غياب الكوادر المهنية المتخصصة يعيق تجربة القصة الإخبارية في الإعلام الحكومي الكويتي

تجربة القصة الإخبارية تحتاج إلى أسلوب إعلامي متميز وكفاءات مهنية قادرة على إيصال الرسائل بكل احترافية.
الجمعة 2024/09/06
أحداث متتالية في البلاد

الشارقة - أكدت فاطمة السالم المديرة العامة لوكالة الأنباء الكويتية "كونا" أهمية اعتماد أسلوب القصة الإخبارية في الإعلام الحكومي باعتباره أداة اتصال فعالة بين جهات ومؤسسات الدولة والجمهور وأسلوبا إعلاميا يواكب أدوات التواصل الاجتماعي والتطور التكنولوجي، غير أن اعتماده يواجه العديد من التحديات أولها توفر الكوادر المتخصصة. ويبحث القائمون على الإعلام الحكومي الكويتي عن طرق وأساليب لإيصال الرسائل إلى الجمهور والرأي العام بطريقة سلسلة مبسطة ومؤثرة في نفس الوقت، والحد من لغة البيانات الرسمية.

وأضافت السالم خلال مشاركة في جلسة حوارية نظمها نادي الشارقة للصحافة بعنوان “السرد القصصي.. تواصل إنساني في عصر الرقمنة”، ضمن فعاليات المنتدى الدولي للاتصال الحكومي في دورته الـ13 المقام في الشارقة ولمدة يومين، إن أهمية القصة الإخبارية تكمن في إتاحة تقديم معلومات متعلقة بالجهة أو المؤسسة بأسلوب جاذب وبسيط ومبهر بصريا مع إرفاق صور أو فيديوهات ورسومات بيانية أو توضيحية ليرسخ في ذاكرة الجمهور بطريقة أسرع وأسهل من البيانات.

وأضافت أن السرد القصصي يقدم شرحا وافيا للمبادرات والمشاريع الحكومية بطريقة أكثر إقناعا للجمهور ويزيد من تفاعله مع الجهات والمؤسسات الحكومية، مبينة أن لـ"كونا" تجربة في السرد القصصي من خلال برنامج "يوميات مهنة". وتواجه الحكومة تحديات في تطبيق القصة الإخبارية في الإعلام الرقمي، ونوهت السالم أنها تكمن في عدم وجود كادر صحافي وإعلامي كاف لضخ مواد يومية بهذا الأسلوب وعدم وجود خبرات، فضلا عن حداثته في الإعلام الحكومي واعتماد الأسلوب التقليدي في نشر البيانات والمعلومات.

وأوضحت السالم أن القصة الإخبارية تخاطب جميع شرائح المجتمع وتراعي الفروقات التعليمية والثقافية بين الأفراد كما تلبّي احتياجات الرأي العام لمعرفة الأخبار والأنشطة المتعلقة بالجهات والمؤسسات الحكومية ومن شأنها تعزيز ثقة المواطن بالإعلام الحكومي. وأكدت أن وسائل التواصل الاجتماعي أثبتت نجاح القصة الإخبارية ولقيت إقبالا واسعا إلى جانب نجاح حملات التسويق من خلال هذا الأسلوب الذي يعد وسيلة فعالة في التأثير والتفاعل.

فاطمة السالم: القصة الإخبارية تخاطب جميع الشرائح وتراعي الفروقات
فاطمة السالم: القصة الإخبارية تخاطب جميع الشرائح وتراعي الفروقات

وتأتي تصريحات السالم موائمة للمنهج الذي اعتمدته السلطات ضمن محاولتها تطوير الإعلام الرسمي في البلاد وتمكينه من أداء دور مؤثر عبر الأدوات المختلفة التي يمتلكها، وكانت وزارة الإعلام والثقافة الكويتية أطلقت إستراتيجية لمدة خمسة أعوام.

ويتابع وزير الإعلام والثقافة ووزير الدولة لشؤون الشباب عبدالرحمن المطيري الإستراتيجية التي وضعها ويبدو أنها تتناسب مع توجهات الدولة إذ يعتبر من الوزراء القلائل الذين احتفظوا بمناصبهم بعد التغييرات الحكومية التي شهدتها الكويت منذ تسلم الأمير الشيخ مشعل الأحمد الصباح الحكم في ديسمبر الماضي. وجاءت الإستراتيجية الإعلامية الكويتية المعلنة في ظل أحداث متلاحقة من التطورات السياسية المتواصلة في البلاد وحاجة البلاد إلى محددات إعلامية واضحة.

وأُعدت الإستراتيجية بتوجيهات من القيادة السياسية في الكويت، بهدف تطوير الجهاز الإعلامي الحكومي في الكويت لممارسة دوره لإكمال مسيرة التنمية. وتسعى إلى تحقيق أهداف رؤية "كويت جديدة 2035"، حيث استغرق إعدادها 120 ساعة عمل، و41 حلقة نقاش داخل وزارة الإعلام وخارجها، بمشاركة أكثر من 550 موظفا. وأكد المطيري عزم الوزارة على تطوير الجهاز الإعلامي الحكومي لتمكينه من ممارسة دوره في تحقيق التنمية المستدامة وليصبح مصدرا أساسيا للمعرفة ومنظما للخدمات، ومحفزا للريادة والتميز.

