غموض يكتنف محادثات أميركية-إيرانية في عُمان وسط تضارب التصريحات

ارتباك يحيط بالجهود الدبلوماسية الأميركية الإيرانية، بعد إعلان ترامب عن مفاوضات مباشرة تعقد السبت فيما يؤكد عباس عراقجي أنها غير مباشرة بوساطة عمان.
الثلاثاء 2025/04/08
محادثات وسط تحذيرات متبادلة من خطر كبير

طهران/واشنطن – سادت حالة من التضارب في التصريحات بشأن طبيعة المحادثات المرتقبة بين الولايات المتحدة وإيران، المقرر عقدها في سلطنة عمان في 12 أبريل، فبينما فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجميع بإعلانه مساء الاثنين عن استعداد البلدين لبدء محادثات مباشرة حول برنامج طهران النووي، قال وزير الخارجية الإيراني إن المناقشات ستكون غير مباشرة.

وفي مؤشر آخر على صعوبة الطريق أمام أي اتفاق بين الخصمين، أصدر ترامب تحذيرا صارما من أن "إيران ستكون في خطر كبير" إذا فشلت المحادثات.

ويأتي هذا التطور بعد أسابيع قليلة رفضت فيها إيران مطالب ترامب بالتفاوض المباشر بشأن برنامجها النووي تحت التهديد بالقصف، ويبدو أنها ما زالت متمسكة بموقفها هذا.

وقال ترامب للصحافيين في المكتب البيضاوي في أثناء محادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "نجري محادثات مباشرة مع إيران، وقد بدأت. وستستمر السبت. لدينا اجتماع مهم للغاية، وسنرى ما يمكن أن يحدث".

وأضاف "أعتقد أن الجميع متفقون على أن التوصل إلى اتفاق سيكون أفضل". وأوضح ترامب أن محادثات السبت مع إيران ستكون على مستوى رفيع، لكنه أحجم عن الخوض في التفاصيل. كما امتنع عن تحديد مكان إجراء المحادثات، لكنه أبقى على احتمال التوصل إلى اتفاق.

وكتب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على منصة إكس أن محادثات غير مباشرة رفيعة المستوى ستُعقد في عُمان، مضيفا أنها "فرصة بقدر ما هي اختبار. الكرة في ملعب الولايات المتحدة".

وأفادت وسائل إعلام رسمية إيرانية اليوم الثلاثاء أن المحادثات ستجري بقيادة عراقجي والمبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف، وبوساطة وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي.

وأجرت الولايات المتحدة وإيران محادثات غير مباشرة خلال فترة الرئيس السابق جو بايدن، إلا أنها لم تحرز تقدما يذكر. وكانت آخر مفاوضات مباشرة معروفة بين الجانبين في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، الذي قاد جهود التوصل للاتفاق النووي بين طهران وقوى عالمية في عام 2015، وهو الاتفاق الذي انسحب منه ترامب لاحقا.

وزادت تحذيرات ترامب من عمل عسكري يستهدف إيران التوتر في الشرق الأوسط بعد الحرب المفتوحة في غزة ولبنان، والضربات العسكرية على اليمن، وتغيير القيادة في سوريا وتبادل الهجمات بين إسرائيل وإيران.

ويقول ترامب، الذي عزز الوجود العسكري الأميركي في المنطقة منذ توليه منصبه في يناير، إنه يفضل التوصل إلى اتفاق بشأن برنامج إيران النووي على المواجهة العسكرية. وكان الرئيس الأميركي قد قال يوم السابع من مارس إنه كتب إلى الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي مقترِحا عليه إجراء محادثات.

وقال مسؤولون إيرانيون حينذاك إن طهران لن تُجبر على التفاوض.

وقال ترامب في المكتب البيضاوي الاثنين "إيران لا يمكن أن تملك سلاحا نوويا، وإذا لم تنجح المحادثات، أعتقد أنه سيكون يوما سيئا للغاية بالنسبة لإيران".

ولا يمكن إجراء مثل هذه المحادثات بدون موافقة صريحة من خامنئي، الذي قال في فبراير إن التفاوض مع الولايات المتحدة "ليس ذكيا ولا مشرفا ولا حكيما".

وقبل ساعات من إعلان ترامب، صرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي بأن إيران تنتظر ردا أميركيا على اقتراح طهران بإجراء مفاوضات غير مباشرة. وأضاف أن الجمهورية الإسلامية تعتقد أن هذا العرض سخي وحكيم.

بعد تصريحات ترامب، أفاد مسؤول إيراني كبير، طلب عدم الكشف عن هويته، لرويترز بأنه "لن تكون المحادثات مباشرة... ستكون بوساطة عُمان". وتُعدّ عُمان، التي تربطها علاقات جيدة بكل من الولايات المتحدة وإيران، قناة للتواصل بين الدولتين منذ فترة طويلة.

ووصف موقع نورنيوز التابع لأعلى هيئة أمنية في إيران تصريحات ترامب بشأن الترتيب لاجتماع مباشر بأنها جزء من "عملية نفسية تهدف إلى التأثير على الرأي العام المحلي والدولي".

وقال مسؤول إيراني ثان طلب عدم الكشف عن هويته في مطلع الأسبوع إن هناك فرصة محتملة تقارب الشهرين للتوصل إلى اتفاق مشيرا إلى مخاوف من أن إسرائيل، عدو إيران اللدود، قد تشن هجوما إذا طال أمد المحادثات.

وقال نتنياهو، الذي أبدى القليل من الدعم لعقد مفاوضات بين واشنطن وطهران، إنه إذا كانت الدبلوماسية قادرة على منع طهران من امتلاك أسلحة نووية "بشكل كامل، كما حدث في ليبيا، فإنني أعتقد أن هذا سيكون أمرا جيدا".

وفي فترة ولايته الرئاسية الأولى بين عامي 2017-2021، سحب ترامب الولايات المتحدة من اتفاق عام 2015 النووي والذي فرض قيودا صارمة لكبح أنشطة طهران النووية مقابل تخفيف العقوبات. كما أعاد ترامب فرض عقوبات أميركية شاملة.

ومنذ ذلك الحين، تجاوزت إيران بكثير حدود ذلك الاتفاق بشأن تخصيب اليورانيوم.

وتتهم القوى الغربية إيران بأن لديها برنامجا سريا لتطوير قدرتها على إنتاج أسلحة نووية بتخصيب اليورانيوم إلى مستوى تقول تلك القوى إنه أعلى من المطلوب لبرنامج مخصص للأغراض المدنية.

وتقول طهران إن برنامجها النووي لا يستهدف إلا إنتاج الطاقة للأغراض المدنية.

ولم يرد بعد مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض على طلب الحصول على تفاصيل.

ويأتي هذا التحول في وقت حرج "لمحور المقاومة" الإقليمي الذي أسسته طهران بكلفة كبيرة على مدى عقود لمواجهة إسرائيل والنفوذ الأميركي. وضعفت قوة هذا المحور بشدة منذ هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 الذي أدى إلى انزلاق الشرق الأوسط إلى صراع.

وتتعرض حركة حماس في غزة وجماعة حزب الله في لبنان للقصف الإسرائيلي منذ بدء الحرب على غزة، في حين أن حركة الحوثيين في اليمن مستهدفة بغارات جوية أميركية منذ الشهر الماضي. وألحقت إسرائيل أضرارا كبيرة بالدفاعات الجوية الإيرانية العام الماضي.

وساهم سقوط الرئيس السوري بشار الأسد، وهو حليف رئيسي آخر لإيران، في إضعاف نفوذ الجمهورية الإسلامية بشدة.