غويتا يحاول طمأنة الداخل والخارج أثناء تنصيب نفسه رئيسا انتقاليا لمالي

باماكو- تعهد الكولونيل أسيمي غويتا الاثنين بأن حكومته "ستحترم كل التزاماتها"، وأكد عزمه على إجراء انتخابات عامة بحلول فبراير المقبل، بعد أدائه اليمين رئيسا انتقاليا لمالي البلد المضطرب وغير المستقر في منطقة الساحل.
ونصب غويتا البالغ 37 عاما في احتفال في العاصمة باماكو، بعدما أطاح قائد انقلاب أغسطس الماضي الرئيس ورئيس الحكومة الانتقالية المدنيين، في ما اعتبر انقلابا ثانيا في 24 مايو.
وأثار ذلك غضبا دبلوماسيا وعزز المخاوف من اندلاع الفوضى في بلد محوري على صعيد جهود القضاء على التمرد الجهادي، الذي يضرب منطقة الساحل.
وقال العسكري الشاب الذي ارتدى زيا عسكريا كاملا "أقسم أمام الله والشعب المالي على الحفاظ على النظام الجمهوري... والحفاظ على المكتسبات الديمقراطية".
وتابع "أؤكد للمنظمات الإقليمية والمجتمع الدولي أن مالي ستفي بجميع التزاماتها من أجل مصالح الأمة العليا".
وتعهد بتنظيم "انتخابات ذات مصداقية ونزيهة وشفافة بموجب المواعيد المقررة"، في إشارة إلى المهلة النهائية للانتخابات التي حددتها الحكومة الانتقالية بحلول فبراير 2022، لكن مراقبين يشككون في ذلك، ما يدخل البلاد التي يتصيّدها الجهاديون وأدمتها الهجمات الإرهابية في مرحلة عدم يقين.
وحضر العشرات من ضباط الجيش الاحتفال، وعلا التصفيق عدة مرات خلال خطاب غويتا، فيما وجدت قوات بالملابس القتالية في محيط المكان.
ويخلف غويتا الرئيس باه نداو بعدما أطيح به الشهر الماضي مع رئيس الوزراء مختار أواني اللذين كانا يؤمنان الانتقال المدني.
واختير نداو وأواني على رأس الحكومة الانتقالية التي ستقود إعادة مالي إلى الحكم المدني الكامل.
ومع الانقلاب داخل الانقلاب في 24 مايو، رد الشركاء الإقليميون بغضب، لكن دون أن يصل بهم الأمر إلى إعادة فرض عقوبات كانت قد أجبرت المجلس العسكري على الموافقة على تشكيل حكومة انتقالية.
وعلقت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" والاتحاد الأفريقي عضوية مالي، فيما أعلنت فرنسا تعليق عملياتها المشتركة مع الجيش المالي إثر الانقلاب الجديد، وذلك بعد ثماني سنوات من التعاون الوثيق في مكافحة الجهاديين.
ولن تغادر قوة برخان المؤلفة من خمسة آلاف عنصر والتي تنشط في العديد من بلدان الساحل، قواعدها لشنّ عمليات في مالي حتى إشعار آخر، وإن كانت ستواصل استهداف قادة جهاديين إذا سنحت الفرصة.
وبالنسبة لمالي، إحدى أفقر دول العالم والتي يعاني جيشها من نقص في التجهيزات، يعد الحفاظ على الشراكات الدولية رهانا حيويا.
وما لم تحدث مفاجأة، سيعيّن في منصب رئيس الوزراء تشوغويل كوكالا مايغا، المخضرم في السياسة والمتحدر من صفوف حركة 5 يونيو/ تجمع القوى الوطنية، وهي مجموعة من المعارضين ورجال الدين وأفراد من المجتمع المدني.
وساهمت المجموعة في الإطاحة بالرئيس إبراهيم بوبكر كيتا، بعد أن أضعفته الاحتجاجات الحاشدة على الفساد والفشل في مواجهة التمرد الجهادي.
وهمش المجلس العسكري الحركة في الحكومة التي أعقبت الانقلاب الأول وسيطر عليها العسكريون، لكنّ هناك تقاربا واضحا بين الجيش والحركة منذ الانقلاب الثاني في مايو.
ومايغا البالغ 63 عاما يعتبر أن له علاقات وثيقة بالإمام المحافظ النافذ محمود ديكو، المؤيد للحوار مع الجهاديين الذي ترفضه باريس.
وحاول الوزير السابق الطمأنة منذ الجمعة واعدا أيضا بأن بلاده ستفي بالتزاماتها الدولية، لكنه حذّر أيضا من أن "الإساءات والعقوبات والتهديدات لن تفعل سوى تعقيد الوضع".
وغرقت مالي في أزمة أمنية عميقة منذ الاستقلال، وحركات التمرد الجهادية التي بدأت في الشمال في عام 2012.
وبالرغم من مشاركة فرنسا العسكرية ودعم الولايات المتحدة وبعض القوى الأوروبية، فإن الأمن كان يزداد سوءا منذ تدخل باريس في عام 2013 لمنع تقدم الجماعات الجهادية نحو العاصمة المالية باماكو.
وعلى الرغم من تشتت الجماعات الجهادية وطرد جزء كبير منها من شمال مالي منذ 2013، فإن مناطق بأكملها ما زالت خارجة عن سيطرة القوات المالية والفرنسية وتلك التابعة للأمم المتحدة.