غضب وفزع في ديالى من عودة داعش إلى المحافظة

شكوك في تلاعب الميليشيات بفلول التنظيم واستخدامها في ترهيب السكان.
الجمعة 2019/01/25
أهالي ديالى لا يزالون يبحثون عن الأمان المفقود

بعقوبة (العراق) - تختلط مشاعر الخوف والغضب لدى سكان عدد من مناطق محافظة ديالى شمالي العاصمة العراقية بغداد، جرّاء تدهور الوضع الأمني في تلك المناطق بعد مضي أكثر من سنة على الإعلان الرسمي عن النصر العسكري على تنظيم داعش في العراق، فيما خلايا التنظيم لا تزال تنشط في أنحاء من المحافظة وتوقع خسائر بشرية في صفوف سكانها، وتعرقل استئناف حياتهم الطبيعية وأنشطتهم الاقتصادية من نقل وزراعة وتجارة وغيرها.

ولا يخفي أهالي ديالى الواقعة على الحدود مع إيران والمعروفة بثرائها وتعدّد مواردها، مخاوفهم من وجود عملية تلاعب مقصودة بتنظيم داعش بهدف الضغط عليهم لترك مناطقهم وأيضا لمنع النازحين منهم من العودة إلى ديارهم.

وخلال الحرب على تنظيم داعش والتي دارت فصول منها في المحافظة المذكورة كانت مشاركة الميليشيات الشيعية المنضوية ضمن الحشد الشعبي في قتال التنظيم، كبيرة، ما أعطى عددا من تلك الميليشيات امتياز مسك الأراضي المستعادة والتحكّم بالعامل الأمني فيها.

ومنذ ذلك الحين ظهرت مشاكل كثيرة، تراوحت بين حدوث خروق أمنية، وصراعات بين الميليشيات على السيطرة على بعض المرافق الحيوية، وعمليات تضييق على السكان المحليين، بل وصل الأمر في بعض الأحيان إلى تحرّش الميليشيات بوحدات تابعة للقوات النظامية بهدف الحلول محلّها في بعض النقاط والمواقع الحسّاسة.

وتحوّلت هجمات تنظيم داعش على مناطق في ديالى مؤخرا إلى ظاهرة متكرّرة مثيرة لقلق الأهالي، ما دفع بعض العشائر المحلّية إلى إعلان النفير العام لحماية أبنائها وممتلكاتها في ظلّ ما سماه البعض “تراخي القوات الأمنية وفصائل الحشد في التصدّي لخلايا التنظيم”.

ونُقل عن عدنان التميمي رئيس المجلس البلدي في ناحية العبارة التابعة لقضاء بعقوبة مركز محافظة ديالى قوله إن عشائر العبارة وأبي صيدا أعلنت النفير العام لمواجهة داعش الذي تغلغل في بعض القرى والبساتين، وبدأ بشن هجمات ضد العوائل والنقاط الأمنية، أسفرت عن سقوط ضحايا خلال الأسابيع الماضية.

وأضاف أن العشائر الآن في وضعية الاستعداد والترقب لمنع عناصر داعش من الوصول إلى قراها، مبينا أنها ستكون صاحبة المبادرة الحاسمة لإنهاء خلايا التنظيم في حال عدم تدخل القوات الأمنية لمواجهة الإرهابيين.

وجاء ذلك بعد أن كشف مسؤولون محليون في ناحية أبي صيدا عن سقوط خمس مناطق من الناحية في قبضة داعش.

وتعبيرا عن الغضب بادر بعض أهالي ديالى إلى الاعتصام والتظاهر للفت النظر إلى التهديدات الأمنية المتربّصة بمناطقهم.

وقالت مواقع إخبارية عراقية إنّ أهالي قرية أبوكرمة والقرى المجاورة لها في أطراف ناحية أبي صيدا، بشمال شرق ديالى، نظموا اعتصاما ونصبوا خياما وقطعوا أحد الطرق الرابطة بين ناحية أبي صيدا ومدينة بعقوبة، وذلك احتجاجا على تكرار هجمات خلايا داعش المختبئة في بساتين الوقف والمخيسة والمناطق المحيطة بالقرى.

عشائر محلية تعلن النفير للتصدي لداعش بقدراتها الذاتية في ظلّ تراخي القوات الأمنية والحشد الشعبي في حماية مناطقها

وتعتبر ديالى من المناطق التي استعيدت بشكل مبكّر من تنظيم داعش، وذلك منذ بداية سنة 2015، نظرا لحساسية موقعها القريب من العاصمة بغداد من جهة، ووقوعه على الحدود مع إيران من جهة ثانية، لكنّ الإعلان عن استعادة مناطق المحافظة ترافق مع تواتر شكاوى السكان من تجاوزات كبيرة ارتكبتها بحقّهم عناصر الميليشيات الشيعية المشاركة في الحرب على التنظيم.

وتراوحت تلك التجاوزات بين الاعتقال والاحتجاز خارج القانون بتهمة التعاطف مع تنظيم داعش واحتضانه، والاستيلاء على الممتلكات ونسف المنازل. وحسب مصادر محلّية فإنّ مشاركة عشائر سنّية في الحرب بديالى لم تشفع لها ولم تمنع عنها تجاوزات الميليشيات.

ورغم ما أبدته الميليشيات من فاعلية في قتال داعش إلاّ أن تضخّم دورها وتصرّف عناصرها كسلطات عليا في المناطق التي تتم استعادتها ألقيا بظلالهما على ما بعد الحرب.

وتظهر بعض التقارير لجوء بعض الميليشيات التي شاركت في الحرب إلى التلاعب بما بقي من فلول داعش واستخدامها لتحصيل مكاسب مالية.

وفي أكتوبر الماضي تحدّث تقرير أميركي عن تسرّب مقاتلين من التنظيم إلى صفوف اثنتين من أكبر الميليشيات الشيعية المشكّلة للحشد الشعبي والمسيطرة على ديالى بشكل رئيسي.

وقال تقرير لمجلة “فورين بوليسي” إنّ منظمة بدر استقطبت نحو ثلاثين من عناصر داعش كانوا ناشطين في بلدة جلولاء بمحافظة ديالى، وضمتهم إلى صفوفها بعد هزيمة تنظيمهم هناك، وإنّ عصائب أهل الحق ضمت بدورها أربعين آخرين من التنظيم بينهم قادة، في ذات البلدة.

وفيما بدا الهدف من الخطوة غامضا، ذهب خبراء أمنيون إلى القول إنّ الهدف قد يكون ماليا، إذ أنّ من عناصر داعش من تمكّن خلال فترة سيطرة التنظيم على المناطق العراقية من جمع ثروات طائلة عبر اقتحام المنازل والمتاجر وحتى فروع البنوك، والاستيلاء على أموال، وممتلكات ثمينة.

وقال خبير أمني عراقي إنّ المرجّح أن بعض عناصر داعش عقدوا صفقات مع كبار قادة الميليشيات لافتداء أنفسهم بالأموال التي استولوا عليها، كما وضعوا خبراتهم القتالية ومعرفتهم بالأرض في خدمة تلك الميليشيات المعنية بالتوسّع في مناطق السنّة بالعراق.

3