غموض يكتنف مصير مؤتمر حزب الأغلبية في الجزائر

السلطة بصدد إخضاع جبهة التحرير لعملية سياسية دقيقة.
الخميس 2023/04/06
تحضيرات للمؤتمر بانتظار الكلمة الفصل من المرادية

يثير تأخر حزب جبهة التحرير الوطني عن الإعلان عن موعد عقد مؤتمره بالرغم من الانتهاء من التحضيرات له تساؤلات بشأن من يمتلك سلطة القرار داخل الحزب. ويرى متابعون أن هذا التأخير اللافت يمكن أن يخلق أزمة للحزب، خصوصا وأنه ليس هناك دواع منطقية لذلك، وأن السبب قد يعود إلى ترتيبات تجريها السلطة السياسية في البلاد.

الجزائر - لا يزال الغموض يكتنف مصير مؤتمر حزب جبهة التحرير الوطني الحاصل على الأغلبية في مختلف المجالس المحلية والوطنية، رغم إنهاء القيادة لجميع التحضيرات التنظيمية واللوجيستية. وينطوي هذا الغموض على مشكلة غير معلنة حول علاقة الحزب بالسلطة، ومكانة ومستقبل القيادة الحالية، ولا يستبعد البعض فرضية استغناء السلطة عن ذراعها السياسية بسبب شكوك تعود لانتخابات الرئاسة السابقة.

وأنهى حزب جبهة التحرير الوطني جميع التحضيرات المادية والبشرية، تحسبا لعقد المؤتمر الحادي عشر للحزب، لكنه رغم ذلك لم يعلن لغاية الآن عن موعد محدد لذلك، مما يوحي أن الأمر ليس بيده رغم أنه ظل يوصف بـ"الحزب الحاكم" وبـ"حزب الأغلبية"، وأن دوائر القرار لم تحسم بعد في تاريخ المؤتمر لأسباب تحتمل الكثير من التأويلات.

واستقبلت قيادة الحزب بمقرها المركزي، الواقع بضاحية حيدرة الراقية في العاصمة الجزائر، كل رؤساء اللجان الانتقالية التي نصبها الأمين العام المؤقت أبوالفضل بعجي، لتسيير محافظات الحزب، وهو الاستقبال الذي خصص لإيداع محاضر انتخاب مندوبي المؤتمر الحادي عشر.

◙ حزب جبهة التحرير الوطني أنهى جميع التحضيرات المادية والبشرية، لكن لم يعلن حتى الآن عن موعد عقد مؤتمره

وأظهرت صفحة الحزب الرسمية على فيسبوك صورا وتسجيلات لرئيس لجنة بوفاريك التابعة لمحافظة البليدة، وهو يستقبل في مقر الحزب إيذانا بالانتهاء من العملية ومن جميع التحضيرات التي تسبق عقد المؤتمر، لكن لا أحد من الوجوه القيادية الجالسة في الأرائك والمكاتب الوثيرة، بإمكانها الجزم بتاريخ محدد للموعد السياسي الهام.

وبهذه الخطوات التنظيمية واللوجستية التي قام بها حزب الأغلبية في البلاد يكون الأمين العام المؤقت قد وضع الكل أمام الأمر الواقع، على اعتبار أن جميع التدابير والإجراءات قد اتخذت ولم يبق إلا الكشف عن تاريخ المؤتمر، وهي المسألة التي تلقى على كاهل المرفق العمومي الذي يحتضن الأشغال، بينما المسألة هي أعمق من ذلك، لأنها تتصل بقرار فوقي كما يتردد في أروقة الحزب.

ونظمت العديد من الأحزاب السياسية مؤتمراتها العادية والاستثنائية رغم الظروف غير العادية التي عاشتها البلاد خلال السنوات الماضية، وكان آخرها المؤتمر الثامن لحركة مجتمع السلم الذي انعقد منذ أسابيع قليلة فقط، وقد أفضى إلى ميلاد قيادة جديدة، بينما يكتفي حزب الأغلبية بقيادة مؤقتة وبمؤتمر استثنائي منذ العام 2020.

