غلاء المحروقات يُضيّق خيارات التدفئة على الأردنيين

العائلات الأردنية تلجأ إلى وسائل تدفئة بديلة وأقل كلفة.
الخميس 2022/11/24
أفضل من لا شيء

عمّان - تواجه شريحة واسعة من الأردنيين مع بدء فصل الشتاء محنة أكبر لتوفير بدائل أرخص للمحروقات بعدما شهدوا طيلة هذا العام موجات صعود في أسعار الوقود والطاقة المستخدمة للتدفئة.

ومن المتوقع أن يثقل الشتاء كاهل العائلات بنفقات إضافية لتأمين مصروف التدفئة، في ظل غلاء الأسعار الذي وصل إلى مستويات تفوق مداخيلها، حيث تعتمد نسبة كبيرة منها على الوقود السائل والغاز المنزلي لذلك.

ويحاول المستهلكون ولا سيما الطبقة الهشة الهرب من نفقات الوقود وتقنين استخدامه قدر الإمكان، في ظل ترجيح قيام الحكومة بزيادة الأسعار خلال الأسابيع القليلة المقبلة مع تدني درجات الحرارة.

وفي أحد أحياء العاصمة عمّان يجلس أحمد الياسين على الأريكة في منزله المتواضع ممسكا الورقة والقلم ليحسب كلفة مصروف التدفئة لأشهر البرد الأربعة المقبلة ويقارن بين البدائل المتوفرة، بعد أن وصل سعر الكاز (الكيروسين) إلى مستويات تاريخية.

نهار سعيدات: الإقبال على مادة الكاز سينخفض في ظل تدهور المعيشة
نهار سعيدات: الإقبال على مادة الكاز سينخفض في ظل تدهور المعيشة

ويقول الياسين، الموظف في القطاع العام ورب أسرة من سبعة أفراد، لوكالة رويترز إن “الكاز هو وقود الفقراء والحكومة رفعت أسعاره بشكل كبير، وأنا أتساءل الآن هل سأظل أستخدم مدفأة الكاز أم أعتمد على الغاز أو الكهرباء؟”.

وارتفعت أسعار الكاز مقارنة بالشتاء الماضي بنسبة 40 في المئة بعد أن وصل سعر اللتر إلى 0.86 دينار (1.2 دولار) مقارنة مع 0.61 دينار قبل عام.

وغالبا ما تكون نفقات التدفئة في الشتاء على حساب أمور ومستلزمات أخرى، مثل الألبسة والترفيه، في وقت تشير فيه إحصائيات رسمية إلى أن 75 في المئة من الأسر الأردنية تفوق نفقاتها مقدار دخلها.

ويبين الياسين أنه كان يشغّل في منزله مدفأتين للكاز خلال الشتاء الماضي وكان يخصص لذلك 50 دينارا (70.5 دولار) في الشهر، ولكنه هذا الشتاء يحتاج إلى 70 دينارا (قرابة 99 دولارا) شهريا.

وقال “أفكر في أن أعود إلى مدفأة الغاز فسعر الأسطوانة مازال ثابتا عند سبعة دنانير، وإذا احتجت إلى تعبئتها أربع مرات في الشهر ستكلف 28 دينارا (39.5 دولار) فقط”.

ويضيف الياسين قائلا “صحيح أن مدفأة الكاز تمنح شعورا أكبر بالدفء مقارنة بالغاز ولكنني مضطر إلى اعتماد التي تعمل بالغاز بسبب غلاء المعيشة وكثرة الالتزامات في عائلتي مع ثبات الدخل”.

ولم يتغير سعر أسطوانة الغاز منذ عام 2015 عند سعر سبعة دنانير للأسطوانة، في إطار توجه حكومي لحماية المواطنين.

ويرى مؤيد السعايدة، وهو رب أسرة مكونة من خمسة أفراد، أنه سيلجأ إلى مدفأة الحطب هذا الشتاء كبديل عن مدفأة الكاز التي أصبح مصروفها يفوق قدراته.

ويقول إنه في الشتاء الماضي وتحديدا “في أيام تساقط الثلج تكسرت معظم الأشجار في منطقة سكني واحتفظت بكميات كبيرة من الأغصان والجذوع في مخزن البيت وسوف استخدمها هذا الشتاء”.

وأكد أنه يقوم، بمساعدة حداد من أصدقائه، بصناعة مدفأة حطب آمنة لتركيبها في المنزل وبذلك لن يفكر في همّ الكلفة.

ويشير السعايدة إلى أنه سيستخدم أيضا مدفأة كهربائية صغيرة في غرفة أطفاله وخاصة بعد أن سجل في المنصة الحكومية لدعم الكهرباء وأصبحت الفاتورة الشهرية أقل.

وبدأت هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن منذ أبريل الماضي احتساب التعرفة الكهربائية الجديدة، بعد أن سجل المشتركون المستحقون للدعم على المنصة الحكومية.

من المتوقع أن يثقل الشتاء كاهل العائلات بنفقات إضافية لتأمين مصروف التدفئة، في ظل غلاء الأسعار الذي وصل إلى مستويات تفوق مداخيلها

ويصف نهار سعيدات، رئيس النقابة العامة لأصحاب محطات المحروقات، الطلب على مادة الكاز في المحطات بشبه المعدوم بعد الارتفاعات التي شهدتها الأسعار رغم اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة.

ويقول “من المؤكد أن ينخفض الإقبال على مادة الكاز هذا الشتاء في ظل تراجع القدرة الشرائية لغالبية المواطنين”.

ويتوقع أن يلجأ الأردنيون إلى وسائل تدفئة بديلة وأقل كلفة كالغاز، وخاصة أنه من المرجح أن تقوم الحكومة خلال الأشهر المقبلة بتثبيت سعر الكاز أو تخفيضه بنسبة قليلة.

ويبين سعيدات أن معدل الاستهلاك السنوي للكاز في السوق المحلية يبلغ نحو 140 مليون لتر.

ويتراوح معدل الطلب اليومي على الديزل (السولار) خلال ذروة الشتاء في الأردن بين 5 و7 آلاف طن. أما الكيروسين، وهو أقل استخداما من الديزل، فيصل حجم الطلب عليه إلى ألفي طن في أوقات الذروة.

ويتجاوز الطلب على أسطوانات الغاز مئتي ألف أسطوانة، مقارنة بنحو 70 و75 ألف أسطوانة في أيام الشتاء الاعتيادية.

وصعد التضخم في السوق المحلية، بنهاية أكتوبر الماضي، بنسبة 5.39 في المئة. وهو من بين المعدلات الشهرية الأعلى التي شهدتها البلاد هذا العام قياسا بما كان عليه قبل أربع سنوات.

11