غزة تتعرض لقصف من الجو والبحر وسط جهود لتمديد الهدنة

غزة - صعد الجيش الإسرائيلي لليوم الثاني على التوالي منذ انتهاء الهدنة مع حركة حماس هجومه الجوي والبحري على قطاع غزة فيما تتواصل الجهود الإقليمية والدولية لتمديد التهدئة بعد انهيارها رغم مواقف تل ابيب الرافضة للمضي في المسار التفاوضي.
ونفذت طائرات وبوارج حربية إسرائيلية فجر السبت هجوما عنيفا على مدينة خان يونس جنوب القطاع ومدينة دير البلح وسطه فيما أعلن الجيش الاسرائيلي قصف أكثر من 400 هدف منذ انتهاء الهدنة مع حركة حماس التي أعلنت ان هذه الضربات اسفرت عن مقتل 240 شخصاً على الأقل وجرح اكثر من 600 اخرين.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" نقلا عن مصادر محلية، أن الطيران الحربي الإسرائيلي نفذ غارات عنيفة على مدينة خان يونس مضيفة أن الهجمات أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات، بينهم أطفال ونساء، دون ذكر رقم محدد.
كما فتحت بوارج حربية إسرائيلية نيران أسلحتها الرشاشة الثقيلة على المناطق الساحلية لمدينة دير البلح وسط قطاع غزة، وأسقطت عشرات القنابل المضيئة في سماء المدينة.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس مقتل نحو 200 شخص في الضربات الإسرائيلية الجمعة.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي جوناثان كونريكوس في وقت باكر السبت "إننا نضرب حاليا أهدافا عسكرية لحماس في كل أنحاء قطاع غزة".
ونفذت القوات الإسرائيلية عمليات ليلية في مناطق مختلفة من الضفة الغربية المحتلة، وفق وكالة وفا.
كما دعا الجيش الإسرائيلي سكان عدة مناطق شمالي قطاع غزة إلى إخلائها تمهيدا لقصفها وذلك في بيان لمتحدث الجيش للإعلام العربي أفيخاي أدرعي.
وقال أدرعي "سكان قطاع غزة لقد استأنف الجيش الإسرائيلي العمل بقوة ضد حماس في قطاع غزة" مطالبا "سكان مدينة جباليا (المقيمين في البلوكات: 1772، 1808، 1811، 961، 963، 760) وأحياء الشجاعية والزيتون والبلدة القديمة في غزة لإخلاء منازلهم فورا عبر محوري حيفا وخليل الوزير، والتوجه إلى مراكز الإيواء المعروفة والمدارس في حيي الدرج وتفاح وغرب مدينة غزة".
وتتقاذف إسرائيل وحماس المسؤولية عن إنهاء الهدنة التي أتاحت الإفراج عن أكثر من مئة رهينة مقابل إطلاق 240 أسيرا فلسطينيا إضافة إلى دخول مزيد من المساعدات إلى غزة.
وقالت حماس في بيان إنها اقترحت أن يتم "تبادل أسرى" بـ"مسنين" من بين الرهائن، وأن تُسلّم جثث رهائن إسرائيليين "قُتلوا في القصف الإسرائيلي".
وأعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة أنه تأكد من وفاة 5 من الرهائن الذين كانوا محتجزين في قطاع غزة وأبلغ عائلاتهم، قائلا إن الدولة العبرية استعادت جثة أحدهم.
واتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الحركة الإسلامية بـ"خرق الاتفاق" و"إطلاق صواريخ" باتجاه إسرائيل، وتوعدت حكومته بتوجيه "ضربة قاضية" لحماس.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن "أسفه العميق" لاستئناف القتال، آملا في "التمكن من تمديد الهدنة". وقال إن استئناف العمليات العسكرية "يظهر مدى أهمية التوصل إلى وقف إطلاق نار إنساني فعلي".
وعلى الحدود الشمالية لإسرائيل، استؤنف تبادل إطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله اللبناني حليف حماس. وأكد الحزب مقتل اثنين من عناصره جراء عمليات قصف إسرائيلي على جنوب لبنان حيث قتل مدني أيضا. وأعلن الحزب مسؤوليته عن هجمات ضد إسرائيل.
وأعلنت وزارة الدفاع السورية أن الجيش الإسرائيلي نفذ ضربات فجر السبت في محيط دمشق، من دون الإبلاغ عن وقوع إصابات على الفور.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن إن القوات الجوية الإسرائيلية قصفت "أهدافا لحزب الله" في حي السيدة زينب جنوبي دمشق.
وأسفر هجوم حماس عن نحو 1200 قتيل في إسرائيل غالبيتهم مدنيون حسب السلطات الإسرائيلية.
