غونكور ورونودو جائزتان فرنسيتان تخاتلان النقاد

باريس - فاز الكاتب نيكولا ماتيو، الأربعاء، بجائزة غونكور أعرق المكافآت الأدبية في الأوساط الفرانكوفونية عن روايته “أولادهم من بعدهم” التي تتناول فترة المراهقة بنفس ملحمي سياسي واجتماعي.
ويأتي فوز ماتيو بالجائزة الفرنسية العريقة على عكس توقعات النقاد الذين رجحوا فوز رواية “شقيق الروح” للكاتب السنغالي دافيد ديوب، والتي تتناول قصة صداقة بين مقاتلين سنغاليين في مقتبل العمر، تتخللها مأساة الحرب التي جعلت الموت يفرق بينهما.
وقال نيكولا ماتيو أمام مجموعة كبيرة من الصحافيين في مطعم دروان، “أمضيت 18 شهرا منعزلا في غرفة وأشعر الآن وكأني أرنب مذعور بأنوار سيارة”.
وأكد “هذه الجائزة ستغير حياتي بطبيعة الحال. أفكر بنجلي أوسكار. وفي حالات كهذه نعود إلى الأساس، أفكر بعائلتي وأهلي والمدينة التي ولدت فيها (..) والأشخاص الذين أتحدث عنهم في الكتاب”.
ورواية “أولادهم من بعدهم” هي الثالثة لنيكولا ماتيو البالغ من العمر 40 عاما.
وتنافس مع ماتيو وروايته المتوجة “أولادهم من بعدهم” 3 مؤلفين هم دافيد ديوب (52 عاما) وروايته “شقيق الروح”، وبول جريفياك (37 عاما) برواية “أسياد وعبيد” وتوما ريفيردي (44 عاما) عن روايته “شتاء الاستياء”.
تنقسم رواية “أولادُهم من بعدهم” إلى أربعة فصول، وتحكي عن حياة المراهقين من أبناء المناطق الفقيرة وعذاباتهم اليومية في مجتمعٍ فرنسي عاش نهاية القرن الماضي ظروفا سياسية واجتماعية صعبة لم تنفع
برامج السياسة ومواقف النخب المثقفة في تذليل حِدّتها. في صيف عام 1992، سرق أنتوني ذو الأربع عشرة سنة مع أحد أبناء عمه زورقا صغيرا وعبرا به النهر صوب الضفة الأخرى من بحيرة واقعة بمنطقة الشرق الفرنسي، سعيا منهما إلى اكتشاف العالم وبحثا عن فرص عمل ممكنة بعد أن تفشّى فقر العائلات على إثر ما شهدته فرنسا من غلق لعدد كبير من المصانع ومن إحالة للكثير من العمّال على البطالة.
يدخل أنتوني، صحبة زملائه الأطفال العاملين في ما تبقّى من تلك المصانع، في تجربة عمل شاقّة، ويختبرون بأنفسهم مرارة الحياة التي كان قد عاشها آباؤهم من قبلهم في توفير لقمة العيش، وهو ما يكشف عن أنّ هؤلاء الأطفال إنّما هم يعيدون تجربة الشقاء التي عاشها آباؤهم، وكأنّه مكتوب على أبناء المناطق المهمَّشة أن يتوارثوا رحلةَ البحث عن العمل والشقاءَ فيها.
وفي خلال تلك التجربة، يصوّر الكاتب، عبر عيون هؤلاء المراهقين، أحلام الطفولة التي تُجبرهم على عيش حياة الكبار بكل مشقّاتها وأسئلتها. وتقدّم الرواية لقارئها، في فصولها الأربعة، مشاهد فساد مؤسسات الواقع الفرنسي الثقافية والاجتماعية والسياسيّة التي يراها سببا في ما آل إليه وضع سُكّان مناطق الظلّ بفرنسا، على غرار منطقة لوران، من تهميش ونسيان.
وتعد جائزة غونكور الأهم قيمة من بين الجوائز الأدبية الفرنسية نظرا إلى قيمتها الرمزية الهامة، لكنها أيضا تمثل دفعا تجاريا كبيرا لدور النشر، إذ أن الكتاب الفائز بهذا التكريم تباع منه أكثر من 345 ألف نسخة في المعدل، ما يحقق له رواجا واسعا.
أما جائزة رونودو، وهي الأخرى من أهم الجوائز الأدبية الفرنسية، فقد آلت إلى فاليري مانتون عن روايته “لو سيون” (الثلم) الذي يتناول قصة حياة الصحافي والكاتب هرانت دينك الناشط من أجل القضية الأرمنية والذي اغتاله الأتراك.