غصن يكشف النقاب عن مخطط الإطاحة به في اليابان

بيروت - للمرة الأولى منذ فراره المفاجئ من اليابان، حيث كان قيد الإقامة الجبرية بانتظار بدء محاكمته، يطلّ قطب صناعة السيارات كارلوس غصن أمام الإعلام في بيروت، حيث يُنتظر أن يكشف حيثيات قضيته وتفاصيل رحلته المثيرة للجدل.
وظهر الرئيس السابق لشركة السيارات اليابانية "نيسان موتور" كارلوس غصن، الذي فر من اليابان إلى بيروت في أواخر الشهر الماضي، في هروب مذهل من العدالة، لأول مرة بشكل علني، في مؤتمر صحفي في بيروت.
ووصل غصن، برفقة زوجته كارول إلى نقابة الصحفيين في بيروت. ويحضر المؤتمر حوالي مئة صحفي من مختلف أنحاء العالم، من بينهم عدد قليل من اليابان.
وأكد رجل الأعمال اللبناني الفرنسي البرازيلي كارلوس غصن أنه "لم يكن أمامه من خيار" إلا الهروب من اليابان، لأنه "كان يعد مذنبا" قبل ثبوت الذنب عليه في قضايا التهرب الضريبي والفساد التي اتهم بها.
وصرح أن ممثلي الإدعاء اليابانيين انتزعوه بوحشية من وسط أسرته وأصدقائه قائلا: تعرضت لضغوط خلال التحقيقات في اليابان وتم تهديدي بمضايقة عائلتي.
وقال وإنه "لا أساس من الصحة" لاتهامه بإساءة التصرف المالي، وإنه يريد أن "يبرئ اسمه"، مشيرا إلى أنه لن يروي تفاصيل فراره من اليابان.
وتطرق رجل الأعمال اللبناني البرازيلي الفرنسي كارلوس غصن عن "تواطؤ" بين شركة "نيسان" اليابانية للسيارات التي كان يرأس مجلس إدارتها، والادعاء العام الياباني.
وتحدث في المؤتمر الصحافي عن "التواطؤ بين نيسان والمدعين العامين في كل مكان"، مشيرا الى أنه قاد الى توقيفه "الاستعراضي". وأضاف أن شركة نيسان خسرت 40 مليون دولار يومياً منذ توقيفه عام 2018.
وقال غصن الذي اقتصرت مواقفه منذ وصوله إلى بيروت في 30 ديسمبر على بيانين مقتضبين، لقناة تلفزيونية أميركية إنه سيكشف خلال مؤتمره الصحافي المنتظر عن "أدلة حقيقية" تظهر وجود رغبة بالإطاحة به في اليابان وأسماء من يقفون خلف توقيفه وبينهم مسؤولون يابانيون رسميون.
وأحدث فرار الرئيس السابق لتحالف رينو نيسان ميتسوبيشي من طوكيو، حيث كان ينتظر بدء محاكمته في أربع تهم تشمل مخالفات مالية وتهرب ضريبي، يدحضها ومحاموه بالكامل، صدمة واسعة في اليابان حيث كان يخضع لقيود أمنية مشددة، وكذلك في تركيا التي استقل طائراتها الخاصة للوصول من طوكيو إلى بيروت.

وندّدت اليابان في أول تعليق رسمي بفرار غصن، ووصفه بأنه "غير مبرّر" و"جريمة"، بينما أبدت مجموعة "نيسان" اليابانية لصناعة السيارات الثلاثاء "أسفها الشديد" للإهانة التي ارتكبها رئيسها السابق بحقّ النظام القضائي الياباني.
وقال غصن في أول بيان إثر وصوله بيروت مطلع الأسبوع الماضي "لم أهرب من العدالة، لقد حررت نفسي من الظلم والاضطهاد السياسي. يمكنني أخيراً التواصل بحرية مع وسائل الاعلام".
ولم يتسن التحقق من مكان إقامة غصن منذ وصوله إلى لبنان، إلا أن عشرات الصحافيين وبينهم يابانيون، ينتظرون يومياً أمام فيلا في محلة الأشرفية في بيروت، اعتاد الإقامة فيها خلال زياراته السابقة إلى لبنان.
