غوغل ليست محصنة من رياح الإعلانات المعاكسة

استمرار الهشاشة في مجال الإعلانات الرقمية لا يعني أن غوغل قد تتعرض لنفس مصير الصحف.
الخميس 2022/10/27
غوغل تبعد أكثر عن أهدافها

تواجه شركات الإنترنت وعلى رأسها غوغل هزة بفعل تراجع إيرادات الإعلانات بما يذكر بما حصل للصحف الورقية وقنوات التلفزيون، ورغم أن المستقبل للإنترنت ولن يؤثر هذا التراجع على غوغل إلا أنها ستعيد تنظيم الموارد للاستثمار في أكبر فرص النمو لديها.

واشنطن - أعلنت شركة غوغل عن تراجع مبيعاتها للربع الخامس على التوالي، على خلفية انخفاض عائدات الإعلانات على منصة يوتيوب التابعة لها للمرّة الأولى، في مؤشر على استمرار الهشاشة في سوق الإعلان الرقمي.

وتستحوذ شركتا غوغل وميتا (فيسبوك سابقا) اليوم على ما يقرب من نصف إجمالي الإنفاق العالمي على الإعلانات الرقميّة، وكان نموهما الإعلاني في السنوات الماضية على حساب الصحف والإعلام التقليدي. وقال ماكس ويلينز كبير المحللين في شركة إنسايدر إنتليجنس إن “السبب في أن الرقم قد نمى إلى هذا الحد الهائل هو أنه حدث على حساب وسائل الإعلام التقليدية إلى حد كبير. تستمر الطباعة في الانزلاق والانزلاق ثم الانزلاق”.

ولم تستطع الكثير من الصحف حول العالم الصمود ورقيًا، وأجبرتها التحديات الجديدة التي فرضتها التكنولوجيا ومواقع التواصل التي هيمنت على سوق الإعلانات في السنوات الأخيرة على التحول والانتقال إلى الفضاء الإلكتروني، وبعضها اضطر إلى الإغلاق.

في المقابل يعتبر التلفزيون أفضل حالا، فقد أكدت دراسة أن وسائل الإعلام “القديمة” تقاوم، إذ لا يزال التلفزيون الوسيلة المفضلة للمعلنين. ومدفوعة بالأخبار القوية التي مثلتها الأزمات الصحية والطبيعية والأحداث الكبرى، استحوذت “الشاشة الصغيرة” على قسم جيد من إجمالي كعكة الإعلانات.

الشركات التي تملك أفضل البيانات وأكبر الجماهير وقواعد المستخدمين هي التي ستفوز بسباق الإعلانات

وانخفضت إيرادات إعلانات الصحف العالميّة بمقدار النصف في السنوات الخمس الماضية، بينما تواجه اليوم شركات الإنترنت العملاقة انخفاضا في الإعلانات بتأثير التباطؤ الاقتصادي العالمي، ورغم أن هذا لن يؤثر على مصيرها كما حدث للكثير من الصحف والقنوات التلفزيونية، لكنه يشكل هزة بالنسبة إليها.

وباتت الإعلانات الرقمية مجالا شديد المنافسة بين الشركات الضخمة، خصوصا مع اتجاه المعلنين الواضح نحو خفض الإنفاق خلال التباطؤ الاقتصادي، حيث تعتمد شركات كبرى مثل أوبر ونتفليكس على الإعلانات كمصدر جديد للإيرادات، كما أن تطبيقات التوصيل وأسواق التجارة الإلكترونية وتجار التجزئة وخدمات الألعاب لا تخلو من الإعلانات، هذا دون الحديث عن ميتا وتويتر وشبكات التواصل الاجتماعي الأخرى.

ووفق ما ذكر الكاتب ريتشارد ووترز من الفاينينشال تايمز، ففي هذا العالم الجديد تعتبر الشركات التي تملك أفضل البيانات وأكبر الجماهير وقواعد المستخدمين هي التي ينبغي أن تفوز بهذا السباق.

وأضاف، مهما كان شكل الأعوام الخمسة عشر القادمة في مجال الإعلانات، فهي لن تكون شبيهة بالأعوام الخمسة عشر الماضية.

وبالنتيجة فإن شركة ضخمة مثل غوغل ستواجه هزة في إيراداتها، فبالتأكيد لن تواجه اختبارا وجوديا يهدد مستقبلها، لكنها ستعيد النظر مليا في النتائج التي تطمح إليها وحجم الإنفاق على هيكلها وجيش الموظفين لديها.

وهذا ما تؤكده عائدات “ألفابت” الشركة الأم لغوغل ويوتيوب عن عائداتها للربع الثالث من هذا العام والبالغ 69.1 مليار دولار في ارتفاع نسبته 6.1 في المئة عن القيمة التي كان عليها في الفترة عينها من العام السابق، ولكن أقلّ مما كان مرتقبا.

