غلاء المعيشة يقسو بشدة على الفلسطينيين ويكبح النمو

البنك الدولي يتوقع أن يصل معدل النمو للاقتصاد الفلسطيني إلى 3.5 في المئة بنهاية العام الجاري.
الاثنين 2022/09/19
الكل منشغل بهمومه حتى الغذاء

رام الله - يواجه الفلسطينيون وخاصة الفئات الاجتماعية الهشة مصاعب متزايدة خلال هذه الفترة بعدما زاد ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأخرى من قسوة معيشتهم وسط توقعات بتراجع النمو الاقتصادي إلى مستويات مقلقة.

ويتوقع البنك الدولي أن يصل معدل النمو للاقتصاد الفلسطيني إلى 3.5 في المئة بنهاية العام الجاري قياسا بنحو 7.1 في المئة بمقارنة سنوية.

وعزا البنك، في تقرير نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية الأحد هذا الانخفاض إلى تسبب تسارع معدل التضخم في أكبر الضرر للأسر الفلسطينية الأكثر فقرا، حيث يُتوقع أن ترتفع تكلفة بعض السلع الغذائية الأساسية إلى 80 في المئة نهاية العام.

وهذه المعلومات جاءت بحسب تقرير المراقبة الاقتصادية الفلسطينية الذي سيقدمه البنك إلى لجنة الارتباط الخاصة الخميس المقبل في اجتماع يعقد في نيويورك على مستوى السياسات بشأن المساعدات الإنمائية المقدمة للفلسطينيين.

فريد بلحاج: الصدمات السعرية المتتالية قوضت معيشة الأسر

ويبحث التقرير في الاتجاهات العامة الحالية للأوضاع الاقتصادية والمالية العامة في الأراضي الفلسطينية، ويحلل الآثار المترتبة على الزيادات الحادة في أسعار المواد الغذائية التي تسارعت وتيرتها بسبب الحرب في أوكرانيا.

وأكد التقرير أن الاقتصاد الفلسطيني لم يعد بعد إلى مستويات ما قبل تفشي الوباء رغم وجود بعض المؤشرات على تعافيه.

وأوضح معدو التقرير أن استمرار القيود على الحركة والعبور والآثار طويلة الأمد للضائقة المالية العامة إلى جانب زيادة الأسعار تُسهم جميعا في إبطاء وتيرة التعافي الاقتصادي.

وفي معرض تعليقه على التقرير، قال نائب رئيس البنك لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج “أدت الأزمة في أوكرانيا إلى تفاقم الضغوط التضخمية المرتفعة بالفعل في الأراضي الفلسطينية”.

وأضاف “أثَرت الصدمات السعرية مقترنة بالآثار السلبية الناجمة عن الجائحة تأثيرا مباشرا على إمدادات السلع الغذائية الأساسية، ما أدى إلى تقويض رفاهة الأسر الفلسطينية، لاسيما الأسر الأشد فقرا والأكثر احتياجا”.

وكانت الأسعار مرتفعة بالفعل بالنسبة إلى مستويات الدخل بسبب العلاقات الوثيقة بين الاقتصاد الفلسطيني واقتصاد إسرائيل، ما يفضي إلى تأثير غير متناسب على الاقتصاد الفلسطيني الأصغر حجما.

وأدَّت الزيادة السريعة للتضخم إلى استمرار زيادة أسعار المواد الغذائية والوقود التي تُشكِّل نسبة أكبر من نفقات الأسر الفقيرة.

وتعد الضفة الغربية وغزة ثاني أكبر مستورد للمواد الغذائية من حيث النسبة في المنطقة العربية، كما تأتي نسبة كبيرة من واردات دقيق القمح وزيت عباد الشمس من أوكرانيا وروسيا.

وخلال الثلث الأول من هذا العام، ارتفع مُكوِّن الأغذية في مؤشر أسعار المستهلكين الفلسطينيين بشدة إلى أعلى مستوى له في السنوات الست الماضية.

وقال المدير والممثل المقيم للبنك في الضفة الغربية وقطاع غزة ستيفان إمبلاد “مازال الاقتصاد الفلسطيني يواجه تحديات جسيمة قد تُؤثِّر على استقراره الكلي على المدى الطويل”.

وتابع “تتفاقم المخاطر المُزعزعة للاستقرار بفعل الآثار المضاعفة للوباء والحرب في أوكرانيا والاشتباكات بالضفة الغربية وجولات الصراع المتكررة في غزة، فضلا عن الضغوط الواقعة على المالية العامة”.

وأشار إمبلاد إلى أنه علاوة على ذلك لا تزال مساعدات المانحين غير كافية لسد الفجوة التمويلية التي قد تصل إلى 3.3 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2022 وتحد من قدرة السلطة الفلسطينية على الوفاء بالتزاماتها الجارية.

السلع متوفرة بأسعار مرتفعة
السلع متوفرة بأسعار مرتفعة

وانخفض عجز المالية العامة للسلطة الفلسطينية بنسبة 70 في المئة بالنصف الأول من هذا العام بمقارنة سنوية.

ويرجع ذلك إلى زيادة قوية في الإيرادات والحفاظ على مستويات الإنفاق، إذ أن الزيادات في بنود مُعيَّنة للإنفاق قابلها هبوط شديد في الإنفاق على البرنامج الوطني للتحويلات النقدية بتكلفة اجتماعية كبيرة.

وتراكمت لدى السلطة الفلسطينية متأخرات كبيرة مستحقة للقطاع الخاص وصندوق المعاشات التقاعدية والموظفين العموميين.

ورغم التناقص في مستوى الاقتراض المباشر للسلطة الفلسطينية من القطاع المصرفي المحلي، فإنها وموظفي القطاع العام ما زالوا يستحوذون مجتمعين على ما يقرب من 40 في المئة من إجمالي ائتمانات البنوك ما ينطوي على خطر زعزعة الاستقرار.

وتشير التقديرات إلى ارتفاع مستوى القروض المتعثرة والقروض المُصنَّفة للقطاع المصرفي منذ عام 2018.

ويعتقد إمبلاد أن التعاون الوثيق بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل والمجتمع الدولي سيكون عاملا أساسيا في إعادة توجيه الاقتصاد نحو الاستدامة.

ويرى أن هذا “سيعزز إيرادات السلطة الفلسطينية بشكل كبير ومساعدة الأسر الفلسطينية على التكيف مع ارتفاع الأسعار”.

وأكد التقرير أنه يجب إجراء إصلاحات فلسطينية في جانبي الإيرادات والنفقات للوصول إلى مسار أكثر استدامة للمالية العامة.

وأشار إلى أنه مع استمرار السلطة في أجندتها الإصلاحية، سيتمكن المانحون من تقديم المساعدات بشكل ثابت ويمكن التنبؤ بأن ذلك سيكون أمرا ذا أهمية بالغة من خلال عمليات دعم الموازنة.

10