندرميت جيل في بيان “لقد أصبحت المؤسسات متعددة الأطراف شريان الحياة الأخير للاقتصادات الفقيرة التي تكافح من أجل تحقيق التوازن بين مدفوعات الديون والإنفاق على الصحة والتعليم وأولويات التنمية الرئيسية الأخرى،” مؤكدا أنها لم تُصمم كمقرض الملاذ الأخير.
وفي أواخر أكتوبر الماضي حذرت الأمم المتحدة من أن الدول الفقيرة تواجه صعوبات متزايدة مع الاقتصاد العالمي الذي يشهد ركودا، داعية إلى إعادة نظر جذرية في إستراتيجيات التنمية.
وسلط تقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) آنذاك الضوء على مدى تأثير تباطؤ النمو وأعباء الديون المتزايدة وضعف الاستثمار والتجارة على الدول النامية واتساع الهوة الاقتصادية بينها وبين أكثر الدول ثراء.
ودعا خبراء المنظمة الأممية في التقرير بعنوان “إعادة النظر في التنمية في عصر الاستياء” إلى انتهاج سياسات جديدة ودعم متعدد الأطراف لمساعدة البلدان النامية على تجاوز التحديات التي تواجهها.
وأكدت رئيسة أونكتاد ريبيكا غرينسبان أن الدول النامية تأثرت كثيرا بعد وباء كورونا والأزمات المتتالية التي أعقبت ذلك. وقالت “رغم أن دولا نامية تظهر نموا واعدا، فإن المشهد العام في دول الجنوب ضعيف وتتعرض للصدمات العالمية وخطر تشرذم التجارة.”