غموض بشأن موعد إجراء الانتخابات النيابية في الأردن يؤثر على استعدادات الأحزاب

معظم الأحزاب في الاردن لم تحسم موقفها بشأن التحالفات.
السبت 2024/02/03
الهيئة تواصل استعداداتها الفنية في انتظار القرار السياسي

لم تدخل الأحزاب الأردنية بعد في أجواء الاستعدادات للانتخابات النيابية، رغم حديث الهيئة المستقلة للانتخابات عن إحرازها تقدم في معالجة القضايا الفنية المتعلقة بالاستحقاق. وترى أوساط أن الأمر يعود لعدم وجود قرار سياسي حاسم بشأن إجراء الانتخابات في موعدها أو أنه سيكون هناك تمديد للمجلس الحالي، وفق ما يسمح به الدستور الأردني.

عمان - تقول أوساط سياسية أردنية إن ما يروج خلف الكواليس عن إمكانية تأجيل الانتخابات التشريعية لمدة عام، من شأنه أن ينعكس سلبا على تحضيرات الأحزاب للاستحقاق الاستثنائي، الذي سيكون بمثابة تتويج لمسار الإصلاح السياسي الذي أطلقته المملكة قبل نحو ثلاث سنوات.

وعرض رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب موسى المعايطة، مؤخرا، أربعة سيناريوهات حددها الدستور لموعد إجراء الانتخابات التشريعية، من بينها إمكانية تمديد عمر المجلس الحالي لمدة عام بقرار من الملك ومن ثم إجراء الاستحقاق، وهو ما عزز الشكوك في إمكانية تأجيل الانتخابات.

وقال المعايطة في إطلالة ثانية، إن الهيئة تعمل على التحضير للاستحقاق من حيث القضايا الفنية كجداول الناخبين والتعليمات التنفيذية واختيار لجان الاقتراع والفرز، لافتا إلى أن الموعد الدستوري لإجراء الانتخابات النيابية قد اقترب، حيث تنتهي مدة الأربع سنوات الدستورية للمجلس النيابي الحالي بتاريخ 16 نوفمبر من العام الجاري.

موسى المعايطة: نعمل على التحضير للاستحقاق من حيث القضايا الفنية
موسى المعايطة: نعمل على التحضير للاستحقاق من حيث القضايا الفنية

وأوضح المعايطة في حوار بث على قناة “عمان تي في”، أن الهيئة المستقلة للانتخاب انتهت تقريبا من تشكيل لجان الانتخاب والتي بلغ عددها (18) لجنة، كما أن التعليمات التنفيذية الناظمة للعملية الانتخابية قد تمت مراجعتها وإعدادها بشكل سليم.

وتجنب رئيس مجلس مفوضي الهيئة في حواره حسم أو نفي ما يدور عن إمكانية تأجيل الاستحقاق، مركزا على الاستعدادات الفنية للهيئة. ما يوحي بأن إجراء الاستحقاق المفترض دستوريا أن يحصل بين يوليو ونوفمبر المقبلين، لا يزال رهين قرار سياسي لم يحسم فيه بعد.

وترى الأوساط أن الغموض الحالي، من شأنه أن يؤثر على طبيعة التحضيرات لدى الأحزاب، التي اقتصرت حتى الآن على عقد لقاءات وندوات توعوية، لكن لم تنطلق بعد في رسم ملامح مشاركتها في الاستحقاق سواء أكان بشكل فردي أو عبر الدخول في تحالفات.

وتوضح الأوساط، أنه أمام أهمية الاستحقاق المنتظر فإنه من الأولى توضيح موعد إجرائه حتى تستعد له القوى الحزبية بالشكل الكافي، أما ترك الباب مواربا أمام باقي الاحتمالات فإنه سيجعل الأحزاب في حالة من الشك. ما قد يقود إلى التراخي أو التردد، خصوصا أن للتحضيرات كلفتها المادية، فيما تعيش معظم الأحزاب ظروفا مالية صعبة.

