فابريس فريس: ما ظهر من الأخبار الكاذبة "قمة جبل الجليد" فقط

الرئيس التنفيذي لوكالة الصحافة الفرنسية يؤكد أن دور وكالات الأنباء كمصدر أساسي للمعلومات الموثوقة بات أكثر أهمية في ظل الموجات المتلاحقة للمعلومات المضللة.
الخميس 2019/03/28
فابريس يؤكد أن وكالات الأنباء ما تزال تحتفظ بمكانتها

ناقش منتدى الإعلام العربي في يومه الأول العديد من القضايا الإعلامية الراهنة؛ منها احتفاظ وكالات الأنباء العالمية بمكانتها في العصر الرقمي بسبب عنصر الموثوقية في ظل انتشار الأخبار المزيفة والمضللة، إضافة إلى فجوة الثقة بين الجمهور والإعلام.

دبي - أكد فابريس فريس رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لوكالة الصحافة الفرنسية “فرانس برس”، أن دور وكالات الأنباء كمصدر أساسي للمعلومات الموثوقة بات أكثر أهمية في الوقت الحالي في ظل الموجات المتلاحقة للمعلومات المضللة والأكاذيب التي تنطلق غالبا من منصات وسائل التواصل الاجتماعي.

وأضاف فريس خلال الجلسة الرئيسية لمنتدى الإعلام العربي 2019 الذي بدأ أعماله الأربعاء في دبي، أنه على الرغم من فقدان الميزة النسبية الكبيرة المتمثلة في احتكار وكالات الأنباء لوصف “المصدر الأول والوحيد للأخبار” على مدى قرن ونصف القرن، وتنازلها عنه مضطرة لشركات التقنية الكبرى، إلا أنها لم تفقد الكثير جراء هذه المنافسة الشرسة وذلك بفضل ميزة الموثوقية التي اكتسبتها وكالات الأنباء بفضل الآلية المتكاملة التي تتبعها للتحقق من الأخبار.

وانطلقت أعمال الدورة الـ18 من “منتدى الإعلام العربي” تحت شعار “الإعلام العربي: الواقع والمستقبل” الأربعاء، في مركز دبي التجاري العالمي بمشاركة نحو ثلاثة آلاف من قيادات المؤسسات الإعلامية العربية والعالمية وكبار الكتاب والمفكرين والمثقفين والأكاديميين والمهتمين بصناعة الإعلام ضمن التجمع السنوي الأكبر من نوعه في المنطقة العربية.

وتحدث فريس عن الأهمية المتزايدة لعنصر الموثوقية، نظرا إلى موجات المد المتزايدة من الأخبار المزيفة والمضللة والتي أرخت بظلالها لتغطي وجه الحقيقة في كافة أرجاء العالم حتى باتت وكأنها منظومة إعلامية متكاملة تعمل في الظل ضد الإعلام النزيه، ما حدا بوكالة الصحافة الفرنسية التي تعد أقدم وكالة أنباء في العالم- إذ تأسست في باريس في العام 1835 - إلى وضع محاربة الأخبار المزيفة ضمن أولوياتها وفي قلب أهدافها الاستراتيجية، لافتا إلى أن انتشار هذه الأخبار وتداعياتها السلبية لم يتضح بعد على النحو الأكمل بل ظهر منها ما يمكن أن نطلق عليه “قمة جبل الجليد”.

وأكد أن الجهد المبذول في كشف الأكاذيب والافتراءات ربما يفوق حجم العمل الصحافي نفسه، لافتا إلى ذلك التغيير المهم في طبيعة العمل الصحافي لوكالات الأنباء والتي باتت مطالبة بتحري الأخبار والحقائق وتدقيقها بدلا من مجرد جمعها وعرضها، حيث أصبح من الضروري أن يتمتع الصحافيون بالمعرفة الأساسية حول آليات عملية التحقق من المعلومات فضلا عن استخدام فريق من المختصين في التقنيات المصممة لاكتشاف الصور المزيفة والمركبة.

وأوضح الرئيس التنفيذي لوكالة الصحافة الفرنسية أن دور وكالات الأنباء على منصات التواصل الاجتماعي مهم ولا غنى عنه، ما يعد أرضا جديدة وفضاء رحبا للوصول بقوة في طوفان الإعلام الرقمي والقيام بدور فاعل لضبط إيقاع ما بات يعرف باسم إعلام الجماهير، منوها بقدرة الوكالات الصحافية الرائدة على تقديم دعم قوي لكبريات شركات تقنية المعلومات في هذا المجال.