وتوعّدت إسرائيل بـ"القضاء" على الحركة الإسلامية. وأوقع القصف المكثف على غزة والذي ترافق اعتبارا من 27 أكتوبر مع عمليات برية واسعة داخل القطاع، قرابة 15 ألف قتيل، معظمهم مدنيون وبينهم أكثر من ستة آلاف طفل، وفق حكومة حماس.
وقالت المديرة العامة لليونيسف كاترين راسل في نيويورك "إذا استؤنفت أعمال العنف بهذا الحجم وهذه الشدة، يمكننا أن نفترض أن مئات الأطفال الآخرين سيُقتلون ويصابون كل يوم".
وبعد إطلاق سراح ما مجموعه 110 رهائن منذ بدء النزاع، بما في ذلك 105 خلال الهدنة، معظمهم نساء وقصّر لا يزال هناك 136 رهينة لدى حماس ومجموعات تابعة لها وفق السلطات الإسرائيلية.
وتجمع أقارب وداعمون للرهائن الجمعة في ساحة تل أبيب التي باتت تعرف باسم ساحة الرهائن.
وقال إيلان زكريا، عم الرهينة إيدن يروشالمي البالغة نحو عشرين عاما، إن الفرصة أتيحت من أجل "أن يخرج الناس وينضموا إلينا ويستأنفوا حياتهم"، مطالبا بـ"تحرير جميع" الرهائن.
وغداة زيارته إسرائيل قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن الولايات المتحدة، حليفة الدولة العبرية، ما زالت "تركز" على إطلاق الرهائن.
بدوره قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن "نواصل العمل مع إسرائيل ومصر وقطر لإعادة الهدنة إلى مسارها".
ودعت قطر التي تؤدي دور الوسيط، المجتمع الدولي إلى التحرك لأن استئناف القصف "يفاقم الكارثة الإنسانية" في غزة لكن نتانياهو قرر إعادة فريق جهاز الاستخبارات (الموساد) من الدوحة بعد بلوغ "طريق مسدود" في المفاوضات الرامية لتجديد الهدنة وتبادل محتجزين مع حركة حماس، وفق ما أعلن مكتبه السبت.
وقال المكتب في بيان "بعد بلوغ المفاوضات طريقا مسدودا وبتوجيه من رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، أمر رئيس الموساد ديفيد بارنياع فريقه الموجود في الدوحة بالعودة إلى إسرائيل".
وأتاحت الهدنة فترة هدوء لسكان غزة وسرّعت وتيرة المساعدات الإنسانية. وتوقف حاليا تدفق المساعدات التي سبق للأمم المتحدة أن قالت أصلا إنها غير كافية إلى حد كبير.
وقال مسؤول الإعلام في معبر رفح (جنوب) وائل أبو عمر "لم تدخل أي شاحنة مساعدات منذ استئناف القصف الإسرائيلي لكن ثمة استعدادات جارية لإجلاء عدد من الجرحى".
وباتت الاحتياجات هائلة في القطاع الخاضع لحصار إسرائيلي، حيث تعرض أكثر من نصف المساكن لأضرار أو دُمّر ونزح 1.7 مليون شخص بسبب الحرب وفق الأمم المتحدة.
ويشهد الوضع الصحي تدهورا إذ تحدثت منظمة الصحة العالمية عن وجود 111 ألف إصابة بالتهاب الجهاز التنفسي الحاد و36 ألف حالة إسهال لدى أطفال دون الخامسة بين النازحين في غزة.
وعبّرت مروة صالح (47 عاما) التي وصلت إلى خان يونس (جنوب) بعد نزوحها من مدينة غزة (شمال) عن يأسها قائلة "ثمة قصف في كل مكان. لا طعام ولا ماء ولا ملابس لدينا. المتاجر فارغة، الجو بارد والمنفذ الحدودي مغلق" مع مصر.
وقالت "متى سيرانا العالم كبشر؟ عائلتي وأنا مدنيون، لا علاقة لنا بهذه الحرب".
وحذر مفوض عام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" فيليب لازاريني، السبت في تدوينة نشرتها "أونروا" على حسابها الرسمي عبر منصة "إكس". من أن "الهجوم الإسرائيلي على جنوب قطاع غزة قد يدفع مليون لاجئ إلى الحدود المصرية".
وأضاف المسؤول الأممي، "إذا كان هناك قتال، فمن المرجح أن يرغب سكان غزة في الفرار إلى المناطق الجنوبية، وإلى ما وراء الحدود". كما حذر من أن "الهجوم الإسرائيلي على جنوبي غزة قد يدفع مليون لاجئ إلى الحدود المصرية".