غياب التمويل يهدد بإيقاف عمل بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الاستقرار في الصومال

مناقشات تمويل "أوسوم" تتعثر أمام إصرار الولايات المتحدة على آلية تمويل انتقالية بدلا من التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن.
الثلاثاء 2025/04/15
دعم القوات الصومالية لا يكون إلا من خلال إطار عمل متعدد الأطراف

مقديشو - حذر سيفويل بام، رئيس بعثة الاتحاد الأفريقي للدعم وتحقيق الاستقرار في الصومال (أوسوم) من أن البعثة الجديدة تواجه تهديدا كبيرا لاستدامتها، في ظل الأزمة المالية المتفاقمة التي تواجهها.

وكان مقررا أن تبدأ عملية جديدة للاتحاد الأفريقي في الصومال مطلع عام 2025، بعد انتهاء مهمة بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية (أتميس) في ديسمبر 2024، لكن ضعف التمويل حال دون ذلك.

ويلقي استمرار الوضع المالي للبعثة الجديدة بظلال قاتمة على جهود مكافحة الإرهاب في الصومال وفرض الاستقرار.

وقال بام في كلمة ألقاها أمام مجلس الأمن الدولي في اجتماع خاص بشأن الوضع في الصومال “إن الوضع المالي لبعثة الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في الصومال خطير للغاية، ويهدد وجود البعثة ذاته.”

سيفويل بام: الوضع المالي لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال خطير للغاية
سيفويل بام: الوضع المالي لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال خطير للغاية

وأشار رئيس “أوسوم” إلى أن المهمة تعتمد على الحصول على تمويل ثابت لنشر قوات الاتحاد الأفريقي في البلاد في الوقت المناسب.

ونبه بشكل خاص إلى التأثير المدمر لعدم دفع الرواتب لمدة تتراوح بين 7 و9 أشهر، ما أدى إلى حالة اكتئاب شديدة بين الموظفين المدنيين والعسكريين المشاركين في المهمة.

وكشف بام عن اجتماع مهم سيعقد في العاصمة الأوغندية كامبالا في 25 أبريل الجاري، من المقرر أن يحل الخلافات بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة بشأن تمويل البعثة.

وتعثرت مناقشات في مجلس الأمن حول تمويل “أوسوم” بسبب إصرار الولايات المتحدة على آلية تمويل انتقالية بدلا من التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 2719.

وكان مجلس الأمن اعتمد في ديسمبر 2023 بالإجماع القرار رقم 2719 الهادف إلى توفير تمويل مستدام وقابل للتنبؤ لعمليات دعم السلام التي يقودها الاتحاد الأفريقي، وذلك من خلال الاشتراكات المقررة للأمم المتحدة.

ويعتبر القرار تطورا نوعيا في دعم البعثات الأفريقية، إذ يوفر إطارا ماليا مستداما يمكن التنبؤ به، ما يعزز قدرة الاتحاد على التعامل مع النزاعات والتحديات الأمنية بفاعلية أكبر.

وليس من الواضح ما إذا كان سيتم حل المعضلة المالية لـ”أوسوم” خلال الاجتماع المنتظر عقده الشهر الجاري، لكن الثابت أن إطالة عمر الأزمة تهدد بتقويض كل الجهود التي بذلت من أجل مكافحة حركة الشباب وتعزيز الاستقرار في الصومال.

وشهد الصومال منذ العام 2007 ثلاث بعثات للاتحاد الأفريقي، كانت تهدف في البداية إلى حفظ السلام في ظل الأوضاع الأمنية المتدهورة، ثم تطورت لتشمل مكافحة حركة الشباب، الفرع النشط لتنظيم القاعدة.

وفي عام 2022 أُعيدت تسمية بعثة الاتحاد الأفريقي إلى بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية (أتميس)، التي ركزت على تسليم المهام الأمنية تدريجيًا للقوات الصومالية. أما في عام 2025 فقد ظهرت بعثة الاتحاد الأفريقي للدعم وتحقيق الاستقرار (أوسوم) التي ورثت مشاكل التمويل التي عانت منها سابقتها حيث أنهت الأخيرة عملياتها بعجز مالي بلغ نحو 96 مليون يورو.

الصومال شهد منذ العام 2007 ثلاث بعثات للاتحاد الأفريقي، كانت تهدف في البداية إلى حفظ السلام في ظل الأوضاع الأمنية المتدهورة، ثم تطورت لتشمل مكافحة حركة الشباب

وبحسب دراسة نشرها معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية الشهر الماضي، فإن الإشكال الحقيقي في التمويل يرتبط بتوجه الدول الفاعلة في الشأن الصومالي، بما في ذلك الولايات المتحدة وتركيا، إلى الانخراط أكثر في الاتفاقيات الثنائية لدعم الحكومة الصومالية وتعزيز مصالحها الاقتصادية والأمنية، الأمر الذي يضر بإطار العمل متعدد الأطراف، الذي يعد أمرًا حيويا لضمان التنسيق الفعّال بين القوات وتجنب أي تداخل أو منافسة بين القوى الدولية.

وخلصت الدراسة إلى أنه لضمان استقرار الصومال، يجب على الشركاء الدوليين التركيز على تقديم الدعم متعدد الأطراف وتجنب تعميق الانقسامات الداخلية من خلال دعم فصائل معينة.

واعتبرت أن التعاون بين الاتحاد الأفريقي والصومال والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي يعد الأساس الذي يجب البناء عليه، حيث لا يمكن للاتفاقيات الثنائية أن تحل محل التنسيق متعدد الأطراف.

وبحسب الدراسة فإنه من المهم أن يعمل الاتحاد الأوروبي على إقناع المزيد من الدول بالمساهمة في تمويل بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال من خلال آليات مالية متعددة، مثل الصناديق الاستئمانية. ويجب أن يكون التركيز على ضمان تمويل مستدام والالتزام بسياسات التنسيق الدولي لضمان نجاح المهمة وتجنب الفوضى الأمنية.

ولن يتحقق أي استقرار في الصومال إلا من خلال إستراتيجية منسقة ودعم دولي قوي. فبينما يمكن للثنائية أن تقدم حلولا سريعة لمشاكل آنية، فإن النجاح طويل الأمد يستدعي حلا شاملا يعزز التنسيق بين جميع الفاعلين الدوليين ويضمن احترام مصالح جميع الأطراف، بما في ذلك الشعب الصومالي.

2