وشهد سوق الإعلانات بالفعل “انتعاشا” في عام 2021 والربع الأول من عام 2022، بعد عام 2020 الذي تميز بالانخفاض الحاد في عائدات الإعلانات ونفقاتها.

uu

وقال الرئيس التنفيذي سوندار بيتشاي في اتصال هاتفي مع المحللين بعد الإعلان عن الأرباح “هذه الأوقات توضح لنا الأمور”. وتابع أنّ غوغل بدأت حملة لتصبح أكثر كفاءة “من خلال إعادة تنظيم الموارد للاستثمار في أكبر فرص النمو لدينا” وأنّ نمو الموظفين سيكون “أقلّ بكثير” في الربع الرابع.

وأثارت مبيعات الإعلانات المخيبة للآمال لـ”ألفابت”، مخاوف عبر قطاع الوسائط الرقمية الثلاثاء مع خفض المعلنين إنفاقهم في مواجهة تباطؤ مبيعات الإعلانات. وبددت النتائج السلبية العديد من التوقعات بأنّ غوغل، وهي أكبر منصة إعلانية رقمية في العالم من حيث حصتها في السوق، ستظلّ قوية وسط ضعف الاقتصاد وعززت المخاوف في “وول ستريت” من استمرار التضخم في الإضرار بالإنفاق على الإعلانات، وفقاً لتقرير رويترز.

وتثير النتائج الضعيفة التي حققتها “ألفابت” مخاوف شركات أخرى في هذا القطاع، لا سيما “ميتا بلاتفورمز” التي تعتمد على الإعلانات.

54.48

مليار دولار حجم إيرادات إعلانات غوغل في الربع الثالث، مقارنة مع 53.13 مليار دولار العام الماضي

وقالت روث بورات، مديرة “ألفابت” المالية، إن التباطؤ في إجمالي إيرادات الإعلانات يرجع إلى “الأداء القوي جدّاً” للربع الأخير، مضيفة أنّ انخفاض مبيعات الإعلانات على يوتيوب يرجع إلى تراجع بعض المعلنين عن إنفاقهم على الإعلانات.

وبلغت إيرادات إعلانات غوغل 54.48 مليار دولار في الربع الثالث، مقارنة مع 53.13 مليار دولار العام الماضي، لكنّها جاءت أقلّ من توقعات المحللين. وقالت الشركة إنّ إجمالي الإيرادات بلغ 69.09 مليار دولار في الربع المنتهي في 30 سبتمبر مقارنة مع 65.12 مليار دولار قبل عام.

كما انخفضت مبيعات الإعلانات على يوتيوب إلى 7.07 مليار دولار، من 7.2 مليار دولار في الربع نفسه من العام السابق. وكانت شركة التكنولوجيا العملاقة قد قالت في يوليو الماضي، إنها ستبطئ وتيرة التوظيف لبقية العام، مؤكدة أنّها “ليست محصنة من الرياح الاقتصادية المعاكسة”.

ومن هذه الشركات سبوتيفاي التي تراجعت أسهمها، متأثرة بضعف الأداء على مستوى القطاع بعد أن جاءت الإيرادات الفصلية لـ”ألفابت”، الشركة الأم لغوغل، أقل من تقديرات السوق مع خفض المعلنين الإنفاق.

وألقت سبوتيفاي باللوم على تراجع عوائد الإعلانات وتقلبات أسعار العملات ومدفوعات الملكية الفكرية بأثر رجعي لكتاب الأغاني وناشري الموسيقى.

وقال دانييل إيك رئيس سبوتيفاي التنفيذي “هذا مؤشر مبكر للمخاوف التي تشعر بها الشركات بشأن الاقتصاد… لا نشعر بالقلق على المدى الطويل، ولكنه بالتأكيد سيؤثر علينا على المدى القصير، وقد ساهم في تراجع هامش الربح الإجمالي الذي حققناه في هذا الربع أيضا”.

وذكر تقرير نشرته “وول ستريت جورنال” أن النتائج تراجعت لدى الشركات الأكثر مرونة، ومنها شركات تكنولوجية مثل مايكروسوفت التي أعلنت الثلاثاء عن أسوأ عائدات فصلية منذ أكثر من سنتين. وأظهرت بعض منصات غوغل الأساسية مثل محرك البحث ويوتيوب ضعفا صادما، بعد أن كانا محركاً لنجاح الشركة.

ee

ولا يجب أن نغفل مدى تضرر المعلنين والناشرين من احتكار غوغل لسوق الإعلانات، إذ تسمح لها هيمنتها على هذا السوق بالربح من الإعلانات التي تشتريها خدماتها والتي تبيعها لاحقًا بقدر ضعيف جدًا من الشفافية حول نسبة الأرباح، وأضر هذا بشركات الإعلام التي تعتمد رأسًا على الإعلانات لتمويل أعمالها ودفع رواتب موظفيها.

وقال ديفيد تشافيرن، المدير التنفيذى لتحالف وسائل الإعلام الإخبارية الأميركية إن فيسبوك وغوغل لا توظف الصحافيين ولا تتعقب السجلات العامة للكشف عن الفساد، وإرسال المراسلين إلى مناطق الحرب. إنهم يتوقعون أن يقوم صناع الأخبار، الذين يتعرضون للضغوط الاقتصادية، أن يقوموا بذلك العمل المكلف بدلا منهم، ورغم ذلك ينشرون ذلك المحتوى دون جهد، ويشاركوننا في الأرباح عبر استفادتهم من الإعلانات الرقمية.

16