غوغل تخطط لتتحول إلى "تيك توك محركات البحث"

الشركة تعلن عن نسخة جديدة من محرك البحث تعيد تشكيل مفهوم البحث على الإنترنت.
السبت 2022/10/01
عزيزي الإنسان، تغير نظام البحث على غوغل

تسعى غوغل لتطوير محرك بحثها بإضافة ميزات جديدة للبحث، تجعل منه أكثر تفاعلية واعتماداً على الصور المرئية والذكاء الاصطناعي. فيما وعد المسؤولون بأن هذه النسخة الجديدة من محرك البحث “ستعيد تشكيل مفهوم البحث على الإنترنت”.

لندن - أعلنت شركة غوغل عن مهمة جديدة تتمثل في تغيير مفهوم مستخدميها عن محركات البحث الاعتيادية، مثلما أعادت تطبيقات مثل تيك توك” وإنستغرام تشكيل مفهوم وسائل التواصل الاجتماعي.

وبمعدَّل 70 ألف عملية بحث في الثانية، وأكثر من 54 مليار زيارة في اليوم، تتربع غوغل على عرش محركات البحث داخل العالم الرقمي.

وكشف المسؤولون عن أن الشركة تواصل المضي في اتجاهها السائد في السنوات الأخيرة في تطوير محرك بحثها بجعله أكثر سلاسة في إجراء عملية البحث اعتماداً على المحتوى المرئي، وبالتالي لن يصبح المستخدم في حاجة إلى الكتابة من أجل الحصول على نتائج البحث.

وفي حدث “Search On” السنوي عرضت غوغل مجموعة من الطرق الجديدة للأشخاص للبحث في الإنترنت. فيمكن الآن طرح سؤال على غوغل عن طريق التقاط صورة أو التنقل في ميكروفون الهاتف بدلاً من محاولة كتابة مجموعة الكلمات الرئيسية المثالية في شريط البحث. وتبحث غوغل عن المزيد من الطرق لتقديم المعلومات التي قد يهتم بها المستخدم دون أن يضطر حتى إلى طرح السؤال.

إنها تجربة فكرية مثيرة للاهتمام حقًا: تحاول غوغل أن تكون صفحة البحث معادلا لصفحة (تيك توك لأجلك) TikTok’s“ For You“. يذكر أنه عند فتح تطبيق تيك توك الخاص بك، سترى صفحة من مقاطع الفيديو التي تسميها تيك توك “من أجلك”. هذه مجموعة مخصصة من مقاطع الفيديو التي قامت TikTok بتصفيتها وتعتقد أنها ستلبي ذوقك وتثير اهتمامك.

النسخة الجديدة من محرك غوغل تتبنى فكرة أن البحث ليس نظام أسئلة وأجوبة، بل هو نظام للاستكشاف والاكتشاف

ولا يعرف فريق البحث في غوغل بالضبط كيف سيكون غوغل معادلا لتيك توك في مجال محركات البحث، لكنه يعمل على ذلك. وحتى الآن على الأقل، يبدو أن الإجابة ستبدأ في الظهور على الصفحة الرئيسية لتطبيق غوغل لنظام التشغيل أي.أو.أس. فهذا هو المكان الذي بدأت فيه العديد من ميزات غوغل الجديدة.

وحسب نائب المدير التنفيذي لغوغل والمسؤول عن برنامج تطوير البحث برابهاكار راغافان فعلى مدى عقدين من الزمن قواعد اللعبة تقريبًا لم تتغير “هي التي اشتغل بها محرك غوغل منذ انطلاقه، ‘عزيزي الإنسان، إذا كتبت أسئلتك بشكل دقيق، ستحصل على إجابات أكثر دقة’. لكن الآن بفضل التطور غير المسبوق للذكاء الاصطناعي جرى قلب الطاولة على التقنيات القديمة”.

وكان سلوك بحث غوغل هو نفسه طوال عقدين من الزمن: اكتب بحثًا، وانتقل عبر النتائج، وإذا لم يعجبك ما تراه، فجرّب طلب بحث آخر. الأداة الوحيدة التي كانت لديك كانت سلسلة كلمات رئيسية. يقول راغافان إن “هذا أمر متخلف تمامًا.. إنه لأمر محزن أن يلوم المستخدمون أنفسهم، إذا لم يحصل المستخدمون على ما يريدون، فلدينا مشكلة، وعلينا حلها”.

وبفضل هذه التعديلات الجديدة في عملية البحث على غوغل ستجعل من النتائج أكثر دقة ومناسبة أكثر لـ”جيل تربّى على المحتوى البصري”، على حد تعبير راغافان. وبالتالي، يضيف، “كان المستخدم من قبل يعيب على نفسه إذا لم يحصل على ما أراده من خلال عملية البحث، اليوم أصبح اللوم علينا في ذلك”.

وما زالت غوغل لم تكشف عن الحلة الجديدة التي سيكتسيها محرك بحثها الجديد، وإلى أيّ نتيجة سيقود مشروع التطوير الذي أعلنت انطلاقه. غير أن مجموعة ميزات ستقوم الشركة بإضافتها إلى التطبيق، في خطوة ثورية نحو المفهوم الجديد لمحرّكات البحث الذي وعدت به.

