غازبروم تمدد تعليق إمدادات الغاز إلى أوروبا

موسكو - نسف فيتالي ماركيلوف نائب الرئيس التنفيذي لشركة غازبروم الروسية أي فرصة لعودة إمدادات الغاز إلى أوروبا، في خطوة أخرى تفاقم المعركة التجارية على هذا المورد بين موسكو وبروكسل.
وقال ماركيلوف في مقابلة مع وكالة رويترز الثلاثاء إن أكبر خط أنابيب روسي للغاز الطبيعي إلى أوروبا “لن يستأنف الضخ حتى تصلح شركة سيمنز إنرجي المعدات المعيبة”.
وتواجه أوروبا أسوأ أزمة في إمدادات الغاز على الإطلاق، مع ارتفاع أسعار الطاقة حتى أن المستوردين الألمان يناقشون التقنين المحتمل في أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي بعد أن خفضت روسيا التدفقات غربا.
وذكرت غازبروم الجمعة الماضي أن خط أنابيب نورد ستريم 1، طريق الإمداد الرئيسي في أوروبا، سيظل مغلقا لأن التوربينات في محطة ضاغط قد تسرب زيت المحرك، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الغاز بالجملة.
فيتالي ماركيلوف: لن يُستأنف الضخ حتى تصلح سيمنز المعدات المعيبة
ولدى سؤاله عن موعد بدء نورد ستريم 1 ضخ الغاز مرة أخرى، قال ماركيلوف على هامش المنتدى الاقتصادي الشرقي في ميناء فلاديفوستوك الروسي على المحيط الهادئ “يجب أن تسأل شركة سيمنز. عليهم إصلاح المعدات أولا”.
وردا على الخطوة الروسية أكدت شركة سيمنز إنرجي، ومقرها ميونخ بألمانيا، في بيان الثلاثاء أنها لم تفهم عرض غازبروم للوضع.
وأوضحت أن تسرب زيت المحرك في آخر توربين متبقّ قيد التشغيل في محطة ضاغط بورتوفايا لا يشكل سببا لإبقاء خط الأنابيب مغلقا.
وقالت “لا يمكننا استيعاب هذا التمثيل الجديد بناء على المعلومات المقدمة إلينا خلال عطلة نهاية الأسبوع”.
وأضافت سيمنز “لذلك وحتى إشعار آخر، فإن تقييمنا هو أن النتيجة التي تم إرسالها إلينا لا تمثل سببا تقنيا لإيقاف التشغيل. مثل هذه التسريبات لا تؤثر عادة على تشغيل التوربينات ويمكن إغلاقها في الموقع”.
ويلقي الكرملين باللوم في أزمة الطاقة على العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا بسبب ما يسميه الرئيس فلاديمير بوتين “عمليتها العسكرية الخاصة” في أوكرانيا. ويقول زعماء أوروبيون إن موسكو تستخدم الطاقة لابتزاز الاتحاد الأوروبي.
ونورد ستريم 1، الذي يمتد تحت بحر البلطيق إلى ألمانيا، هو إلى حد بعيد أكبر خط أنابيب غاز روسي إلى أوروبا، ويحمل ما يصل إلى 59.2 مليار متر مكعب من الغاز سنويا.
وكان هذا الخط يعتبر رمزا للتعاون بين واحدة من أكبر قوى الطاقة في العالم ورابع أكبر اقتصاد في العالم، وأصبح الآن موضوع تبادل الاتهامات بين برلين وموسكو.
ويقول سياسيون أوروبيون إن بوتين، الزعيم الأعلى لروسيا منذ اليوم الأخير من عام 1999، يستخدم نفوذه كرئيس لواحدة من أكبر قوى الطاقة في العالم لإذكاء الخلاف في أوروبا بشأن الصراع في أوكرانيا.
ويرفض السياسيون في الاتحاد الأوروبي تفسيرات شركة غازبروم بشأن قضايا التوربينات كذريعة.
لكن موسكو تقول إن الغرب تسبب في أزمة الطاقة بفرضه أشد العقوبات في التاريخ الحديث، وهي خطوة يقول بوتين إنها أقرب إلى إعلان حرب اقتصادية.