ويحتاج تحقيق هذه الأهداف إلى أسلوب إعلامي متميز وكفاءات مهنية قادرة على إيصال الرسائل بكل احترافية، لذلك ترتكز الإستراتيجية، على تنمية الموارد البشرية بالوزارة بدعم الكوادر والكفاءات والمواهب الإعلامية، إضافة إلى تطوير الخطاب والمحتوى الإعلامي الكويتي المتوازن وتجديده بما يتوافق مع السياق الاجتماعي والثقافي للمجتمع، فضلاً عن تعزيز البنية التحتية للوزارة بتوفير المزيد من التقنيات العالية والأجهزة الحديثة لمواكبة التطورات العالمية في هذا الميدان.

وأوضح الوزير أن الإستراتيجية تسعى إلى تطوير هوية موحدة لوزارة الإعلام والقطاعات التابعة لها وفق أعلى المعايير الفنية، وتحديث التشريعات بما يناسب رؤية “كويت جديدة” وتنمية الموارد، وتطوير أساليب التسويق الإعلامي. وتدعم الإستراتيجية إنتاج الدراما والفنون المسرحية والسينمائية، إضافة إلى إنشاء مدينة الإنتاج الإعلامي، وإنشاء مجالس وهيئات وطنية متخصصة في الإعلام.

وتلتزم الإستراتيجية بقيم المجتمع الكويتي النابع من الدين الإسلامي الوسطي، والعادات والتقاليد الأصيلة، إذ ستعمل على تعزيز قيم الوطنية والانتماء للوطن والمحافظة على الهوية الكويتية والانتماء للدستور الكويتي، والشمولية والموضوعية في نقل الحقيقة، والحرية في التعبير عن الرأي دون المساس بالآخرين، والتزام المهنية.

◙ الحكومة الكويتية تواجه تحديات لتطبيق القصة الإخبارية في الإعلام الرقمي تكمن في عدم وجود كادر إعلامي كاف لضخ مواد يومية بهذا الأسلوب

ويرى متابعون أن خطوة وزارة الإعلام لا يمكن تحقيقها إلا بإضفاء المزيد من الحداثة والحرية والاستقلالية والحماية للإعلاميين والصحافيين في المنظومة الإعلامية للدولة، وإرساء رسالة واضحة وهدف ثابت تسير عليه وسائل الإعلام المحسوبة على الدولة، فهذه هي الإستراتيجية الحقيقية التي يبنى عليها الإعلام الحقيقي والهادف.

وكان وزير الإعلام والثقافة الكويتي عبدالرحمن المطيري قد أعلن مسبقاً عن إطلاق البث التجريبي لأول منصة رقمية متكاملة رسمية بدولة الكويت تحمل اسم “منصة 51 الرقمية”، وقال إن هذه المنصة هي ترجمة لإستراتيجية الوزارة (2021 – 2026) في التحول الرقمي.

وأوضح المطيري في كلمة خلال حفل إطلاق البث التجريبي للمنصة الرقمية المتكاملة “51” بالتعاون مع شركة “فاست” للاتصالات أن وزارة الإعلام الكويتية تتعاون مع القطاع الخاص لتنتقل من كونها جهازاً تنفيذياً إلى جهاز تنسيقي تنظيمي تحفيزي يعمل على توجيه الموارد، وتعظيم الإيرادات، فضلاً عن تحسين البنية التحتية للوزارة، وفق منهجية عمل محددة نحقق من خلالها خطوات ونقلات نوعية في هويتها البصرية، وحوكمة إجراءاتها الداخلية.

وأشار إلى أن الإعلام الكويتي، انطلاقاً من عام 1951، شهد مسيرة حافلة من الإنجازات في شتى المجالات الإعلامية، على مستوى المسرح والإذاعة والتلفزيون، حيث أسهم الرواد في صناعة التميز والإبداع حتى أصبحت الكويت منارة إعلامية وثقافية اتصلت بالعالمية بهويتها العربية، الأمر الذي يحمّلنا مسؤوليات وتحديات كبيرة، ولكننا نجدها فرصاً عظيمة لتعزير مكانتنا الإعلامية. كما أطلقت الوزارة في يوليو الماضي قناة “الأخبار”، لتكون مصدراً موثوقاً لنقل الأخبار والمعلومات الصحيحة للجمهور والمتلقين، بحسب وكالة الأنباء الرسمية “كونا”.

ونقلت الوكالة عن الوكيل المساعد لشؤون الأخبار والبرامج السياسية بالوزارة بدر العنزي، أن القناة “ستحرص على التفاعل مع الشأن المحلي والإقليمي والدولي، كما ستعكس أثر القرارات الحكومية في مختلف المجالات، وتبرز إنجازات الدولة التنموية". ولفت إلى أن القناة "ستناقش كل القضايا المطروحة على الساحة المحلية والإقليمية والدولية بما يتوافق مع السياسة الخارجية لدولة الكويت"، كما أنها ستكون “مصدراً رسمياً لأخبار الدولة وقراراتها ومواقفها”.

5