غوغل تتربع على عرش محركات البحث داخل العالم الرقمي بمعدَّل 70 ألف عملية بحث في الثانية، وأكثر من 54 مليار زيارة في اليوم

من أبرز هذه الميزات التي جرى الكشف عنها والتي سيشملها التحديث الجديد لتطبيق غوغل، فسح خدمة البحث عن الأماكن المجالَ أمام نشر المستخدمين محتوى مصور، في شكل “ستوريز” (Stories)، عن تجربتهم بها.

وأطلقت الشركة على هذه الميزة اسم “فايبز”، وأضافت بأنها ستمكّن كذلك المستخدم من الولوج إلى الأماكن والمرافق العمومية (كالمطاعم، والفنادق والحدائق…) من أجل التعرف على التجربة التي تنتظره قبل زيارتها، ستمكّنه من التعرف على معلومات آنية حول نسبة ازدحامها وأسعارها والأشخاص المكلفين بالخدمة.

كذلك ستزوّد غوغل خارطتها بخدمة النظر من الأعلى، ببث صور آنية في غاية الدقة والواقعية لما يزيد عن 250 موقع جغرافي حول العالم. وقالت الشركة إن هذه الخدمة ستنطلق أولاً من المدن الكبرى مثل لندن ولوس أنجلس ونيويورك وطوكيو.

ولطالما اعتمدت قواعد اللعبة التي يصفها راغافان على فكرة وجود إجابة واحدة صحيحة في مكان ما، وكل ما عليك فعله للحصول عليها هو طرح السؤال الصحيح بالضبط على غوغل. ولكن بشكل متزايد تتبنى غوغل فكرة أن البحث ليس نظام أسئلة وأجوبة، إنه نظام للاستكشاف والاكتشاف ومحاولة تعلم أشياء لا توجد إجابات واضحة عنها. وهذا يغير ما يريده المستخدمون من غوغل والمسؤولية التي تتحملها غوغل فيما تقرر منحهم إياه.

وتقول ليز ريد نائب الرئيس الذي يشرف على جميع منتجات بحث غوغل “لا يزال معظم الناس يأتون للإجابة على سؤال أو العثور على رابط ؛ كلمات مثل ‘فيسبوك’ و’طقس’ هي أكثر مصطلحات البحث شيوعًا بفارق زمني طويل. يأتي الآخرون في رحلة أطول ولكن أكثر توجهاً، يريدون شراء دراجة أو التعرف على تاريخ البصل”. وتضيف ريد “ثم في بعض الأحيان، يتجول الناس للاستكشاف”.

يأتي المتجولون إلى غوغل بنية أقل مباشرة. سمعوا عبارة لم يعرفوها. كانوا يتحدثون إلى صديق عن مكان يبدو ممتعًا؛ يريدون معرفة المزيد عن الفنانة أديل. هؤلاء هم الأشخاص الذين يعتبر تيك توك بالنسبة إليهم محرك بحث مفيدًا بشكل مدهش، هؤلاء هم مستخدمو الإنترنت الشباب الذين يقول عنهم راغافان “إنهم يختبرون الإنترنت بطريقة بصرية أكثر”.

Thumbnail

وبمجرد وصول المستخدم إلى صفحة النتائج (المرئية أيضًا بشكل متزايد)، فإن غوغل أيضًا تبتعد عن قائمة الروابط المرتبة. تقول ريد “كانت هناك أطنان من الروابط مفيدة في السابق، عندما لم تكن غوغل تقدم أفضل شيء موثوق به. من الآن فصاعدًا قد يكون الجزء السفلي من صفحة النتائج عبارة عن مجموعة من النتائج الخاصة ببحث ذي صلة حول نفس الموضوع أو حول موضوع مجاور.

تمنح الميزات الجديدة غوغل مزيدًا من التحكم في ما تراه في نتائج البحث، ما يثير أسئلة طويلة الأمد حول التحيز في خوارزميات غوغل ونظام التصنيف الغامض دائمًا، وكذلك حول نموذج الأعمال الخاص بغوغل. لقد أمضت الشركة السنوات الأخيرة بشكل مطّرد في الاحتفاظ بالمزيد من النتائج لنفسها، وإعادة توجيه المستخدمين إلى منتجاتها الأخرى أو ببساطة وضع الإجابة الصحيحة في النتائج. والآن، بدأت الشركة في اتخاذ العديد من القرارات الاستباقية حول ما تراه ومتى. ولا يقتصر الأمر على تقديم عمليات بحث ذات صلة، بل يرشدك إلى مواضيع جديدة ويضع أزرارًا كبيرة قابلة للضغط أسفل مربع البحث لإعلامك بالمكان الذي يجب أن تذهب إليه بالضبط. اعتاد مربع بحث غوغل أن يكون عبارة عن صفحة بيضاء فارغة – تُعرف بأهم العقارات على الإنترنت – والآن يرسل إليك إشارات من كل بكسل تقريبًا.

وعندما يتعلق الأمر بمسائل المعلومات المضللة والمحتوى المثير للمشاكل على الإنترنت فإن راغافان مصمم على أن هذه الأشياء ليست من اختصاص غوغل للتقاضي. يقول “نحن نعد بالوصول الشامل إلى المعلومات، مما يعني أنه إذا كانت على الإنترنت، ما لم يكن محظورًا بموجب القانون أو بعض السياسات التقييدية حقًا، فسنعرضها لك”.

وتقول ريد إنها تشعر بالفضول لمعرفة ما سيتحول إليه محرك غوغل لكنها مقتنعة بأن غوغل يمكن أن تكون أكثر من مجرد آلة إجابات سريعة الاستجابة.

16