غول الجواسيس حيلة الكرملين لعزل العلماء الروس

الرئيس فلاديمير بوتين يتخذ إجراءات ضد العلماء الروس في خطوات اعتبر باحثون أنها إجراءات "عبثية وغير واقعية" ستزيد من عزلة روسيا وتضر بعملهم.
الخميس 2019/08/15
بوتين يخشى علماء بلاده

موسكو- في الوقت الذي تتصاعد فيه حدة التوتر بين روسيا والقوى الدولية الأخرى كالاتحاد الأوروبي وخاصة الولايات المتحدة في علاقة بملف التسلح وزعامة العالم، تتخذ الحكومة الروسية بدفع من الرئيس فلاديمير بوتين، إجراءات ضد العلماء والباحثين الروس تحد من تحركاتهم الخارجية، من ذلك مثلا إصدار قيود تفرض على العلماء لمنعهم من التقاء زملاء لهم أجانب.

وتحيي هذه الخطوات التي يعكف على اتخاذها رجل المخابرات السابق بوتين، تلك الإجراءات المتشددة التي كان يفرضها الاتحاد السوفييتي على علمائه بما جعلهم معزولين عن العالم.

وفي هذا الصدد، قال الكرملين الأربعاء لتعليل الخطوات المتخذة إن جواسيس أجانب يراقبون العلماء الروس “على مدار 24 ساعة”، في وقت تصاعد فيه غضب الباحثين الروس من قيود جديدة “ذات طابع سوفييتي” عليهم، تحدّ من تواصلهم مع الخارج.

وتوصي وزارة التعليم والبحث في مرسوم خاص بتعزيز القيود على اللقاءات التي يشارك بها أجانب وبالحد من زياراتهم إلى مباني المعاهد الروسية ومن استخدامهم للأجهزة الإلكترونية. وتطلب الوزارة كذلك حيازة تصريح مسبق من الإدارة لكل لقاء خارج ساعات العمل مع أي زميل من بلد آخر، وكتابة تقرير حول هذا اللقاء.

الفيزيائي الأميركي ثيودور هول يصنّف ضمن قائمة أشهر الجواسيس النوويين الذين عرفهم التاريخ
الفيزيائي الأميركي ثيودور هول يصنّف ضمن قائمة أشهر الجواسيس النوويين الذين عرفهم التاريخ

وندد باحثون روس بتلك الإجراءات “العبثية وغير الواقعية” التي “ستزيد من عزلة” روسيا وتضر بعملهم. وأعربوا عن خشيتهم من العودة إلى الحقبة السوفييتية، حينما كان يمنع العلماء من التواصل مع زملائهم الأجانب إلا بمرافقة طرف ثالث. واعتبر مساعد مدير أكاديمية العلوم الروسية أليكسي خوخلوف الأربعاء أن تلك التوصيات تناقض هدف السلطات جذب المزيد من الطلاب الأجانب إلى روسيا وتسهيل توظيفهم فيها.

وأكد المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف على ضرورة الحفاظ “على اليقظة” لأن “أجهزة الاستخبارات الأجنبية في حالة استنفار”. وأضاف للصحافيين “التجسس العلمي والصناعي أمر فعلي، يتم على مدار 24 ساعة في اليوم وسبعة أيام في الأسبوع، ويستهدف علماءنا خصوصاً الشباب”، مع إقراره أن بعض التوصيات المنصوص عليها في المرسوم قد تبدو “مفرطة”.

وقالت من جانبها وزارة التعليم والبحث إن المرسوم “يعكس ممارسة عالمية” إزاء سلوك العلماء الأجانب. وتخشى الأوساط العلمية الروسية منذ سنوات من النفوذ المتصاعد لأجهزة الأمن القوية في عملها. وأدين العديد من الباحثين بـ”الخيانة العظمى” و”التجسس” في قضايا مثيرة للجدل.

وتتنافى هذه الإجراءات التي تتخذها موسكو، مع ما عرفه الاتحاد السوفييتي من زرع لجواسيسه من العلماء لنقل التكنولوجيا الأميركية إلى روسيا التي كانت متأخرة في هذا المجال.

يذكر في هذا الصدد، أنه منذ بداية مشروع مانهاتن الأميركي الذي أسفر عن إنتاج أول الأسلحة النووية، اتجه العديد من العلماء الروس العاملين على هذا البرنامج لنقل معلومات حساسة وخطيرة للاتحاد السوفييتي الذي كان حينها متأخرا في هذا المجال.

وبناء على أعمال الجوسسة هذه، لقّب هؤلاء الأشخاص بـ”الجواسيس النوويين”، حيث لعبوا دورا هاما في نقل أسرار التكنولوجيا الأميركية للمعسكر الشرقي، وساهموا بشكل فاعل في حصول الاتحاد السوفييتي على أولى أسلحته النووية.

وكان من أشهر العلماء الجواسيس للاتحاد السوفييتي موريس ولونا كوهين وكلاوس فوكس وهاري غولد وجوليوس وإيتيل روزنبرغ، وكذلك الفيزيائي الأميركي ثيودور هول الذي يصنّف ضمن قائمة أشهر الجواسيس النوويين الذين عرفهم التاريخ.

7