غرق عبّارة بدجلة يحوّل أعياد نوروز في الموصل إلى مآتم

نتيجة مباشرة لانتشار الفساد وغياب الدولة وانعدام رقابتها على قطاعات حساسة.
الجمعة 2019/03/22
موعد جديد مع المآسي

هلاك العشرات في حادث انقلاب عبّارة بمياه دجلة في الموصل هو نموذج آخر عن تعاضد الفساد والإهمال والفشل الحكومي والإداري، وتحوّلها معا إلى نوع آخر من الإرهاب الذي خبره سكان الموصل جيّدا وعانوا ويلاته طيلة احتلال تنظيم داعش لمدينتهم ولم يتجاوزوا بعد آثاره النفسية والمادية.

الموصل (العراق) - أشاع هلاك العشرات من العراقيين، الخميس، في حادث انقلاب عبّارة في نهر دجلة بمدينة الموصل شمالي العراق، حالة من الحزن والغضب بين أهالي المدينة التي لم يتجاوز سكانها بعد الآثار النفسية والمادية لحرب استعادتها من تنظيم داعش وما خلّفته من مآس.

وفيما تسابق سياسيون عراقيون ومسؤولون بالدولة، في إدانة المتسببين في الحادث الذي تجاوز عدد ضحاياه إلى حدود مساء الخميس، 103 أشخاص والمطالبة بمحاسبتهم، تهاطلت ردود الفعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي من سكاّن محليين ونشطاء من كل أنحاء العراق، مندّدة بالطبقة السياسية ومعتبرة حادثة العبّارة نتيجة مباشرة لانتشار الفساد وغياب الدولة وانعدام رقابتها على قطاعات حساسة من ضمنها قطاع النقل.

وأذكت ردود الفعل تلك أنباء عن تواطؤ السلطات المحلّية في الموصل مع مالكي العبّارات التي تؤمّن نقل العابرين إلى الجزيرة السياحية في الموصل والسماح لهم بتحميلها بأضعاف حمولتها الأصلية رغم قدم أغلبها وتهالكها.

بينما أرجعت مصادر، الحادثة إلى تقصير في إعلام القائمين على الجزيرة السياحية عن الرفع في إطلاق منسوب المياه من سدّ الموصل.

وشكّكت المصادر في أن عدم الإعلام هو بهدف عدم إيقاف نشاط الجزيرة السياحية في ذروة الإقبال عليها بمناسبة الاحتفال برأس السنة الفارسية المعروف بنوروز.

وأعلنت وزارة الداخلية العراقية، الخميس، انتشال 71 جثة من مياه دجلة تعود لنساء وأطفال ورجال وإنقاذ 55 شخصا بينهم 19 طفلا.

تجاوز الحمولة القصوى للعبارة وعدم الإعلام برفع منسوب إطلاق المياه في دجلة من سد الموصل وراء الحادثة المأساوية

وأرجع بيان صدر عن المتحدث باسم الوزارة اللواء سعد معن أسباب غرق العبارة إلى أنّ “طاقتها الاستيعابية كانت أقل من العدد الذي كان على متنها، ولذلك فإن الخلل واضح من خلال التحقيقات الأولية”، فيما قال مصدر بالشرطة النهرية، بالموصل إن العبّارة كانت تحمل أكثر من 170 شخصا وهو ما يفوق طاقتها بكثير‎.

ولن يخلو هلاك هذا العدد الكبير من المدنيين في حادثة العبّارة من حرج للحكومة العراقية التي تلاحقها تهم التقصير في معالجة الأوضاع السيئة التي خلّفتها حرب داعش في مدينة الموصل ومحافظة نينوى على وجه العموم، وبطئها في إعادة الإعمار وبسط الأمن والاستقرار هناك، بينما تلاحق الحكومة المحلّية تهم الفساد وإهدار الأموال المخصصة لترميم البنى التحتية وإعادة الخدمات.

وجاء حادث غرق العبّارة في مياه دجلة أياما قليلة بعد انهيار جسر على النهر ذاته لم تمض على إقامته سوى أشهر، وذلك نتيجة التلاعب في مواصفاته الفنيّة لتوفير جزء من المخصصات المالية التي رصدت لإنشائه، بهدف توزيعها على عدد من المسؤولين المحلّيين.

وأمر رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي بفتح تحقيق فوري بحادث غرق العبارة وطالب الجهات المختصّة بمدّه بتقرير عن الحادث خلال أربع وعشرين ساعة “لإظهار الحقيقة والكشف عن المتسببين فيه”.

وقال المكتب الإعلامي لعبدالمهدي إنّ الأخير “وجه باستنفار كل جهود الدولة، ومتابعة عمليات الإنقاذ والبحث عن الغرقى والمفقودين وتقديم العلاج واستنفار الكوادر الصحية والطبية والإغاثية”، مضيفا “رئيس الوزراء يتابع بألم وحزن حادثة عبّارة الجزيرة السياحية في مدينة الموصل التي أودت بحياة العشرات من الأبرياء، نساء ورجالا وأطفالا”.

وربط محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي الحادثة بالإهمال وعدم مبالاة المسؤولين المحليين.

وبيّن في تغريدة عبر تويتر أنّه كان يتعين على الجهات الرسمية إبلاغ القائمين على الجزيرة السياحية بضرورة إيقاف نشاط الجزيرة عند الرفع في مستوى إطلاق المياه في دجلة من سد الموصل إلى ما فوق 1000 متر مكعب في الثانية كما كان يحدث سابقا، مؤكّدا أنّ منسوب إطلاق المياه بلغ 1400 متر مكعب في الثانية فيما الجزيرة السياحية واصلت ممارسة نشاطها.

ومن جانبه دعا زعيم ائتلاف الوطنية إياد علاوي إلى عدم ركن نتائج التحقيق بحادث العبارة ب‍الموصل على الرف، معتبرا أن الموصل ضحية الفساد والإهمال.

3