رشيد الخيون: الإعلام استطاع تغيير الفكرة الدينية عن الحضارات القديمة
رشيد الخيون: الإعلام استطاع تغيير الفكرة الدينية عن الحضارات القديمة

كما لفت إلى وجود أبعاد مختلفة للعلاقة بين وكالات الأنباء والشركات التقنية العملاقة، لاسيما في الجانب المالي والتمويلي حيث تقوم منصات تجميع الأخبار في غوغل وفيسبوك، كمنصة تواصل اجتماعي باستخدام كم كبير من المحتوى الإخباري المنتج من خلال وكالات الأنباء دون أي تصريح لجذب الجمهور والمعلنين ومع الأخذ في الاعتبار أن ثلثي المستخدمين عالميا يتابعون الأخبار عبر المنصات المطورة من قبل شركات التقنية الكبرى.

وأعرب عن أسفه بأن يقوم 50 بالمئة من هؤلاء المستخدمين بالاكتفاء بقراءة العناوين دون زيارة الموقع الأصلي الذي تم نقل الخبر منه، ونتيجة لذلك تستحوذ شركات التقنية الكبرى على 90 بالمئة من الإعلانات الرقمية ما يعني أن استثمارات وكالات الأنباء لتطوير منصاتها الرقمية لن تكلل بالنجاح، ما يوضح سبب الأزمات المالية التي تعاني منها المؤسسات الإعلامية حول العالم والتي ينتج عنها تطبيق سياسات تقليل النفقات.

وشدد على أن مستقبل وكالات الأنباء يكمن في مقدرتها على تبني آليات قوية ومتكاملة للتحقق من صحة الأخبار كي تعزز موقعها الحالي كمصدر موثوق وعالي المصداقية.

ومن جهتها، تحدثت تيني سيفاك نائب رئيس شؤون الجمهور والبيانات في قناة “سي إن إن” الأميركية عن فجوة الثقة بين الجمهور والإعلام، ضمن جلسة بعنوان “هل فقد الإعلام ثقة الجمهور”.

وقالت سيفاك إن البحوث والدراسات الكثيرة التي تشير إلى أن ثقة الجمهور في الإعلام تراجعت ليست مبنية على ما يتم تداوله من أخبار صحافية بل على الإعلانات والبيانات التي تشكل جزءا أساسيا من بناء ثقة الجمهور بالأدوات والوسيلة الإعلامية.

ولفتت إلى أن هذا التراجع المثير في الثقة بالإعلام هو ظاهرة عالمية تشمل الصحافة الورقية والإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي.

وقالت إنه لا شك في خطورة النتائج المترتبة على انهيار ثقة الجمهور وأهمها خسارة قدرة الإعلام على نقل الأخبار والآراء وإقناع الناس بمنتج معين أو قصة خبرية معينة علاوة على ضياع دور الإعلام في التنشئة الاجتماعية والسياسية.

وضمن جلسات العشرين دقيقة، تحدث الباحث العراقي رشيد الخيون تحت عنوان “حضارات أحياها الإعلام”، مشيرا إلى أن آثار الحضارات القديمة ظلت تحت التراب، شأنها شأن النفط، حتى كشف عنها المنقبون الغربيون الستار، وبالتالي قُدمت مادة حيوية للإعلام، فالإعلام لم يختلق المادة إذا لم يكن لها مصدر.

وأشار إلى أن الإعلام استطاع تغيير الفكرة الدينية عن الحضارات القديمة بأنها مجرد آثار لمشركين وكفار، وبأن الله غضب عليهم فسوى الآثار وأهلها تحت الأرض، لكنه قدمها كحضارات إنسانية ممتدة في جذور الحاضر.

ولم يسع المتحدث للتنويه بكل الصحف والمجلات وبقية وسائل الإعلام، وإنما ركز حديثه على ثلاث مجلات أدت دورا مهما في إحياء الحضارات، وهي: مجلة لغة العرب (1911)، ومجلة سومر (1945) ومجلة العربي (1958)، مبيّنا الموضوعات التي تناولتها تلك المجلات.

18