وقال رئيس مجلس مفوضي هيئة الانتخابات “نحن اليوم أمام فرصةٍ تاريخية متمثلة بالتحديث السياسي والذي يخلق بيئة جديدة في المشهد السياسي القادم، وذلك بدليل وجود ثلاثة وثلاثين حزباً خلال عامين، عليها أن تثبت نفسها من خلال الانتخابات وصناديق الإقتراع وصولا الى التعددية السياسية المطلوبة، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أن قيم الدعم المالي للأحزاب تحدده نتائج الصناديق وفق النظام الخاص لذلك”.

وأعرب المعايطة عن تفاؤله بالعمل الحزبي في المسيرة السياسية الحالية، وأنها ستحقق وجودا وفق المأمول خصوصاً مع وجود التنوع اليميني واليساري والوسط. وأضاف أن الأحزاب السياسية معنية بتوعية المواطنين وتحفيزهم على الانخراط في العمل الحزبي، والمشاركة في الانتخابات على أسس حزبية برامجية، تشكل أغلبية في البرلمان وصولا الى تشكيل حكومة برلمانية.

pp

وشدد على أن الهيئة المستقلة للانتخاب حريصة على القيام بدورها فيما يخص عملية التوعية والتثقيف، وذلك بالتعاون مع شركاء العملية الانتخابية، من أحزاب ومؤسسات مجتمع مدني، مبينا أن الهيئة تعاونت مع وزارة التربية والتعليم من خلال تنفيذ مشروع (بصمة)، والذي ينفذ لأول مرة في المدارس، وبرامج (معسكرات الحسين للشباب) بالتعاون مع وزارة الشباب.

كما أن الهيئة وبالتعاون مع مؤسسة ولي العهد والجامعات الأردنية، نفذت برنامج (أنا أشارك)، بهدف دمج الشباب الأردني ومشاركتهم في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة الى خلق مساحة حوارية بين الشباب على مستوى الجامعات، وتعزيز مفاهيم العمل الحزبي والديمقراطية وسيادة القانون واحترام الرأي والرأي الآخر.

أمام أهمية الاستحقاق المنتظر فإنه من الأولى توضيح موعد إجرائه حتى تستعد له القوى الحزبية بالشكل الكافي، أما ترك الباب مواربا أمام باقي الاحتمالات فإنه سيجعل الأحزاب في حالة من الشك

وتشكل الانتخابات التشريعية المنتظرة في الأردن، اختبارا للقوى الحزبية ولمسار الإصلاح السياسي الذي كان تعهد به الملك عبدالله منذ توليه الحكم في العام 1999، والذي بدأ رسم ملامحه بين أكتوبر 2016 وأبريل 2017، حينما أصدر ما يعرف بـ”الأوراق النقاشية” التي تمثل رؤيته لتحقيق الإصلاح الشامل والذي تضمن خارطة واضحة لخطوات التحول نحو حكومات برلمانية.

واختار الملك عبدالله الثاني أن يتخذ خطوات عملية لتحقيق تطلعاته، فقرر في يونيو 2021 تشكيل لجنة ملكية مُكلفة باقتراح تغييرات في شكل الحياة السياسية للمملكة.

وحينها، حدد محاور التكليف باقتراح تعديلات على قانوني الانتخاب والأحزاب، والنظر في تعديلات دستورية متصلة بالقانونين وآليات العمل النيابي، وتقديم توصيات لتطوير التشريعات الناظمة للإدارة المحلية وتوسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار.

وبالفعل، في يناير 2022 أقر برلمان المملكة 26 تعديلا مقترحا من أصل 30 على الدستور أرسلتها الحكومة، بناء على مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية.

وعلى الرغم من اعتبار مراقبين أن غالبية تلك التعديلات “وسّعت صلاحيات الملك”، إلا أن قسما آخر منها ركز على التعديلات المتعلقة بقانوني الانتخاب والأحزاب، وتخصيص 41 مقعدا برلمانيا من أصل 138 للأحزاب في الانتخابات المقبلة، ليرتفع العدد المخصص للأحزاب تدريجيا إلى ما يعادل 65 بالمئة من إجمالي المقاعد (نظريا بعد 12 عاما)، بما يتيح في النهاية تشكيل حكومة برلمانية.

وخلال لقائه سياسيين وكتاب صحافيين في يونيو الماضي، أكد الملك عبدالله على أهمية الانتخابات النيابية المقبلة قائلا: “نريدها أن تكون محطة رئيسية في تاريخ الحياة البرلمانية الأردنية”.

2