غوتيريش في لبنان يلوم السياسيين على الشلل والانقسام

لبنان يتوقع التوصل إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي بين يناير وفبراير.
الاثنين 2021/12/20
غوتيريش يدعو المجتمع الدولي إلى تعزيز دعمه للبنان

بيروت - حث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأحد قادة لبنان على إعطاء الأولوية للشعب، وتنفيذ إصلاحات لإنقاذ البلاد من كساد مالي، وأسوأ أزمة اجتماعية منذ 30 عاما، فيما دعا المجتمع الدولي إلى تعزيز دعمه للبنان في ظل ما يعانيه من تدهور اقتصادي واجتماعي وسياسي.

وفي كلمة ألقاها من القصر الرئاسي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس اللبناني ميشال عون، قال غوتيريش "نظرا إلى معاناة الشعب اللبناني، لا يحق للقادة السياسيين أن يكونوا منقسمين ويشلوا البلد"، لافتا إلى أن اللبنانيين يتوقعون منهم "إعادة إحياء الاقتصاد" وضمان "حكومة فاعلة".

وجدّد غوتيريش من بيروت، التي وصل إليها الأحد في زيارة "تضامن"، دعوته المسؤولين "إلى العمل معا لحل الأزمة". كما دعا المجتمع الدولي إلى "تعزيز دعمه للبنان".

وفي بلد منقسم طائفيا، فشلت الحكومات المتعاقبة المؤلفة من جميع الأحزاب الرئيسية في لبنان مرارا في تنفيذ الإصلاحات اللازمة لإصلاح المالية العامة.

ويضغط المانحون الأجانب منذ وقت طويل على الساسة من أجل القيام بالإصلاحات التي وعدوا بها سابقا، لكنها لم تُنفذ بسبب المصالح الخاصة. ويقول المانحون إن هذه التعهدات شرط لإرسال الأموال.

ورغم حجم الأزمة وتداعياتها المتمادية، لم تجتمع الحكومة اللبنانية منذ منتصف أكتوبر، على خلفية انقسام سياسي حول أداء المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت الذي أودى بـ215 شخصا على الأقل وتسبّب في إصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح، ملحقا دمارا واسعا بالعاصمة.

وشدد غوتيريش، الذي تحفل زيارته المستمرة حتى الأربعاء بسلسلة لقاءات وزيارات ميدانية، على أن هدف لقاءاته هو "مناقشة أفضل السبل لدعم شعب لبنان في تجاوز الأزمة الاقتصادية والمالية الحالية وتعزيز السلام والاستقرار والتنمية المستدامة".

واعتبر أن الانتخابات النيابية التي يعتزم لبنان تنظيمها في الربيع المقبل ستشكل محطة "رئيسية، وعلى الشعب اللبناني أن يلتزم بشكل كامل في اختيار كيفية دفع البلاد قدما".

وأكد عون في كلمة ألقاها بالفرنسية أنه ستُوفّر للانتخابات "كل الأسباب كي تكون شفافة ونزيهة تعكس الإرادة الحقيقية للبنانيين في اختيار ممثليهم".

كما رحب عون "بأي دور يمكن أن تلعبه الأمم المتحدة في متابعة الانتخابات بالتنسيق مع السلطات اللبنانية المختصة".

ويشدد المجتمع الدولي على ضرورة تنظيم الانتخابات في موعدها. ويأمل كثر أن تشكل الانتخابات، بعد الاحتجاجات الشعبية غير المسبوقة التي عمّت البلاد ضد الطبقة السياسية منذ خريف 2019، خطوة، وإن صغيرة، على طريق تجديد النخبة السياسية.

وبخصوص الوضع الاقتصادي أكد عون أن "العمل جار على تجاوز أزمات لبنان المتلاحقة، عبر وضع خطة تعاف اقتصادي لعرضها على صندوق النقد الدولي والتفاوض بشأنها، بالتزامن مع إجراء إصلاحات اقتصادية ومالية وإدارية متعددة".

وأوضح أنه "تُجرى إعادة النظر بعدد من إدارات الدولة، وضبط الإنفاق، ووقف الهدر ومكافحة الفساد، إلى جانب بلوغ التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان أهدافه في كشف المسؤولين عمّا لحق بالبلاد من خسائر على مر السنوات الماضية".

وقال إن "الهدف يبقى اعتماد حوكمة مستدامة تصحح الخلل الذي اعترى مؤسسات الدولة".

ويشهد لبنان منذ عام 2019 انهيارا اقتصاديا غير مسبوق، صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي.

وتخلفت الدولة في مارس 2020 عن دفع ديونها الخارجية، ثم بدأت مفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول خطة نهوض عُلّقت لاحقا، بسبب خلافات بين المفاوضين اللبنانيين.

وتراجع سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار تدريجيا إلى أن فقدت أكثر من 85 في المئة من قيمتها، وبات نحو 80 في المئة من السكان يعيشون تحت خط الفقر، وارتفع معدل البطالة، فيما يشترط المجتمع الدولي على السلطات تنفيذ إصلاحات ملحة لتحصل البلاد على دعم مالي ضروري يخرجها من دوامة الانهيار.

وأكد نائب رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعادة الشامي أن الحكومة اللبنانية قد تتوصل إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد بين يناير وفبراير.

وقال في مقابلة مع تلفزيون "الجديد" اللبناني إن "المفاوضات مع صندوق النقد الدولي مستمرة، والأزمة اللبنانية شديدة التعقيد، مع خلافات سياسية، وتتطلب الأزمة معالجات سريعة وقرارات سياسية جريئة مع تضافر الجهود".

ولفت إلى أن "اللجنة الوزارية اتفقت مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على أن حجم الخسائر المالية بلغ 69 مليار دولار، وتتحملها الحكومة ومصرف لبنان والمصارف والمودعون".

وأكد أن الهدف الأساسي هو الوصول إلى اتفاق بأسرع وقت ممكن مع صندوق النقد الدولي، ولكنه لفت إلى أنه "لا توجد مهلة معينة".

ويشمل جدول أعمال غوتيريش الاثنين زيارة مرفأ بيروت "للوقوف دقيقة صمت تكريما لأرواح ضحايا انفجار مرفأ بيروت وعائلاتهم". كما يلتقي عددا من كبار المسؤولين والقادة الروحيين وممثّلين للمجتمع المدني. ويجري كذلك زيارات ميدانية، إحداها إلى مدينة طرابلس (شمال)، يلتقي خلالها متضرّرين من الأزمات المتعدّدة التي تواجهها البلاد.

ويتفقّد الثلاثاء قوة الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل) في جنوب لبنان، على أن يجول على طول الخط الأزرق وهو خط وقف إطلاق النار الذي جرى التوافق عليه بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان في العام 2000، وينطوي على 13 نقطة متنازعا عليها بين الدولتين.