غياب فرنسا يربك مؤتمر روما حول مواجهة الهجرة غير الشرعية

التنافس بين إيطاليا وفرنسا وسعي كل منهما لتأكيد أنه اللاعب المؤثر سيوجهان ضربة لجهود مواجهة الهجرة غير الشرعية.
الأحد 2023/07/23
هل ينجح المؤتمر في وقف معاناة اللاجئين

روما - تعقد بعض الدول المطلة على البحر المتوسط ودول من الشرق الأوسط اجتماعا في روما يوم الأحد لتعزيز جهود مكافحة الهجرة غير الشرعية، وتقول إيطاليا إن الهدف من الاجتماع هو مساعدة البلدان الأفريقية على تقليل دوافع الهجرة إلى أوروبا.

لكن ما يثير الانتباه هو غياب فرنسا عن الاجتماع ما قد يؤدي إلى إضعاف فرص التوصل إلى نتائج قوية. ودخلت فرنسا في صدام مع إيطاليا العام الماضي بشأن الهجرة.

ويرى متابعون أن التنافس بين إيطاليا وفرنسا بشأن الهجرة وسعي كل طرف لتأكيد أنه اللاعب المؤثر سيوجهان ضربة لجهود مواجهة الهجرة غير الشرعية خاصة أن إيطاليا لوحدها لا تقدر على تجميع مختلف الدول المعنية من جهة، كما لا تقدر على توفير الدعم الكافي لإنجاح مهمة مواجهة تدفقات اللاجئين.

وتحتاج إيطاليا إلى مشاركة قوية من فرنسا وألمانيا وبريطانيا للتوصل إلى خطط فعالة لمواجهة موجات الهجرة. وحتى وإن شاركت مفوضية الاتحاد الأوروبي، فإن ذلك لا يعني أن الاتحاد سيمضي قدما في تمويل مساعي مواجهة الهجرة مثلما حصل مع الاتفاق الذي وقع الأحد الماضي مع تونس.

◙ مفوضية الاتحاد الأوروبي حتى وإن شاركت، فإن ذلك لا يعني أن الاتحاد سيمضي قدما في تمويل مساعي مواجهة الهجرة

ويمكن لإيطاليا، الدولة الأكثر تضررا من موجات الهجرة، أن تتحرك وتجمع الدول الأفريقية، لكن لا يمكنها لوحدها أن تقود هذه المهمة. وقالت الحكومة الإيطالية في بيان الجمعة إن الاجتماع سيركز على بناء شراكة لإقامة مشروعات في قطاعات مثل الزراعة والبنية التحتية والصحة.

وقال البيان "يهدف المؤتمر إلى التحكم في ظاهرة الهجرة ومكافحة الاتجار بالبشر وتعزيز التنمية الاقتصادية وفقا لنموذج جديد للتعاون بين الدول". وقال مسؤولون إيطاليون في تصريحات إن الدول المقررة مشاركتها في الاجتماع هي تونس وتركيا وليبيا والجزائر والإمارات، إلى جانب الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وصرح وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي أنطونيو تاياني بأن أفريقيا لها الأولوية في مؤتمر "الهجرة والتنمية".

وأضاف "سيكون هناك يوم الأحد في روما رؤساء دول وحكومات البحر الأبيض المتوسط والدول العربية لمناقشة مشكلة أفريقيا التي تمثل أولوية بالنسبة إلينا”، موضحا أن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين “سوف تحضر المؤتمر أيضًا”.

وتعطي رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني التي تشهد بلادها ارتفاعا في معدلات الهجرة إليها هذا العام، الأولوية لإشراك الدول الأخرى في خطط لمنع المهاجرين من الشروع في رحلة محفوفة بالمخاطر إلى أوروبا.

وتقود ميلوني ائتلافا يمينيا منذ أكتوبر، وتعثرت جهودها حتى الآن لوقف هذه الزيادة في عدد الوافدين. ووصل نحو 83400 شخص إلى السواحل الإيطالية حتى الآن هذا العام، مقارنة بنحو 34 ألف شخص في 2022. ولقي 94 شخصا على الأقل حتفهم بعد أن تحطم قاربهم قبالة ساحل إقليم كالابريا في أواخر فبراير.

وقالت الحكومة إن المؤتمر سيناقش أيضا القضايا المتعلقة بتغير المناخ والطاقة في الوقت الذي تعمل فيه إيطاليا على تنفيذ مبادرة تعاون في مجال الطاقة مع أفريقيا، أو ما تسمى "خطة ماتي" تيمّنا باسم مؤسس مجموعة الطاقة الإيطالية إيني في فترة ما بعد الحرب.

ويأتي المؤتمر بعد أسبوع واحد فحسب من توقيع الاتحاد الأوروبي اتفاق شراكة مع تونس، إحدى البؤر النشطة لانطلاق المهاجرين، تعهد فيه التكتل بتقديم ما يصل إلى مليار يورو (1.1 مليار دولار) كمساعدة للتصدي لمهربي البشر ودعم اقتصاد البلاد المنهك. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن الاتفاق "لم ينطو على ضمانات تمنع السلطات التونسية من انتهاكات حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء".

ومساء الأحد الماضي وقّع وفد أوروبي رفيع المستوى خلال زيارة إلى تونس مذكرة تفاهم لإرساء “شراكة إستراتيجية شاملة” تشمل بالإضافة إلى قضية مكافحة الهجرة غير النظامية، تعزيز التنمية الاقتصادية والطاقات المتجدّدة ومساعدة البلد العربي الأفريقي على مواجهة الصعوبات الاقتصادية الكبيرة التي يعاني منها.

◙ إيطاليا الدولة الأكثر تضررا من الهجرة يمكنها أن تتحرك وتجمع الدول الأفريقية، لكن لا يمكنها لوحدها أن تقود هذه المهمة

وعلى صعيد الهجرة رصد الاتّفاق مساعدة أوروبية لتونس بقيمة 105 ملايين يورو لدعم جهودها في مجال توقيف مهرّبي البشر ومنع قوارب المهاجرين من الإبحار من السواحل التونسية إلى سواحل الاتّحاد الأوروبي القريبة.

وينصّ الاتّفاق على تسهيل عودة التونسيين المقيمين في الاتّحاد الأوروبي بصورة غير نظامية إلى بلدهم، وكذلك عودة المهاجرين الأفارقة المقيمين في تونس بصورة غير نظامية إلى دولهم الواقعة جنوب الصحراء.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية إنّها تريد أن تكون هذه الشراكة نموذجاً لاتفاقيات مستقبلية مع دول المنطقة. وقال مسؤول أوروبي كبير الاثنين، إنّ "مصر والمغرب دولتان يمكن أن تكونا معنيّتين بالتوصّل إلى مثل هكذا شراكة مع الاتّحاد الأوروبي". وشدّد المسؤول الأوروبي على فوائد مثل هذه الشراكة على الدول الواقعة على ضفّتي المتوسط.

ولا يزال الاتفاق الذي وُقّع بحضور الرئيس التونسي قيس سعيّد ورئيسة المفوضية الأوروبية ورئيسة الوزراء الإيطالية ونظيرها الهولندي مارك روته بحاجة إلى أن تصادق عليه كلّ الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

وفي حين أرادت دول أوروبية عدّة، من بينها إيطاليا، أن يخوّلها الاتفاق إعادة كلّ المهاجرين غير النظاميين إلى تونس إذا ما كان هؤلاء قد أبحروا من هذا البلد، رفضت تونس هذا الطلب، مشدّدة على أنّها لا تريد أن تكون "بلدا لاستقرار المهاجرين غير النظاميين".

2