ويعود آخر مؤتمر للحزب إلى العام 2015، الأمر الذي يكون قد أوقع السلطة في حرج أمام الطبقة السياسية، لاسيما وزارة الخارجية التي تحث الأحزاب السياسية على التكيف مع التنظيمات والتشريعات الإدارية الناظمة، وفيما يتأخر الحزب الأول في البلاد عن عقد مؤتمره، تقوم الوزارة بالتهديد أو الإحالة على القضاء من أجل حل الأحزاب المتأخرة عن عقد مؤتمراتها بدعوى عدم الامتثال للنصوص الناظمة.

ومع ذلك يبقى موعد المؤتمر الحادي عشر لحزب جبهة التحرير الجزائرية مؤشرا على إشكالية سياسية داخل السلطة، على اعتبار أنها صاحبة الترخيص النهائي بعقد المؤتمر، وكل تأخير هو دليل على غياب إجماع داخل دوائر القرار حول الإخراج النهائي للحزب في المشهد السياسي.

ويقول نشطاء لا أحد داخل القيادة الحالية، بمن فيها الأمين العام أبوالفضل بعجي، الباحث عن ولاية رسمية بتفصيل مخارج المؤتمر حسب مقاسه، يعلم موعد صدور الضوء الأخضر لعقد المؤتمر، وهو ما يطرح أزمة سياسية في حد ذاتها، فالحزب الذي يزعم بأنه القوة الأولى في البلاد، صار لا يملك قرار رخصة، والسلطة التي دأبت على شراء ذمم الطبقة السياسية في السابق، صارت لا تعير اهتماما حتى لحزب جبهة التحرير الوطني.

وبهذه الوضعية عاد الحديث مجددا عمّن يسير ويدير حزب الأغلبية، إن كان يتم من مبناه بضاحية حيدرة أم من أروقة السلطة في الرئاسة أو الحكومة.

◙ البعض لا يستبعد فرضية استغناء السلطة عن ذراعها السياسية (حزب جبهة التحرير) بسبب شكوك تعود لانتخابات الرئاسة السابقة

ويرى متابعون لشؤون الحزب أن القيادة الحالية التي استقبلت رؤساء اللجان الانتقالية ونشر صورهم في الصفحة الرسمية، وهم يودعون محاضر انتخاب المندوبين للجنة الوطنية المكلفة بتحضير المؤتمر، هي رسالة من بعجي لدوائر القرار مفادها قدرته على التحكم في الوضع داخل بيت الحزب، المعروف بتقلباته وانشقاقاته السياسية والنظامية.

لكن رغم ذلك تبقى الصورة ملتبسة لدى دوائر القرار في البلاد، فالحزب الذي لم يتأخر في دعم نظام الرئيس عبدالمجيد تبون، وفي تأييد مختلف الخيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتخذة من طرف ما يعرف بقيادة "الجزائر الجديدة" تبقى الشكوك قائمة حول مكانة وعلاقة الحزب بالسلطة، إذ أن حزب الأغلبية انحاز في انتخابات الرئاسة السابقة لصالح منافس الرئيس الحالي، المرشح عزالدين ميهوبي، الذي ترشح باسم الحزب الغريم لجبهة التحرير الوطني، وهو التجمع الوطني الديمقراطي.

ويبدو أن السلطة التي لا زالت في حملة تطهير للمساحات المشكوك في ولائها للرئيس عبدالمجيد تبون، خاصة في المؤسسات الرسمية، لم تغفل اهتمامها بالقوى السياسية وبالحزب الذي أدار ظهره في 2019 لعبدالمجيد تبون، والآن هو مرغم على الخضوع لعملية جراحية عميقة ظهر موعدها لكن كيفيتها لا زالت مجهولة.

اقرأ أيضا: 

شركات إسبانية تطالب بتعويضات عن خسائرها جراء الأزمة بين الجزائر ومدريد

4