عُمان توسع رقعة الاستثمار في ثروات الغاز

الحكومة تعقد شراكة مع عملاقي الطاقة شل وتوتال للتنقيب في منطقة الامتياز أم السميم.
الجمعة 2022/09/16
أسرعوا بالحفر بعد جلسة التصوير!

تتطلع سلطنة عُمان عبر خطة طموحة لجعل قطاع الغاز مجالا إستراتيجيا مساهما في نمو الاقتصاد مستقبلا من خلال توسيع رقعة الاستثمار في هذا المورد بجذب أكبر شركات الطاقة العالمية، وهو ما من شأنه تحقيق عوائد أكبر تسهم في تجسيد برنامج الإصلاح.

مسقط - قطعت الحكومة العمانية خطوة في سياق تفعيل إستراتيجيتها لتنمية ثروات الغاز بعقد شراكة جديدة تشمل عملاقي الطاقة شل وتوتال للتنقيب عن هذا المورد ولتلبية الاحتياجات المحلية بشكل أكبر وتعزيز دوره بالاقتصاد في مرحلة لاحقة عبر زيادة الصادرات.

ويسعى البلد الخليجي بفضل مؤهلاته الكبيرة غير المستكشفة في مجال الطاقة لتأكيد موقعه كمنصة آمنة وواعدة قادرة على جذب المستثمرين الأجانب وتحفيزهم على دخول القطاع، الذي يضطلع بدور محوري في التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

لكن العديد من خبراء الطاقة يؤكدون أيضا على أهمية دور سلطنة عُمان في توسيع إنتاجها من الغاز وتأمين الإمدادات الدولية وخاصة إلى الأسواق التي تحتاج إلى هذه المورد بشكل كبير وخاصة آسيا وأوروبا.

ووقّعت وزارة الطاقة والمعادن الخميس مع شركة شل عُمان للاستكشاف والإنتاج (عُمان شل)، وشركائها أوكيو وتوتال للطاقة على اتفاقية للتنقيب ومشاركة الإنتاج في منطقة الامتياز رقم 11 بغرض التنقيب وتطوير الغاز والمكثفات في المنطقة.

سالم العوفي: نريد الحصول على أعلى قيمة لسلسلة التوريد المحلية

وتقع منطقة الامتياز المعنية بالاستكشاف في الجزء الغربي من سلطنة عُمان وذلك بمنطقة أم السميم وما حولها.

وأوضح سالم العوفي وزير الطاقة عقب توقيع الاتفاقية أن الوزارة تعمل باهتمام مستمر على تعزيز احتياطات سلطنة عُمان من الغاز الطبيعي من خلال أنشطة التنقيب والاختبار والتقييم التي تقوم بها الشركات الاستكشافية والمنتجة للغاز.

ونسبت وكالة الأنباء العمانية الرسمية إلى العوفي قوله “نعزز علاقاتنا الإستراتيجية بما يخدم تطلعاتنا في القطاع مع الشركات التي وقعنا معها اليوم شل وأوكيو وتوتال للطاقة وشركائنا الآخرين لضمان أمن الطاقة لسلطنة عُمان”. وأضاف “نسعى إلى جذب الاستثمارات الخارجية والحصول على أعلى قيمة لسلسلة التوريد المحلية”.

وبموجب الشراكة، ستكون عُمان شل المشغل الحصري بحصة تبلغ 67.5 في المئة، فيما تستحوذ توتال على 22.5 في المئة، وستذهب عشرة في المئة إلى شركة أوكيو.

وتشمل اتفاقية أنشطة التنقيب القيام بمسوحات جيوفيزيائية تغطي 1400 كيلومتر مربع في المنطقة المعنية بنهاية هذا العام. ويُتوقع أن تُتبع بحفر عدة آبار استكشافية.

وقال وليد هادي رئيس شركات شل عُمان إن “الشراكة ستسهم بشكل كبير في تعزيز أنشطة الشركة المتكاملة في الغاز، ودعم القيمة في سلطنة عُمان وللمساهمين”.

ومن المتوقع أن يسهم الغاز الذي سيتم استخراجه من منطقة الامتياز المذكورة في تحقيق “رؤية 2040” من حيث توفير طاقة إضافية للصناعات المحلية، وكذلك المساهمة في تنويع مصادر الدخل.

وتشير التقديرات الرسمية إلى أن الاحتياطات المؤكدة من الغاز الطبيعي في البلاد تبلغ نحو 24 تريليون قدم مكعب (672 مليار متر مكعب).

وبحسب بيانات شركة بريتيش بتروليوم (بي.بي) فقد حلت عُمان العام الماضي في المركز السادس عربيا من حيث الإنتاج بواقع 41.8 مليار متر مكعب خلف كل من قطر والسعودية والجزائر ومصر والإمارات.