وحذرت أيضا من أنها سترد على اقتراح مجموعة السبع بفرض حد أقصى لسعر النفط الروسي، وهي خطوة من غير المرجح أن تضر روسيا ما لم تحذو الصين والهند حذوها.
وقال وزير الطاقة الروسي نيكولاي شولجينوف الثلاثاء في فلاديفوستوك إن بلاده “ستستجيب للحد الأقصى للسعر بشحن المزيد من النفط إلى آسيا”. وأضاف “روسيا وشركاؤها يفكرون في إنشاء شركة تأمين لتسهيل تجارة النفط”.
وفي خضم كل هذه المعمعة، يُسارع المستثمرون إلى بيع الأسهم الأكثر تعرضا لأزمة الطاقة بعدما وجهت موسكو ضربة جديدة بعدم استئناف توريد الغاز عبر خط أنابيب نورد ستريم.
وتحمّلت القطاعات الأكثر حساسية لصدمة الغاز وطأة عمليات البيع ومن بينها الصناعات والكيمياويات والبناء والسيارات والطاقة والمرافق.
ومن بين هذه الشركات تيسين كروب لصناعة الصلب وفاليو لصناعة لقطع غيار السيارات وباسف للكيمياويات وسي.أي.أي دي سانت – غوبان للأسمنت ويونيبر أس.إي للغاز.
وارتفعت أسعار الغاز بأكثر من 30 في المئة الاثنين الماضي، كرد فعل للمتداولين على قرار روسيا بالإبقاء على خط مغلق إلى أجل غير مسمّى.
وتدفع الزيادة الأخيرة المزيد من الشركات الصناعية إلى تقليص عملياتها، حيث خفضت شركتا الأسمدة يارا إنترناشونال وغروبا أزوتي إنتاجهما.
وحصدت روسيا إيرادات بقيمة 158 مليار يورو من صادرات الوقود في خلال ستة أشهر منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، مستفيدة من ارتفاع الأسعار، وفقا لتقرير صادر عن مركز أبحاث مستقل نُشر الثلاثاء ودعا إلى فرض عقوبات أكثر فعالية.
وأفاد تقرير مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف (سي.آر.إي.أي) ومقره فنلندا أن “ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري يعني أن الإيرادات الحالية لروسيا أعلى بكثير من عائدات السنوات السابقة على الرغم من انخفاض حجم الصادرات”.
وقال معدو التقرير إن “صادرات الوقود الأحفوري ساهمت بنحو 43 مليار يورو في الميزانية الروسية، مما ساعد في تمويل جرائم الحرب في أوكرانيا”.
وقدر مركز سي.آر.إي.أي أن المستورد الرئيسي للوقود الأحفوري الروسي كان الاتحاد الأوروبي خلال تلك الفترة مقابل 85.1 مليار يورو تليه الصين وتركيا.
وقرر الاتحاد فرض حظر تدريجي على وارداته من النفط والمنتجات البترولية من روسيا، كما أنهى بالفعل مشترياته من الفحم لكن ليس من الغاز الروسي الذي يعتمد عليه بشدة.
ومع ذلك، يعتقد مركز الأبحاث أن الحظر الأوروبي على الفحم الذي صار نافذا في العاشر من أغسطس الماضي، أوتى ثماره إذ انخفضت الصادرات الروسية منذ ذلك الحين إلى أدنى مستوى لها منذ غزو أوكرانيا. وكتب معدو التقرير “فشلت روسيا في العثور على مشترين آخرين”.
ومن ناحية أخرى، يرى المركز أن هناك حاجة إلى اعتماد لوائح “أقوى” لمنع النفط الروسي من دخول الأسواق التي يُفترض أن يكون محظورا فيها.
ويوضح أن من السهل جدا الالتفاف على العقوبات الغربية اليوم. ويعرب المؤلفون عن اعتقادهم بأن “الاتحاد الأوروبي يجب أن يحظر استخدام السفن والموانئ الأوروبية لنقل النفط الروسي إلى دول ثالثة”.
وبرأي معدي التقرير، فإن المملكة المتحدة مدعوة إلى حظر مشاركة قطاع التأمين فيها في مثل هذا النقل الدولي.