وأكد غصن في بيان أنه تدبّر بمفرده خروجه من اليابان، من دون أي مساعدة من زوجته كارول أو أي من أفراد عائلته، بعد تقارير اعلامية أفادت عن دور لعبته زوجته كارول في تنظيم عملية فراره، التي أصدر القضاء الياباني الثلاثاء مذكرة توقيف بحقها بشبهة الإدلاء بشهادة زائفة خلال التحقيق.
وكان غصن قيد الإقامة الجبرية في اليابان منذ أبريل الماضي، بعد توقيفه في 19 نوفمبر واعتقاله لمدة 130 يوماً، قبل أن يتمّ اطلاق سراحه بكفالة.
ووجّه القضاء الياباني أربع تهم إلى رجل الأعمال اللبناني البرازيلي الفرنسي، تشمل عدم التصريح عن كامل دخله واستخدام أموال شركة نيسان التي أنقذها من الإفلاس للقيام بمدفوعات لمعارف شخصية واختلاس أموال الشركة للاستخدام الشخصي.
ونفى غصن كل التهم الموجهة إليه، ويؤكد وأقرباؤه وفريق الدفاع عنه منذ بدء القضية، براءته ويصرّون على أنه ضحية "مؤامرة" دبّرتها شركة نيسان كي تُسقطه بالتواطؤ مع سلطات البلاد. وقال في وقت سابق إن عمليات الدفع التي قام بها من أموال نيسان كانت لشركاء في المجموعة، وتمت الموافقة عليها وأنه لم يستخدم يوماً بشكل شخصي أموال الشركة.
إلا أن مسؤولا في الحكومة اليابانية أكد الثلاثاء أن توقيف غصن يرتكز على أسس قضائية متينة ويحترم حق الدفاع عن النفس. وقال إن "تعبير قضاء الرهينة، الذي غالباً ما يُستخدم تجاه النظام (القضائي) الياباني، لا مبرر له، لأن ليس صحيحاً أن عمليات الاستجواب تهدف إلى الحصول على اعترافات".
وينوي غصن خلال مؤتمره الصحافي، وفق ما قال الثلاثاء لصحافية في قناة "فوكس بيزنس" الأميركية تحدثت اليه في نهاية الاسبوع، أن يسمي الأشخاص المسؤولين عن توقيفه وبينهم مسؤولون في الحكومة اليابانية، لافتاً إلى أنهم أرادوا "الإطاحة به" لأنه كان بصدد بدء عملية الدمج بين شركتي رينو ونيسان.
وقبل ساعات من مؤتمره الصحافي، ندّد الفريق القانوني لغصن في فرنسا بمضمون بيان لشركة نيسان الثلاثاء، أوردت فيه أنها "اكتشفت بعد تحقيق داخلي شامل العديد من الأفعال المنسوبة لغصن والمنطوية على سوء سلوك"، متحدثة عن "أدلّة دامغة على ارتكابه مخالفات مختلفة".
وقال فريق غصن إن "ادعاءات" الشركة "تحريف فادح للحقيقة"، مؤكداً أن التحقيق "بدأ لغرض محدد ومخطط له مسبقاً وهو اسقاط كارلوس غصن".
وتسلّم القضاء اللبناني الأسبوع الماضي "النشرة الحمراء" بشأن غصن من الانتربول، الذي لا يمكنه إصدار أوامر اعتقال أو الشروع في تحقيقات أو ملاحقات، فيما لا تبيح القوانين اللبنانية تسليم المواطنين إلى دولة أجنبية لمحاكمتهم.
وتعتبر السلطات اللبنانية أن رجل الأعمال دخل لبنان بصورة "شرعية". واستخدم جواز سفر فرنسي وبطاقة هويته اللبنانية.
ووفق روايات الاعلام الياباني، يُشتبه بأن غصن بعد خروجه من منزله في طوكيو قد استقل القطار إلى أوساكا في غرب اليابان قبل أن يسافر في طائرة خاصة من مطار كانساي الدولي مساء 29 كانون الأول/ديسمبر، برفقة متواطئين اثنين مفترضين. وتمكّن من تجنّب نقاط التفتيش من خلال اختبائه في صندوق مماثل للصناديق المستخدمة في نقل المعدات الصوتية الخاصة بالحفلات الموسيقية.