وفي وقت سابق هذا الشهر، ذكرت مؤسسة “إنرجي أنتليجنس” المتخصصة بالطاقة أن مسقط تدرس إنشاء شركة جديدة بحلول نهاية هذا العام مكلفة بإدارة القطاع، لاسيما وأن الحكومة تستعد لإعادة التفاوض على كافة عقود البيع الحالية التي تنتهي في 2025.

وشهدت إيرادات الشركة العُمانية للغاز الحكومية بنهاية العام الماضي نموا بمقدار 31 في المئة لتبلغ قرابة 3.3 مليار دولار بمقارنة سنوية بفضل الانتعاش النسبي الذي شهده قطاع الطاقة العالمي.

وتأثرت المالية العامة للسلطنة جراء الضربة المزدوجة لتفشي الجائحة وانخفاض أسعار النفط قبل أن تتعافى أسواق الطاقة منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا قبل ستة أشهر مما أشاع التفاؤل بين المسؤولين العمانيين من إمكانية تحقيق فوائض مالية كبيرة هذا العام.

 مسقط تغير إستراتيجياتها في قطاع الطاقة لزيادة عوائدها المالية
 مسقط تغير إستراتيجياتها في قطاع الطاقة لزيادة عوائدها المالية

وغيّرت مسقط إستراتيجياتها في قطاع الطاقة لزيادة عوائدها المالية التي تراجعت بسبب تهاوي أسعار النفط وتداعيات جائحة كورونا، لاسيما مع استمرار تذبذب الاقتصاد المحلي بسبب تقلص العوائد النفطية.

ومع أن صناعة الغاز لم تسلم من تأثيرات أزمة الوباء، لكن خبراء يؤكدون أن الأوضاع قد تتغير مع مرور الوقت، وقد تستفيد مسقط من مشاريعها في هذا المضمار على المدى الطويل.

ولدى الحكومة خطة كانت قد اعتمدتها قبل سنوات تضمنت العديد من الشراكات يقول محللون إنها ستمهد لفتح الباب أمام تعزيز تجارة الغاز في العديد من الأسواق، وهو ما سيجعلها تحقق عوائد ترفد بها خزينة الدولة بشكل مستدام.

وكانت مجموعة أوكيو قد دشنت في يناير الماضي في صلالة أول مصنع من نوعه لمعالجة الغاز في سلطنة عُمان ما يعزز مكانة البلد لتكون مصدّرة لمنتجات الطاقة في العالم ضمن جهود تطوير صناعات جديدة في قطاع البتروكيميائيات.

24

تريليون قدم مكعب الاحتياطات المؤكدة من الغاز في البلاد وفق التقديرات الرسمية

ويُمثل المصنع البالغة تكلفته نحو 827 مليون دولار أحد أهم مشاريع الطاقة المهمّة، حيث سيُسهم في تعزيز سلسلة قيمة الغاز في البلد الخليجي من خلال استخلاص سوائل الغاز الطبيعي عن طريق شبكات وخطوط الغاز.

وفي يوليو الماضي رفعت “بي.بي” عُمان حجم إنتاج الغاز في حقلي خزان وغزير، من مليار قدم مكعبة يوميا إلى 1.5 مليار قدم مكعب يوميا.

وذكرت الشركة التابعة لعملاق النفط البريطاني حينها أنها ستزيد كمية إنتاج المكثفات المصاحبة لتشكل هذه الزيادة قيمة إضافية كبيرة للاقتصاد العماني وللشركاء في منطقة الامتياز.

وتعتبر منطقة الامتياز للحقلين أحد أكبر مشاريع تطوير الغاز الضيق المكامن في الشرق الأوسط، وتبلغ مساحة المنطقة الإجمالية قرابة 4 آلاف كيلومتر مربع.

وكان الإنتاج من حقل خزان بدأ عام 2017، فيما بدأ الإنتاج بحقل غزير في أكتوبر الماضي، وتقدر مواد الغاز القابلة للاستخراج من المنطقة بنحو 10.5 تريليونات قدم مكعب.

وتتيح منطقة الامتياز توفير نحو 30 في المئة من الطلب المحلي للغاز، والذي يشمل توزيعه قطاعي الصناعة والطاقة من خلال الشبكة المحلية ويستخدم في محطات الطاقة ومادة وسيطة للصناعات إضافة إلى الشركة العُمانية للغاز الطبيعي المسال.

ومن المتوقع أن تسهم المشاريع القائمة في قطاع الغاز ومنها مشروع جبال خف وشركة شل لتطوير الامتياز رقم 10 والامتياز رقم 77 من قبل شركة “أي.دي.أي” الإيطالية في تطوير عمليات الإنتاج.

11