غضب عربي من اعتراف ترامب بسيادة إسرائيل على الجولان

دمشق - أثار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية المحتلة تنديدا واسعا الثلاثاء من جانب الدول العربية والغربية على السواء، وسط تساؤلات ممزوجة بالقلق من الخطوة الموالية لترامب.
وانتقدت السعودية والإمارات والبحرين والكويت والأردن ولبنان واليمن، القرار الذي اتخذه ترامب الاثنين بالاعتراف بضم إسرائيل لهضبة الجولان في عام 1981، وقالت إنها أرض عربية محتلة. واعتبرت كل من السعودية والإمارات أن القرار عقبة في طريق السلام.
وأصدرت كل من إيران وتركيا تصريحات مماثلة. ووصفت طهران قرار ترامب بأنه يعد سابقة في القرن الحالي. ونقلت الوكالة الرسمية عن الرئيس حسن روحاني قوله “لا يمكن لأحد أن يتخيل أن يأتي شخص في أميركا ويمنح أرضا تابعة لأمة إلى بلد آخر محتل في تحد للقوانين والأعراف الدولية”.
ووقّع ترامب الاثنين خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لواشنطن مرسوما يحمل اعترافا أميركيا رسميا بسيادة إسرائيل على الجولان.
ومهّد الرئيس الأميركي الخميس لهذا المرسوم حينما قال في تغريدة له على “تويتر”، “بعد 52 عاما، حان الوقت لاعتراف الولايات المتحدة الكامل بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان التي لها أهمية استراتيجية وأمنية حيوية لدولة إسرائيل والاستقرار الإقليمي!”.
ويؤكد مسؤولون أميركيون أن التحضير لهذا القرار جرى منذ أشهر، وإن كان تم استعجال توقيت إعلانه من قبل ترامب بهدف دعم حليفه نتنياهو في السباق الصعب للفوز بالانتخابات الإسرائيلية العامة التي لم يعد يفصل عنها سوى أيام قليلة.

واحتلت إسرائيل هضبة الجولان في حرب عام 1967 ثم ضمتها في عام 1981 في خطوة أعلن مجلس الأمن بالأمم المتحدة أنها غير قانونية.
وجاء في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية أن القرار الأميركي “ستكون له آثار سلبية كبيرة على مسيرة السلام في الشرق الأوسط وأمن واستقرار المنطقة”. ووصف البيان هذا الإعلان بأنه مخالفة صريحة لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي.
وأشارت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية، في بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية (وام)، إلى أن “هذه الخطوة تقوّض فرص التوصل إلى سلام شامل وعادل في المنطقة”.
وأكدت على “عدم إمكانية تحقيق الاستقرار والسلام طالما تواصل إسرائيل احتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية”. وشددت على أن “الجولان أرض سورية عربية محتلة وأن قرار الإدارة الأميركية لا يغير هذا الواقع”.
وكتب الرئيس اللبناني ميشال عون على تويتر أثناء زيارة لموسكو “قرار الرئيس الأميركي بإعطاء الحق لإسرائيل بضم الجولان هو يوم أسود يشهده العالم”.
ويثير قرار ترامب الذي يكرس قطيعة مع عقود طويلة من السياسة الأميركية الحذرة تجاه ملف السلام في الشرق الأوسط مخاوف من انزلاق المنطقة نحو أتون صراع جديد.
ورفض كل من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وروسيا وفنزويلا وإسبانيا واليابان وإندونسيا الخطوة الأميركية داعين إلى ضرورة احترام القرارات الأممية.
وتطرح الخطوة الأميركية تساؤلات حول كيف ستتعاطى دمشق مع الأمر، هل ستتخذ خطوات عملية أم ستقتصر على التصريحات خاصة وأنها تواجه صراعا على أكثر من جبهة، وعزلة دولية خانقة؟
وشهدت مدن سورية عدّة الثلاثاء اعتصامات منددة باعتراف واشنطن بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان. وبثّ التلفزيون السوري الرسمي مشاهد مباشرة تظهر تجمعات شعبية وإعلامية وحقوقية في دمشق ومدن عدة في حمص (وسط) وحلب (شمال) والسويداء ودرعا والقنيطرة وبلدة عين التينة المطلة على الجولان جنوباً والحسكة (شمال شرق) واللاذقية (غرب) ودير الزور (شرق) وحلب (شمال).
وحمل المعتصمون صورا للرئيس بشار الأسد ولافتات كتبوا عليها شعارات عدة بينها “الجولان أرض سورية” و”لا تنازل لا استسلام” و”تسقط المؤامرات يسقط ترامب”. كما رفعوا الأعلام السورية والفلسطينية.

وقال وزير الإعلام عماد سارة خلال وقفة احتجاجية للإعلاميين في ساحة الأمويين في دمشق “هذا الانحياز الفاضح للولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل لن يغير من هوية الجولان”، مؤكداً أن “الجولان السوري هو سوري الانتماء والهوية”.
ونظم المحامون والقضاة وقفات احتجاجية في المحاكم في مدن عدة أبرزها دمشق واللاذقية وطرطوس. ووصفت الحكومة السورية الاثنين اعتراف واشنطن بضم الجولان المحتل إلى إسرائيل بأنه “اعتداء صارخ على سيادة ووحدة أراضي الجمهورية العربية السورية”. وقال مصدر رسمي في وزارة الخارجية إن “ترامب لا يملك الأهلية القانونية لتشريع الاحتلال واغتصاب أراضي الغير بالقوة”.
ويعد الجولان منطقة استراتيجية لكلا البلدين كونها غنية بالمياه وتطل على الجليل وبحيرة طبريا من الجزء الذي تسيطر عليه إسرائيل. وقبيل مغادرته الولايات المتحدة قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الثلاثاء “أعود الآن من زيارة تاريخية إلى واشنطن، واعتراف الرئيس ترامب بسيادتنا على هضبة الجولان هو أمر ستذكره الأجيال”.
وأضاف أنّ “هذا يشكل مبدأ مهما في الحياة الدولية، عندما تشن حروبا عدوانية تخسر فيها الأراضي، فلا تأتي لاحقا وتطالب بإعادتها لك”. وتابع “هذه الأراضي تعود لنا ولدينا جذور تاريخية في هضبة الجولان، وعندما تحفر هناك بالمعول تعثر على كنيس يهودي فاخر نرممه الآن. عدنا إلى الجولان”.
ويعتبر إعلان ترامب بمثابة هدية ثمينة لنتنياهو قبل الانتخابات الإسرائيلية الشهر المقبل، والتي يخوض فيها منافسة صعبة مع تحالف سياسي وسطي يقوده رئيس الأركان السابق بيني غانتس ووزير المالية السابق يئير لابيد.
ويرجح مراقبون أن تقلب هذه الهدية مسار الأمور لصالح نتنياهو، بعد أن سيطر تحالف “أزرق أبيض” على استطلاعات الرأي طيلة الشهرين الماضيين.