"غيوم" طرح عميق لتحول المجتمع العماني

مسقط - عرضت مؤسسة بيت الزبير فيلم “غيوم” للمخرجة السينمائية العُمانية مزنة المسافر، تلته قراءة نقدية فنية قدّمها الدكتور حميد العامري رئيس الجمعية العُمانية للسينما. و"غيوم" فيلم يتناول فترة 1978، والحكاية في المنطقة الجبلية، التي تأخذ المشاهد إلى التعرف على احتفالات الزفاف في الجبل وغيرها من العادات الجبلية التي تشتهر بها جبال ظفار وجمالياتها.
تجري أحداث الفيلم في قرية صغيرة، تتعرض لهجوم نمر، مما يشكل ضغطا على الشخصية الرئيسية في الفيلم، وهي شخصية دبلان، أرمل فقد زوجته سنوات قليلة قبل زمن الفيلم، وتأتي معاناته بشكل أكبر مع الضغط الذي يواجهه من سكان القرية. وفي التوقيت الذي يقل فيه وجود النمور العربية في محافظة ظفار، يرفض دبلان، الرجل الأربعيني قنص نمر يهاجم قرية جبلية صغيرة، ويصبح تحت ضغط كبير من أهالي القرية وخصوصا ابنته سلمى، وابنه عمر الصغير الذي يحاول كسر عزلة أبيه والقيام بمهمة القضاء على النمر.
وعن ماهية أعمال المخرجة مزنة المسافر السينمائية يقول حميد العامري في قراءته “تختار المخرجة مزنة المسافر مواضيع أعمالها من الواقع، فهي قريبة من المجتمع الذي حولها، وتدرس أهميتها وأهمية تسليط السينما عليها”.
ويضيف “تلك المواضيع المتداخلة مع الثقافة والمجتمع تحتاج إلى حرص شديد ووعي سينمائي وثقافي، وهذا ما نجحت المخرجة في تقديمه، ويساعدها في طريقة السرد وعدم المغالاة، بالإضافة إلى تطعيم كل عمل بمفردات وخصوصيات لا نجدها في كل المجتمع”. ويشير العامري إلى أن اللغة الشحرية أو الجبالية حاضرة في فيلم “غيوم”، لأن هذه اللغة السامية هي التي يتحدث بها سكان جبال ظفار في سلطنة عُمان، كذلك الغناء مثل فن “النانا الظفاري” والذي استثمرته المخرجة بجمالياته في الفيلم، مع محافظتها على سرد الحكاية، واستطاعت توظيف هذا الفن الشعبي بدون الحاجة إلى موسيقى تصويرية فكانت تضيفه إلى العمل كأنها ترسم لوحة.
ووضّح العامري أن المخرجة العمانية تقدِّم فيلم “غيوم” من خلال طرح عميق لشريحة جديدة في المجتمع العُماني سينمائيا، تلامس فيه المجتمع الذي يعيش في جبال ظفار، من خلال قصة بسيطة تمكّنت من طرحها بإسقاطات تعبّر عن التحول المجتمعي وروح التصالح والتسامح والنظرة المستقبلية التي تعايش معها أبناء المجتمع لمستقبل مشرق بالرغم من الغيوم التي تعبر بين الحين والآخر.
والمخرجة مزنة المسافر من مواليد مسقط، بدأ إعجابها بالصورة في سن مبكرة من خلال والدها الذي كان رساما ومصورا. تخرجت المسافر من جامعة الكويت ودرست تخصص الاتصال، كما درست السينما السويدية وثقافة التلفزيون في جامعة ستوكهولم في عام 2011. فاز فيلمها الأول “نقاب” في مسابقة طلابية قصيرة في مهرجان الخليج السينمائي في دبي، وفيلمها “تشولو” (2013) حاز على أفضل سيناريو في مهرجان أبوظبي السينمائي، ولأول مرة في مهرجان دبي السينمائي 2013، كما عرض في معهد سميثسونيان في المتحف الوطني للفنون الأفريقية في واشنطن، ومهرجان السينما الأفريقية، ومهرجان الفيلم أريزونا الدولية، وكيب كود ماساتشوستس في الولايات المتحدة، ومهرجان السينما الجديد في البرازيل، ومتحف العين السينمائي في أمستردام، ومعهد دي العالم العربي في باريس، و"تي.في 5 موند"، وصوت أميركا بلاد فارس.
للمخرجة فيلمان وثائقيان هما "بشك" الذي يعني "ثوب" باللغة البلوشية، ويعالج الهوية البلوشية، وهي الإثنية التي تنتمي إليها المخرجة، من خلال حكاية أخوات ثلاث يتحدّثن عن مجتمعهنّ في إحدى حواري العاصمة مسقط، ويذهبن في رحلة إلى السوق لتفصيل ثوب نسائي، وفيلم "رحلة مع الماعز" الذي يصور بيئة بدوية خالصة في المنطقة الشرقية لم تطلها بعدُ يد المدنية، وتروي حكاية دانة، الطفلة التي تذهب مع أمها في رحلة مع الماعز.