عُمان توجه أنظارها إلى الاستثمار في صناعة الترفيه

وجهت سلطنة عُمان أنظارها إلى صناعة الترفيه لإنجاح استراتيجيتها بعيدة المدى في إطار خططها لإعادة هيكلة الاقتصاد والتي يتوقع أن تجلب إلى خزائنها المليارات من الدولارات مستقبلا ضمن مساعي اللحاق بركب جيرانها الخليجيين.
مسقط - تدرس الحكومة العمانية الدخول في طريق الاستثمار في مجال الترفيه أملا في تحقيق إيرادات مستدامة لتحقيق أقصى استفادة منه لدعم قطاع السياحة وفق برنامج الإصلاح الاقتصادي.
واتجه البلد الخليجي الذي يعد الأضعف اقتصاديا بين جيرانه الخليجيين إلى تنويع اقتصاده مُركزا على السياحة كبديل واعد للطاقة التي شكلت في الأعوام التي سبقت ظهور الجائحة 86 في المئة من إيرادات الدولة، فيما ارتد تراجع أسعار النفط بشكل سلبي على موازنته.
وصناعة السياحة في عُمان أمام منافسة قوية من دول المنطقة، فدبي تعد إحدى أبرز الوجهات السياحية في منطقة الشرق الأوسط بفضل البنية التحية الضخمة وإتاحتها لكل التسهيلات لجذب الزوار الأجانب.
كما أن السعودية، وهي أكبر الاقتصادات العربية، قامت بتنويع أشكال السياحة الأخرى غير الدينية، بضخ استثمارات فوق 50 مليار دولار منذ العام 2016 لتحقيق أهداف “رؤية 2030”.

سالم المحروقي: نعكف على بناء السياحة وخاصة الاستثمار في الترفيه
وكشف سالم المحروقي وزير التراث والسياحة أن الوزارة تعكف في هذه المرحلة على الحفاظ على ما تم إنجازه في القطاع السياحي وتطويره لتحقيق المستهدفات المطلوبة وخاصة الاستثمار في الترفيه.
ونسبت وكالة الأنباء العمانية الرسمية إلى المحروقي قوله إن “السياحة قطاع مُمكنٌ وحاضنٌ وقادر على أن يسهم في التنمية مع بقية القطاعات المعنية”.
وتزخر العديد من محافظات عُمان وولاياتها بمقومات سياحية متنوعة وبمناطق ذات تنوع جيولوجي، تتراوح بين الصحاري الشاسعة والسهول المنبسطة والأودية العميقة، إلى جانب الجبال الشاهقة والسواحل والشواطئ الممتدة.
وتؤهل هذه المقومات التاريخية والطبيعية عُمان لتصبح مركزا سياحيا واعدا في المنطقة، حيث يمثل هذا القطاع أحد أهم روافد الدخل في الرؤية المستقبلية “عُمان 2040”.
ومن الواضح أن الأزمة الصحية كانت أحد الدوافع لتسريع إدخال السياحة بكل مجالاتها المختلفة في مرحلة جديدة لتواكب القطاعات الأخرى المدرة للدخل عبر جذب الاستثمارات في البنية التحتية وتوفير أجود الخدمات.
وكانت مسقط قد وضعت قدما في السنوات الثلاث الماضية باتجاه الاستفادة بشكل أكبر من السياحة مستقبلا في أعقاب إقرار حزمة من الإعفاءات الضريبية لتحفيز الاستثمار في هذا القطاع الحيوي.
وأعلن المحروقي أن مسقط ستدشن مشاريع جديدة في الخريف المقبل بمحافظة ظفار تتمثل في مرفق خدمي في سهل أتين حمرير والمغسيل ودربات، وسيتم تدشين الحبل الانزلاقي في مسندم قريبا.
كما أن هناك توجها لإقامة مهرجان للتراث البحري في ولاية صور ولكن بسبب الجائحة تم تأجيله.
وأكد المحروقي أن المواقع المسجلة في قائمة التراث العالمي سيتم طرحها ضمن مناقصات لإنشاء مركز للزوار في دبا وقلهات وبات بحيث تكون مكتملة الخدمات.
ومن المتوقع أن يتم تدشين مشروع الشرق في المدينة الزرقاء بحلول العام 2024 وهو يعد أحد المشاريع الترفيهية الكبيرة إلى جانب مشروع منتجع النخيل الذي سيبدأ العمل فيه ومشروع آخر في ولاية قريات.
وتعتبر سياحة المغامرات من المزايا التي تنفرد بها عُمان لامتداد التضاريس المتنوعة والمختلفة. وقد انتهت وزارة السياحة من وضع اشتراطات السلامة لجذب الزوار إليها.
ولم تصدر الحكومة حتى الآن أي بيانات حول نتائج أعمال السياحة خلال العام الماضي، لكن المؤشرات المعلنة تظهر أن نسب إشغال المنشآت الفندقية في الأشهر التسعة الأولى من 2021 ارتفعت بنحو 37.9 بمقارنة سنوية.
وفي العام الذي سبق تفشي الجائحة ارتفعت السياحة الوافدة إلى السلطنة بنسبة 9.4 في المئة إلى 3.5 مليون سائح، صعودا من 3.2 مليون في العام 2018، بينما لم يتم إحصاء عام 2020 مع توقف حركة السياحة عالميا نتيجة الأزمة الصحية.
ولم يخف المحروقي مدى تأثير الجائحة على مسار الكثير من المشاريع السياحية بالإضافة إلى توفير التمويلات ولذلك تعمل وزارة السياحة على إطلاق برامج تمويلية وحوافز وتسهيل القوانين لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة بالقطاع.
وقال إن “نحو 90 في المئة من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة حول العالم تعمل في السياحة وبالتالي فإن من المهم دعمها في عُمان من خلال برامج تمويلية ميسرة ونسبة إعفاء منخفضة سوف تسهم في تطوير القطاع بشكل كبير”.
وتستعد الحكومة لإطلاق قانون جديد يدعم السياحة، وستأخذ اللائحة التنفيذية الجديدة في الاعتبار متطلبات الخطط التشغيلية والتنمية في “رؤية 2040”.
وتهدف السلطنة من وراء هذا القانون إلى رفع معدل الاستثمارات المحلية والدولية في السياحة بغية استقطاب 11.7 مليون زائر بحلول 2040، بينهم خمسة ملايين من الأسواق الدولية.
وأوضح المحروقي أن العمانيين يصرفون خلال سياحتهم في الخارج نحو 700 مليون ريال تقريبا سنويا (1.8 مليار دولار) وبالتالي فإن البرنامج الاستثماري والمشروعات الترفيهية داخل سلطنة عُمان سوف تسهم في تقليل الفجوة بين السياحة الداخلية والخارجية.
وقررت الحكومة الصيف الماضي منح تأشيرات إقامة طويلة الأجل لمستثمرين أجانب، فيما تطبق الدولة الخليجية المثقلة بأعباء الدين إصلاحات واسعة لتصحيح أوضاعها المالية الواهنة.
ورأى محللون أن هذا القرار سيدعم مناخ الأعمال وسيعمل على توفير بيئة جاذبة ومشجعة على نمو ونجاح المشروعات الاستثمارية، وخاصة في القطاع السياحي، وسيعطي الوجهة العمانية مكانة تنافسية إقليميا ودوليا.